1.5 مليون عامل مهاجر تركوا روسيا: قطاعات حيوية تواجه الأزمات

17 مارس 2021
أجور متدنية وظروف عمل قاسية في قطاع البناء (Getty)
+ الخط -

كلف إغلاق الحدود بسبب فيروس كورونا روسيا ملايين العمال المهاجرين من الجمهوريات السوفييتية السابقة، مما أدى إلى زعزعة استقرار قطاعات في الاقتصاد الروسي تعمل بفضلهم.

يقول فيتالي ليتشيتس نائب مدير البناء في مجموعة بي تي بي غرانيل وهو يسير وسط ورشة جمدت الأعمال فيها في جنوب غرب موسكو "الأشخاص الذين كانوا متواجدين هنا خلال فترة الوباء قاوموا لمدة سنة ثم غادروا لقضاء إجازات الأعياد في نهاية 2020 ولم يتمكنوا من العودة".

وتوظف هذه المجموعة عمالا من أرمينيا وأوكرانيا وبيلاروسيا وطاجيكستان وأوزبكستان. مع وصول الحرارة الى 14 درجة مئوية تحت الصفر، يتجمع بعض الموظفين الأرمن حول موقد صغير.

يعترف هؤلاء الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و50 عاما بأنهم يحنون إلى الوطن، وتمكن العديد منهم من زيارة أرمينيا ثم العودة مرة واحدة منذ بدء الوباء لكن آخرين لم يتمكنوا من مغادرة روسيا منذ سنة.

وقال عميد المجموعة: "كلنا نعرف أشخاصا ماتوا أثناء الحرب (في ناغورني قره باغ في خريف 2020)، كنا نفضل أن نكون هناك بدلا من هنا". لكن إذا كان الذهاب إلى أرمينيا سهلا، فإن العودة إلى روسيا "صعبة للغاية".

قبل الوباء كان لدى روسيا ما يقرب من عشرة ملايين عامل مهاجر (قانوني وغير قانوني) لحوالي 70 مليون روسي قادرين على العمل، بحسب تقديرات الخبراء. في العام 2020، تراجع عدد المهاجرين تدريجيا إلى النصف بحسب السلطات.

هؤلاء العمال يتحدرون من الجمهوريات السوفييتية السابقة، وغالبا ما يتولون وظائف صعبة ويدوية في حين أن تحويلاتهم المالية ضرورية لاقتصاد دولهم.

ووجود هؤلاء العمال أساسي في قطاعي البناء والزراعة، وتم إطلاق جرس الإنذار في مطلع هذا العام، وتعود المسألة إلى قرار الرئيس فلاديمير بوتين تكليف الحكومة باتخاذ اجراءات لتسهيل مجيء عمال مهاجرين.

في نهاية ديسمبر/كانون الأول، أعلن نائب رئيس الوزراء مارات خوسنولين أن حوالى 1.5 مليون عامل مهاجر في الورش ناقصون بفعل إغلاق الحدود في مارس/آذار 2020.

يقول فيتالي ليتشيتس إن مجموعة غرانيل "حلت المشكلة عبر توظيف المزيد من العمال القادمين من المناطق الروسية". لكنه أقر بأن هذا الأمر يأتي مع كلفة، لأن أجور العمال الروس أعلى بنسبة 15 الى 20% من أجور العمال الأجانب.

وأضاف أن السلطات "تعمل بشكل مكثف على تبسيط الإجراءات لجذب العمال المهاجرين وإصدار تصاريح إلكترونية". لكن العملية لا تزال بطيئة: بين نهاية 2020 وفبراير/شباط تمكن 14 ألف عامل مهاجر فقط من الوصول إلى الورش الروسية عبر إجراء مبسط كما أفادت السلطات.

من جهته يرى رئيس اتحاد المهاجرين في روسيا فاديم كوزينوف أن هذا الوضع ترك أثرا إيجابيا قائلا: "لقد زادت الرواتب بشكل كبير بنسبة تتراوح بين 20 و100% بحسب القطاعات".

وأضاف أن الممارسات التعسفية مثل استغلال العمال المهاجرين قبل طردهم بدون دفع رواتبهم، انتهت أيضا. تبقى معرفة ما اذا سيكون الوضع على هذا النحو حين تفتح الحدود مجددا.

وتلفت يوليا فلورينسكايا الباحثة في جامعة رانيبا في موسكو إلى أن النقص ليس ناجما عن إغلاق الحدود. وتقول: "ترك قسم من العمال وظائف ظروفها صعبة وأجورها متدنية" خاصة في البناء.

من جهته يقول يوري كروبنوف المتخصص في علم السكان، إن عدد العمال المهاجرين في روسيا تراجع منذ 2015 بسبب تدهور الوضع الاقتصادي في روسيا. كما أن انخفاض قيمة الروبل مقابل الدولار يجعل الأجور في روسيا أقل جاذبية.

ويتابع: "بالإضافة إلى ذلك، في بعض دول الاتحاد السوفييتي السابق يتراجع عدد السكان الذين هم في سن العمل كما تتنوع طرق الهجرة". هناك اتجاه أكبر للعمل في دول الاتحاد الأوروبي وتركيا وإيران كما أن دولا مثل أوزبكستان تقوم بتطوير صناعاتها الخاصة والاحتفاظ بعمالها.

على المدى الطويل، قد تواجه روسيا مشكلة كبيرة متمثلة بنقص اليد العاملة فيما تشهد البلاد منذ سنوات تراجعا ديموغرافيا. في العام 2020، خسرت البلاد 510 آلاف شخص.

(فرانس برس)

المساهمون