مركز الدراسات الدولية: المجاعة تحوم فوق المغرب

03 يونيو 2014
تنقية القمح في المغرب (فضل سنا/فرانس برس/GETTY)
+ الخط -
أظهرت دراسة حديثة قام بها الباحث الأميركي ديفيد أرشيبالد لصالح مركز الدراسات الدولية، وهو مركز الأبحاث الإستراتيجية في واشنطن، أن المغرب سيكون من بين الدول العربية المهددة بالمجاعة وفقدان السيادة الغذائية.

وكشفت إحصائيات نشرها موقع  "أميزين مابس"، المتخصص في الخرائط الإحصائية، أن نسبة المغاربة الذين يعانون من سوء التغذية انخفض إلى 9%، وأن 7 ملايين مغربي يعيشون بأقل من 3 دولارات في اليوم.

دراسة الباحث الأميركي والمتعلقة أساساً بالصراع العربي - الإسرائيلي من الجانب الغذائي، أشارت إلى أن المغرب اليوم لا يطعم سوى ثلث سكانه، إذ يتمكن بالكاد من توفير حاجيات 13 مليون نسمة (أقل من نصف السكان) من المواد الأساسية، بينما تغطي الواردات حاجيات بقية سكان المغرب. 

ووفق الدراسة، فإن كلفة إبقاء مواطن مغربي على قيد الحياة، هي بحدود 0.27 دولاراً يومياً، وهي الكلفة التي سترتفع تدريجياً لتصبح جميع دول المنطقة العربية، بما فيها المغرب، عاجزة عن الاستيراد لتغذية مواطنيها، حيث ستصبح الحبوب، على وجه الخصوص، موضوعاً لمضاربات وممارسات تجارية تجعلها حكراً على الأغنياء.

سبب ارتفاع الأسعار

وتضمنت الدراسة جرداً شاملاً لعدد من الدول، أظهر أن بعض الدول العربية الأخرى تعيش نفس الوضع الذي يعاني منه المغرب، بحيث أن مصر مثلاً تنتج ما يكفي لأقل من 50 مليون نسمة، مع أن عدد سكانها حوالي 90 مليون نسمة، بينما نجد استثناءً في الدراسة فيما يخص كلاً من إيران وأفغانستان حيث تنتج إيران من الطعام ما يكفي لحوالي 55 مليون نسمة، وأفغانستان ما يكفي لأكثر من 20 مليون نسمة.

ما يؤكد هذه التكهنات، حسب الخبير الأمريكي، هي الزيادة الكبيرة التي عرفتها واردات المغرب من المواد الغذائية الأساسية منذ سنة 2005 والتي ارتفعت بمعدل 15% سنوياً، فضلاً عن تسجيل عجز بين الواردات والصادرات الغذائية منذ 2007، إضافة إلى عدم قدرة قطاع الصناعات الغذائية على تقوية أدائه، مع التسجيل أن المغرب يستورد عدداً من المواد الغذائية غير الأساسية.

وحسب الدراسة ذاتها فالنمو الديمغرافي المتزايد، والعوامل المناخية المستمرة في التردي وجمود الانتاج العالمي من الحبوب منذ سنة 2000 سيؤدي إلى ارتفاع تدريجي في أسعار هذه المواد الغذائية الحيوية وخضوعها أكثر للتخزين التجاري والمضاربة.

ضعف الأمن الغذائي

الخبير الاقتصادي المغربي، نجيب أقصبي، أكد في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن العالم العربي بصفة عامة، يعيش في تبعية غذائية بنيوية خاصة فيما يتعلق بالمواد الأساسية الخمس الحيوية (الحبوب، السكر، الزيوت، الحليب ومشتقاته واللحوم).

واعتبر أقصبي أن "منطق السوق" لم يعد ساري المفعول في الوقت الحالي، بل إن عوامل سياسية وجيوستراتيجية هي التي تتحكم في الأسعار وكمية المنتجات الغذائية.

وشدد على أن قضية الأمن الغذائي هي من الاشكاليات الكبرى التي لا يجب التعامل معها كمعادلة اقتصادية أو مالية، بل انسانية.

وخلص أقصبي إلى أن الأمن الغذائي مرتبط بقدرة الدول على امتلاك القرار السياسي أولاً، وبالقدرة على تحقيق السيادة الغذائية التي تنعكس بصفة مباشرة على تحكمها في سيادتها السياسية والجيوستراتيجية، عن طريق تأمين الحد الأدنى من الإنتاج.

وقد سجلت أسعار الغذاء أول ارتفاع لها منذ عامين، بزيادة 4 في المئة بين يناير/كانون أول وأبريل/نيسان الماضي، وفق آخر تقرير للبنك الدولي. وأشار التقرير إلى أن "هذا أول ارتفاع في أسعار الغذاء منذ الهبوط المتواصل الذي شهدته في أغسطس/آب من العام 2012". 

المغرب الأخضر

من جهة أخرى، انتقد أقصبي السياسة التي تتبعها الحكومة المغربية فيما يعرف بـ"مخطط المغرب الأخضر"، معتبراً أن هذا المخطط يكرس اللا أمن الغذائي بسبب عدم الاهتمام بإنتاج المواد التي تستهلك داخلياً.
أضاف أن المغرب انتقل من مصدَر للقمح خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي، إلى مستورد له منذ أكثر من 30 سنة.

وحسب إحصائيات لوزارة الفلاحة والصيد البحري، فإن القطاع الفلاحي ما بين 2008 و2012، سجل ارتفاعاً في المغرب في نسبة الاستثمار لكل عامل فلاحي بأكثر من 18%، وارتفاع حجم المساحات المزروعة بنسبة 11% بزيادة بلغت 750 ألف هكتار، ونسبة استعمال الميكنة الفلاحية من 5 إلى 7.6 جرار لكل ألف هكتار بارتفاع فاق 36%.