- القلق من انخفاض قيمة الليرة التركية بعد الانتخابات دفع إلى هروب رؤوس الأموال، على الرغم من استقرار الليرة نسبيًا بعد الانتخابات وتحسنها بنسبة 0.5% مقابل الدولار.
- الحكومة التركية تتخذ تدابير لخفض الإنفاق العام وتحسين الكفاءة المالية، بما في ذلك وقف شراء السيارات والمنشآت الجديدة للمؤسسات العامة، في محاولة لتقليل العجز في الحساب الجاري وتحسين قيمة الليرة.
ارتفعت تدفقات الرساميل غير المبررة الخارجة من تركيا مجدداً خلال شهر الانتخابات، وهو تكرار لاستنزاف الأموال الذي عانت منه في الفترة التي سبقت الانتخابات الوطنية قبل عام، وفقاً لتقرير أوردته شبكة بلومبيرغ الأميركية اليوم الاثنين.
فقد انخفض "صافي الأخطاء والسهو" net errors and omissions، أو الرساميل مجهولة المصدر، بنحو 10 مليارات دولار في مارس/آذار الفائت، وهو ما يعادل تقريباً الرقم المسجل في مايو/أيار لعام 2023، وفقاً لما نقلته "بلومبيرغ" عن بيانات ميزان المدفوعات المنشورة اليوم الاثنين في أنقرة. فقد أدت التدفقات الخارجة إلى إعاقة احتياطيات البنك المركزي التركي بنفس المقدار تقريباً، من خلال تضخم العجز في الحساب الجاري إلى 4.5 مليارات دولار، وهو ما يتجاوز بكثير متوسط التوقعات في استطلاع أجرته "بلومبيرغ" لاقتصاديين مطلعين.
وبحسب الشبكة الأميركية، كانت الانتخابات سبباً في تدفق الرساميل إلى خارج تركيا، في انعكاس للقلق بشأن خطر انخفاض حاد في قيمة الليرة التركية بعد فرز الأصوات، حيث فقدت الليرة ما يصل إلى 7% في يوم واحد بعد الانتخابات الرئاسية العام الماضي. لكن مع ذلك، فإن حجم هروب الرساميل التركية في مارس يعد، وفق "بلومبيرغ"، مفاجأة نظراً إلى التحوّل نحو سياسات اقتصادية أكثر تقليدية منذ يونيو/حزيران الماضي وتركيز البنك المركزي التركي على تأمين زيادة حقيقية في قيمة الليرة التركية.
يُشار إلى أن الليرة التركية ظلت على مسار مستقر نسبياً منذ الانتخابات المحلية، حيث ارتفعت قيمتها بنسبة 0.5% مقابل الدولار الأميركي، حتى مع تعرّض "حزب العدالة والتنمية" الذي ينتمي إليه الرئيس رجب طيب أردوغان لهزيمة تاريخية في بعض أكبر مدن البلاد، علماً أنه كثيراً ما تصبح العملة الصعبة والذهب ملاذاً مفضلاً للأتراك القلقين بشأن التقلبات الاقتصادية والسياسية. وفي مارس الماضي، مثلت واردات الذهب نحو رُبع إجمالي العجز في الحساب الجاري.
وفي هذا الصدد، تنقل "بلومبيرغ" عن الخبير الاقتصادي المقيم في إسطنبول، هالوك بورومجيكجي، قوله إن التعديلات المالية الإضافية من شأنها أن تساعد في وضع الشؤون المالية الخارجية لتركيا على مسار أكثر استدامة من خلال تباطؤ الطلب المحلي. وعلى الرغم من انتعاش واردات الذهب في مارس وإبريل/نيسان، هو يتوقع أن يتقلص عجز الحساب الجاري إلى 30 مليار دولار في عام 2024، بمقدار الثلث عن العام الماضي.
واليوم الاثنين، كُشف عن حزمة تدابير تستهدف خفض الإنفاق العام في تركيا بهدف زيادة الكفاءة في أحدث خطوة لبناء الثقة في النظام المالي التركي. وأوضح وزير المالية محمد شيمشك، في مؤتمر صحافي في المجمع الرئاسي بأنقرة لإعلان الحزمة، أن الإجراءات تتضمن وقف شراء السيارات الجديدة واستئجارها للمؤسسات العامة لثلاث سنوات، بالإضافة إلى وقف شراء منشآت جديدة أو بنائها.
وتأتي سياسة الترشيد وضبط النفقات الحكومية، إلى جانب السياسة النقدية بتحريك الفائدة المصرفية والمالية بزيادة الضرائب ورفع أسعار الطاقة، منذ تشكيل الحكومة الجديدة، بعد الانتخابات الرئاسية في مايو/أيار العام الماضي، بهدف خفض نسبة التضخم إلى خانة الآحاد وتحسين سعر صرف الليرة التركية الذي وصل إلى 32.2 ليرة مقابل الدولار الواحد اليوم.