إسرائيل تسطو على 4 حقول غاز فلسطينية

11 فبراير 2014
+ الخط -
القاهرة/ أشرف عبد العزيز 

"الاحتلال الإسرائيلي يسابق الزمن للاستيلاء على حقوق الفلسطينيين النفطية في البحر المتوسط. ولا بد من تدارك الأمر ، فالوقت لا يحتمل".

هذا ما قاله الجيولوجي أحمد عبد الحليم حسن رئيس هيئة المساحة الجيولوجية السابق في مصر، في مقابلة خاصة مع "الجديد".

وبلهجة جازمة أوضح عبد الحليم، أن "تل أبيب" تتجاهل جميع العقود والاتفاقيات المبرمة مع السلطة الفلسطينية وبرعاية الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا ومصر، مستغلة حالة الانقسام الحالي بين الفلسطينيين والوضع الحالي الذي يسود أغلب الدول العربية.

وقال فى حواره مع " الجديد " إن جامعة الدول العربية قررت تشكيل لجنة من الخبراء لبحث انتهاكات إسرائيل الحالية في الاستيلاء على 4 حقول فلسطينية للغاز الطبيعي وهي، حقل غزة البحري والذي تبلغ احتياطاته 1.4 تريليون قدم مكعب، وحقل "ماري بي" باحتياطات تصل إلى 2 تريليون قدم مكعب، وحقل "نوا" باحتياطات 2 تريليون قدم مكعب، وحقل "شمشون" باحتياطات 0.5 تريليون قدم مكعب.

وأضاف الجيولوجي المصرى، أن اتفاقية (غزة-أريحا) الموقعة بين فلسطين وإسرائيل في العام 1994، حددت المناطق البحرية التي تقع ضمن حدود غزة، غير أن إسرائيل عمدت للعدوان على حقوق الفلسطينيين في هذه المنطقة.

 وإلى نص الحوار الذى اجرته الجديد مع رئيس هيئة المساحة الجيولوجية السابق في مصر.

ما صحة ما يتردد عن استيلاء إسرائيل على الغاز الفلسطيني؟

بالفعل هذه حقيقة يغفل عنها الجميع رغم خطورتها الشديدة، فخلال الفترة الماضية وضعت إسرائيل يدها على 4 حقول للغاز تقع داخل حدود المياه الإقليمية والاقتصادية للجانب الفلسطيني أمام قطاع غزة ممثلة بصفة رئيسية في حقول نوا (شمعدان)، شمشمون، ماري بي (الذي يجري تنميته حاليا وربطه بخط بحري لميناء أسدود الإسرائيلي)، حقل غزة البحري.

ومن الذي يحدد تبعية هذه الحقول للجانب الفلسطيني؟

هذه الحقول تقع قبالة شاطئ غزة، وداخل المنطقة الاقتصادية الحصرية لفلسطين وفقاً لمؤتمر الأمم المتحدة في قانون البحار 1983، وهي حقول Mari B، ونوا والحقول المجاورة له، وشمشون، وGaza Marine.

ولماذا تسطو إسرائيل على هذه الحقول؟

تدّعي إسرائيل أن هذه الحقول تقع داخل المنطقة الاقتصادية الحصرية الخاصة بها.

وكم تبلغ كميات الغاز الطبيعي في هذه الحقول؟

طبقا للتقديرات فإن كميات الغاز في هذه الحقول الأربعة تبلغ 6 تريليون قدم مكعب قابلة للتنمية والاستخراج وتقع الحقول، عدا شمشون، في عمق مياه أقل من 1000 متر.

هل يمكن تقديم مزيد من المعلومات حول هذه النقطة؟

حقل" ماري بي" اكتشفته مجموعة "نوبل" المكونة من الشركة الأميركية نوبل إنيرجي، و3 شركات إسرائيلية أخرى، في العام 2000 على مسافة 24 كيلومتراً أمام شاطئ غزة في عمق مياه 243 متراً والاحتياطي المرجح لهذا الحقل حوالي 2 تريليون قدم مكعب ، ويتم بيع غاز هذا الحقل إلى شركة الكهرباء الإسرائيلية، لتوليد الطاقة والتنقية.

وماذا عن حقل نوا والحقول المجاورة؟

نقبت مجموعة نوبل عن حقول غاز عديدة واكتشفت حقل "نوا"، والذي يقع على بعد حوالي 36 كيلومترا من شاطئ غزة في عمق مياه 700-760 متراً، ويتوقع المنقبون أن يتم تصدير نحو 3 تريليون قدم مكعب من الغاز من حقل" نوا" وامتداداته 

وحقل شمشون البحري؟

حقل شمشون اكتشفته الشركة الإسرائيلية "آيه تي بي" مع شركائها في العام 2012 على عمق مياه 1100 متر، وتقدر احتياطيه مبدئيا بحوالي نصف تريليون قدم مكعب، ويقع هذا الاكتشاف في حوض ليفانت، والذي يقع داخل حدود المنطقة الاقتصادية الحصرية لدولة فلسطين التي نص عليها اتفاق (غزة – أريحا) عام 1983.

وماذا عن حقل غزة البحري، والذي سعت السلطة الفلسطينية على مدار أكثر من 10 سنوات لاستخراج الغاز منه؟

هذا الحقل يقع على بعد 32 كلم من شاطئ غزة وفي عمق مياه 306 أمتار، باحتياطات 1.4 تريليون قدم مكعبة، وهذا الحقل نموذج للتعنت الاسرائيلي والرغبة الجامحة في حرمان الفلسطينيين من أي حقوق متعلقة بالغاز في المياه العميقة في البحر المتوسط.

كيف؟

أدت الخلافات بين الحكومة الإسرائيلية والفلسطينية حول استراتيجية تنمية الحقل وتوصيله إلى الشاطئ إلى تعطيل عملية التنمية إلى الحد الذي أرغم بريتش جاز"بي. جي"، التي كانت تتولى التنقيب في هذا الحقل، على غلق مكتبها في إسرائيل.

وهل تركت إسرائيل هذه الحقول لحين تسليمها للفلسطينيين؟

لم يحدث، فبعد تعنتها مع شركة بريتش غاز البريطانية التي قامت باكتشاف حقل غزة البحري في العام 2001، رفضت كل الحلول المنطقية لاستخراج الغاز وتسليمه للفلسطينيين.

إذن ماذا ينبغي للعرب اتخاذه من خطوات لمواجهة عمليات السرقة الإسرائيلية للغاز الفلسطيني؟

يجب على الفلسطينيين توحيد موقفهم والتعامل مع هذا الخطر الذي لا يقل عن الاحتلال والعدوان لأنه يمس مقدرات شعب محتل، وعلى الجامعة العربية التحرك بفعالية في الأوساط العالمية وإثارة هذه القضية في المحافل القانونية والدولية.

وما الحجة القانونية التي يمكن الاستناد إليها في هذه المسألة؟

القانون الدولي يلزم قوة الاحتلال بالحفاظ على الثروات الطبيعية للدولة المحتلة وعدم استنزافها.

لكن ما الأحكام التي تطبق في مثل هذه الحالات على مستوى القانون الدولي؟

تنص المادة 55 من بروتوكول اتفاقية لاهاي لعام 1907 المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية أنه "لا تعتبر دولة الاحتلال نفسها سوى مسؤول إداري ومنتفع من المؤسسات والمباني العمومية والغابات والأراضي الزراعية التي تملكها الدولة المعادية والتي توجد في البلد الواقع تحت الاحتلال. وينبغي عليها صيانة باطن هذه الممتلكات وإدارتها وفقاً لقواعد الانتفاع".

ما موقف ممارسات إسرائيل الجديدة في مياه البحر المتوسط؟

يتضمن البروتوكول الثالث لاتفاق أوسلو لعام 1994 أن يكون من حق الجانب الفلسطيني الاستفادة من 20 ميلا بحريا على طول شاطئ غزة للصيد والاستغلال الاقتصادي (منطقة اقتصادية حصرية).

لكن أين الجانب الفلسطيني والعربي من هذا العدوان المتكرر على حقوقه النفطية؟

في السادس من ديسمبر/ كانون الأول الماضي طلبت عقد لقاء مع أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي وتم تقديم مذكرة وافية بحجم العدوان الإسرائيلي على الحقوق العربية الفلسطينية في الغاز المكتشف أمام سواحل غزة، وبعد دراسة ومناقشة وافية قرر أمين عام الجامعة تشكيل لجنة من الخبراء المعنيين تحت إشرافه لبحث هذا العدوان وإعداد تقرير وافٍ يقدم لمجلس الجامعة.

وهل عقدت هذه اللجنة اجتماعاتها؟

حتى الآن لم تعقد هذه اللجنة اجتماعاتها بسبب عوامل مرتبطة بأجندة الجامعة العربية نفسها من حيث الأولويات السياسية الحالية في المناطق الساخنة.

وما هو موقف الجانب الفلسطيني؟

قمت بإرسال ملف كامل بالعدوان الإسرائيلي على الحقوق الفلسطينية في المياه الإقليمية والاقتصادية لمندوب فلسطين لدى جامعة الدول العربية وسفيرها لدى القاهرة، بركات الفرا، ومن المقرر أن نعقد اجتماعا مشتركا خلال الفترة المقبلة.

ولكن دعني أسألك لماذا تتم إثارة هذا الملف حاليا؟

خوفا من ضياع هذه الحقوق، ورغبة في تسجيلها لرفعها للجهات العربية والدولية المعنية، وللعلم فالحقوق تضيع عندما يسكت ويتجاهل أصحابها الدفاع عنها وهو ما انطبق على فترات كبيرة من حياة العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، فالجيل الحالي عليه عدم ترك الفرصة لتكراره.

كيف يمكن تكراره؟

لو تفحصت خريطة البحث عن الغاز والزيت في المياه العميقة في البحر المتوسط فستجد أن مصر ولبنان وسوريا لديهما الكثير من المناطق الحدودية المشتركة مع الفلسطينيين والإسرائيليين وبالتالي فيجب على الجميع وضع قضية ترسيم الحدود في مقدمة أولوياتهم لضمان حفظ الحقوق بين الإخوة أنفسهم وبين أعدائهم.

هل تعتقد أن منطقة البحر المتوسط سوف تشهد حربا بين دوله على الغاز؟

لا يمكن تقديم إجابة عن سؤال مستقبلي مثل هذا ، لكن من الواضح أن إسرائيل تضع تأمين مصادر الطاقة الخاصة بها في مقدمة أولوياتها.

هل يمكن تقديم مزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع؟

إسرائيل نهمة للغاية في عمليات البحث عن الغاز في البحر المتوسط، فمنذ العام 2000 وهي تقوم بتقسيم للمناطق البحرية المخصصة للتنقيب في المياه العميقة، حتى إنها لم تضع اعتبارا لأي اتفاقيات دولية خلال عملياتها للتنقيب أمام شواطئ قطاع غزة.

في حالة اكتشاف الغاز في مناطق مشتركة بين مصر وقطاع غزة أو وقبرص.. كيف سيكون التعامل مع هذا الملف؟

القانون الدولي ينظم هذه المسالة، ولا داعي أن نسبق الأحداث بشأن لم يتحقق.

لكنهم حققوا اكتشافات للغاز؟

نبحث أولا في المناطق الحدودية وفي حالة الاكتشاف نتكلم.

وماذا عن مخاوف أن يسبقنا الآخرون في البحث عن الغاز في هذه المنطقة؟

ليس هناك أكثر من أمنية في تحقق ذلك، لأنهم في تلك الحالة سيوفرون علينا مخاطرة البحث والتنقيب عن الغاز ونبدأ من حيث انتهوا ونتقاسم معهم الحقوق الاقتصادية في مناطق الامتياز.

وهل تم رصد امتدادات لحقول الغاز المكتشفة بين قبرص واليونان وإسرائيل وبين حدود مصر البحرية؟

لم يحدث حتى الآن، لكن التجارب العالمية في هذا الشأن واضحة ، فعلى سبيل المثال فان الخليج العربي يزخر بمثل هذه النوعية من الاتفاقيات بين الدول المطلة عليه بما يعرف بتوحيد إدارة الحقول وهناك مثال واضح في مصر في حقل خليج الزيت الذي اكتشفته شركة ديمينكس وتبين امتداده إلى امتياز الشركة العامة للبترول.

لكن لماذا في رأيك لم نرسم الحدود مع إسرائيل حتى الآن؟

لأن ذلك انتهاك للحقوق المشروعة لفلسطين، فحدودنا البحرية مع غزة وفلسطين وليس مع إسرائيل، بمعنى أنه ليس لنا حدود بحرية مشتركة مع إسرائيل في البحر الأبيض المتوسط.

ما الضمانات التي يمكن أن تحفظ لنا حقوقنا في مياه البحر الأبيض المتوسط؟

نحن رسمنا خط الجزر للشواطئ المصرية طبقا للقرار الجمهوري الصادر في يناير/ كانون ثاني 1990 والذي حدد نقطة الحدود 53 عند رفح، وللعلم فإن كل بلد في العالم ملزم بترسيم شواطئه وموافاة الأمم المتحدة بإحداثيات كل نقطة وهذا ما تم فعلا، حيث قامت الحكومة بتسليمها إلى الأمم المتحدة للعمل بها.

لكن إسرائيل غير موقعة على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية؟

بالفعل، توجد دولتان فقط في العالم لم توقعا على الاتفاقية هما إسرائيل والولايات المتحدة لكن باقي دول العالم موقعة ، وبالتالي فالأمم المتحدة معترفة بترسيم شواطئنا الذي يبنى عليه ترسيم الحدود البحرية سواء مع البلاد المجاورة أو المقابلة، وعند حدوث أي مشاكل فإن المتضرر سيلجأ للقانون الدولي وبالتالي سيجد موقفنا سليما للغاية.

على أي أساس تم اعتماد الحدود بين مصر وإسرائيل؟

طبقا لاتفاق وقع في العام 1994 وحدد الحدود البحرية للصيد والنشاط الاقتصادي أمام قطاع غزة ووافقت عليه منظمة التحرير الفلسطينية ودولة إسرائيل وكان شهود هذا الاتفاق الولايات المتحدة وروسيا الفيدرالية ومصر.

حقل ليفياثان الإسرائيلي هل يقع في حدود مصر البحرية؟

هذا الحقل تحديدا يقع طبقا للبيانات الرسمية وخرائط الحدود على بعد 124 كيلومترا من إسرائيل مقابل 238 كيلومترا من دمياط، وبالتالي فهو أقرب لهم منا، فيما يقع حقل أفردويت القبرصي على بعد 166 كيلومترا من ميناء ليماسول في قبرص و212 كيلومترا من مدينة دمياط.

وبئر شمشون؟

بئر شمشون والذي لم يرتق بعد إلى مرتبة حقل للغاز يقع على بعد 186 كيلومترا من دمياط ويبعد عن مدينة اسدود الاسرائيلية 90 كيلومترا فقط و136 كيلومترا من مدينة حيفا الإسرائيلية ،كما أن البئر يقع إلى الشرق أكثر منه إلى الشمال.

ماذا عن خرائط تنقيب اليونان في منطقة تقع على بعد 30 كيلومترا شمال شرق مطروح؟

هذه المنطقة مطروحة في مزايدة الشركة القابضة للغازات الطبيعية ويستحيل على اليونان أن تبحث فيها وهي مثال آخر للأخبار المزيفة التي تتم صناعتها بهدف تحطيم معنويات المصريين، كما أن منطقة مطروح البحرية وبعمق 125 كيلومترا داخل البحر كانت مغطاة بامتياز لشركة نمسوية إلى وقت قريب ولم تعثر بها على حقل بترول.

البعض يقول إن اليونان اكتشفت غازا في حقل يسمى أولمبيا قرب مطروح؟

فليقدموا لنا تعريفا لهذا الحقل وموقعه، ليتأكد الجميع من عدم صدق هذه المعلومات، فليس هناك أي حقل اسمه أولمبيا.

وما سبب إقبال الشركات العالمية على الاستثمار في قبرص وإسرائيل؟

بسبب الشروط التجارية السهلة المعروضة، فهل تعلم أن الشريك الأجنبي يحصل هناك على 64% من أرباح المشروع ..ونحن هنا نتكلم عن سعر الغاز المحدد بطريقة غير جاذبة، فهي عملية استثمار يجب أن يكسب فيها الجميع وليس طرفا على حساب آخر.

وماذا عن اكتشاف السعودية لبئر بترول علي بعد كيلو متر واحد من جزيرة شدوان في خليج السويس؟

هذا كلام غير منطقي فالمنطقة المقصودة تقع على بعد 170 كيلومترا من جزيرة شدوان حيث اكتشف بئر للغاز في المياه الضحلة للبحر الأحمر سمي "شعور" على بعد 26 كيلومترا شمال غرب ميناء ضبا في السعودية وكانت نتائج اختبارها بمعدل 10 ملايين قدم مكعب غاز يوميا على عمق 700,17 قدم.

المساهمون