عجز بموازنة السعودية لأول مرة في 6 سنوات

26 ديسمبر 2014
منصة نفط بحرية تابعة لشركة "أرامكو" السعودية(Getty)
+ الخط -
كشفت الحكومة السعودية، أمس الخميس، عن تفاصيل الموازنة العامة لعام 2015 والتي أظهرت ارتفاع الإنفاق الحكومي إلى مستوى قياسي، رغم التحديات الاقتصادية التي تواجهها المملكة، وفي مقدمتها أزمة تهاوي أسعار النفط، المصدر الأول لإيرادات الموازن. غير أن الحكومة توقعت أن تسجل الموازنة الجديدة عجزا للمرة الأولى في 6 سنوات، بفعل تهاوي أسعار النفط.

ووفقا للموازنة التي أعلنتها وزارة المالية على موقعها الإلكتروني، تتوقع الحكومة أن تبلغ النفقات العامة 860 مليار ريال (229.3 مليار دولار) في 2015، ارتفاعا من 855 مليارا في الموازنة الأصلية لعام 2014، والتي سجلت أول خفض في الإنفاق منذ عام 2002.

وحسب البيانات الحكومية التي اطلعت عليها "العربي الجديد"، من المتوقع أن تبلغ الإيرادات 715 مليار ريال (191 مليار دولار) في 2015، وهو ما يجعل المملكة، أكبر مصدر للنفط في العالم، تسجل عجزا في الموازنة للمرة الأولى منذ وقوع الأزمة المالية العالمية في أغسطس/آب 2008، بقيمة 145 مليار ريال (39 مليار دولار).

وتراجعت أسعار النفط عالميا، منذ يونيو/حزيران الماضي، بنحو 50% من حوالى 115 دولارا للبرميل، وهو مستوى يحرم المملكة من تسجيل فوائض مالية اعتادت تسجيلها على مدى السنوات الست الماضية.

وتشكل الإيرادات النفطية أكثر من 90% من إيرادات الميزانية السعودية، وتقول المملكة إنها ستمول العجز من الفائض المحلي المتوفر لديها.

وأعلن مجلس الوزراء السعودي أن المصروفات الفعلية للعام الجاري 2014 بلغت 1.1 تريليون ريال (293 مليار دولار) فيما كانت الإيرادات الفعلية 1046 مليار ريال (278 مليار دولار) بعجز 54 مليار ريال (14.4 مليار دولار).

وشدد العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في كلمته لدى إعلان الميزانية الجديدة أمس، على أهمية ترشيد الإنفاق، بما لا يقلل من الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين، والتأكيد على تنفيذ برامج ومشاريع الميزانية، مع منح وزير المالية صلاحية تغطية العجز المتوقع من الحساب الاحتياطي للدولة.

ووفقا لما أعلنته الحكومة السعودية، فإن النفقات المقدرة خلال العام القادم ارتفعت بنسبة 16% مقارنة بالعام الماضي.

واعتمدت السعودية في وضع موازنتها على ظروف اقتصادية ومالية دولية تتسم بالتحدي، انخفض فيها النمو الاقتصادي العالمي عن مستوياته السابقة، كما انخفض سعر النفط إلى أدنى مستوى له منذ 2009، إضافة إلى عوامل عدم الاستقرار في بعض المناطق المحيطة.

وقال وزير المالية السعودي، إبراهيم بن عبد العزيز العساف، في تصريحات صحافية سابقة، إنه بالرغم من أن موازنة 2015 أُعدت في ظل ظروف اقتصادية ومالية دولية صعبة، إلا أن المملكة، ومنذ سنوات طويلة، اتبعت سياسة مالية واضحة تسير عكس الدورات الاقتصادية، بحيث يستفاد من الفوائض المالية المتحققة من ارتفاع الإيرادات العامة للدولة في بناء احتياطيات مالية وتخفيض الدين العام.

وكانت الأسواق المالية تترقب عن كثب إعلان موازنة السعودية رؤية تفصيلية حول كيف ستعالج المملكة تأثير الانخفاض الحاد الذي شهدته أسعار النفط هذا العام.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، شهدت سوق الأسهم السعودية وأسواق الخليج موجة هبوط حادة، خشية أن تدفع تراجعات أسعار الخام الحكومة السعودية إلى خفض حاد في الإنفاق على مشروعات البنية التحتية ومشروعات التنمية، وهو ما سيضر بأرباح الشركات.

لكن موازنة 2015 أكدت أن الحكومة لا تعتزم تنفيذ ذلك، وستواصل الإنفاق، عبر اللجوء إلى احتياطياتها المالية الضخمة التي تراكمت عبر سنوات ازدهار أسعار النفط.

وقال بيان وزارة المالية: ستستمر المملكة في الاستثمار في المشاريع التنموية لقطاعات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية. وأضاف البيان أن ذلك يتم عبر "بناء احتياطيات مالية من الفوائض المالية الناتجة عن ارتفاع الإيرادات العامة للدولة في بعض الأعوام، للاستفادة منها عند انخفاض هذه الإيرادات في أعوام أخرى".

وحظي قطاع التعليم بنصيب الأسد من الموازنة بأكثر من 217 مليار ريال (58 مليار دولار) خصصت لقطاعي التعليم العام والتعليم العالي بأكثر 25% من العام الجاري.

وتشمل ميزانية التعليم، بناء ثلاث جامعات جديدة في كل من جدة وبيشة وحفر الباطن، وتأهيل 500 مدرسة و11 مجمعا رياضيا، فيما خصص 160 مليار ريال (24.6 مليار دولار) للقطاع الصحي، تشمل بناء 117 مستشفى جديدا بسعة 24 ألف سرير.

وخصصت الموازنة مبلغ 23 مليار ريال (6.2 مليارات دولار) لمشاريع الصرف الصحي والمياه والسدود، و63 مليار ريال (16.8 مليار دولار) لقطاع التجهيزات الأساسية، و40 مليار ريال (10.6 مليارات دولار) للبلديات.

وتوقع مجلس الوزراء السعودي أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للعام 2014 أكثر من 2821 مليار ريال (752 مليار دولار) بنسبة نمو 1.09%، مقارنة بالعام المالي الماضي 2013.
كما توقع أن ينمو القطاع الحكومي بنسبة 6.06%، والقطاع الخاص بنسبة 9.11%، أما القطاع النفطي فقد يشهد انخفاضاً في قيمته بنسبة 7.17% بالأسعار الجارية.

وسجل التضخم ارتفاعاً بنسبة 2.7% عمَّا كان عليه في 2013، فيما يتوقع أن يشهد مُعامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي للقطاع غير البترولي ارتفاعاً بنسبة 2.99% في عام 2014 مقارنة بما كان عليه في العام الماضي.

ووفقاً لتقديرات مؤسسة النقد العربي السعودية، فمن المتوقع أن تبلغ القيمة الإجمالية للصادرات السلعية أكثر من 1.348 مليار ريال، بانخفاض 4.4% عن العام المالي السابق، كما يتوقع أن تبلغ قيمة الصادرات السلعية غير البترولية حوالى 208 مليارات بزيادة 3.1%، ما يحقق فائضا في الحساب الجاري لميزان المدفوعات بمقدار 398 مليار ريال.
المساهمون