يدخل الديمقراطي جو بايدن البيت الأبيض غدا، الأربعاء، ليبدأ ولايته على رأس بلد يحصد فيه وباء كوفيد-19 أكثر من ثلاثة آلاف أميركي كل يوم، ويسجلُ مليونَ شخص في برنامج البطالة كل أسبوع، وانكماشاً اقتصادياً بسبب تداعيات الفيروس.
تحديات الانكماش والبطالة
أدت تدابير الإغلاق التي فرضت لكبح انتشار الفيروس إلى توقف عجلة الاقتصاد الذي شهد انكماشا بنسبة 2.4 في المئة عام 2020، وفقا للاحتياطي الفدرالي الأميركي.
واضطرت شركات عديدة لإغلاق أبوابها وتسريح موظفيها. وهناك عدد آخر من الموظفين استقالوا لرعاية أولادهم المحرومين من المدرسة. ويعيش 18 مليون أميركي اليوم على إعانات البطالة التي توفرها الحكومة.
وقال جو بايدن بعد إعلانه خطة طوارئ بقيمة 1.9 مليار دولار، إنه يعتزم تسريع مصادقة الكونغرس عليها، مؤكدا، وفقا لوكالة "فرانس برس"، أن "المعاناة الإنسانية تنتشر في وضح النهار وليس لدينا وقت نضيعه".
وعندما كان نائبا للرئيس باراك أوباما، أشرف بايدن على حزمة إنعاش اقتصادي ضخمة بعد الأزمة المالية عام 2009 التي ألقت بظلها على بداية ولايتهما.
لكنّ التحدي مختلف تماما هذه المرة، وقالت شيرلي آن وارشو، أستاذة العلوم السياسية في كلية غيتيسبرغ: "يجب أن يدير الأزمة الاقتصادية فيما يحاول تلقيح 300 مليون شخص بينما يقود دولة منقسمة بشكل خطر".
وقال كيلي ديتريش، مؤسِّس لجنة التدريب الوطني الديمقراطي وجامع التبرعات السابق للحزب، إن الانقسامات التي أثارها ترامب قد تمنح بايدن فرصة فريدة للمضي قدمًا على الفور وتجاهل منتقديه من المحافظين الذين "سيحاولون كيل الاتهامات واختلاق الأكاذيب".
وأكد أن بايدن وفريقه سيحسنون صنعا إذا تجاهلوا أي انتقادات توجه إليهم.
وأضاف ديتريش: "لا ينبغي أن يشتت انتباههم الأشخاص الذين يعتقدون أنها إدارة مخيبة للآمال أو أن تلك الأهداف لا يمكن أن تتحقق. اعملوا بجد. لا يكفي أن تقولوا: لقد أنجزنا الكثير في المائة يوم الأولى".
سقف الطموحات
تعهدات بايدن بإعادة ترتيب نسيج السياسة والاقتصاد الأميركي وتنفيذ إصلاحات هي الأكبر في البلاد ساعدته على الإطاحة بالرئيس دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية، لكنها في الوقت ذاته تمثل وعودا ضخمة رفعت سقف الطموحات وعليه الوفاء بها.
سيحاول الرئيس المنتخب تحقيق إنجازات وسط انقسام وطني حاد، ووباء راح ضحيته قرابة 400 ألف أميركي، وأحدث هزة في الاقتصاد، وسيكون من الصعب تصور مثل هذا التغيير تحت أي ظرف من الظروف، وخصوصاً الآن.
يقول بايدن إنه "يستطيع أن يحقق أكثر مما وعد، وإنه وفريقه سيبذلون قصارى جهدهم للتغلب على كل التوقعات".
ويرى بعض الديمقراطيين أن بايدن محق في وضع توقعات كبيرة مع إدراكه أنه سيتعين عليه تقديم تنازلات، بدلاً من البدء بأهداف أصغر والاضطرار إلى تقليصها أكثر.
يستند بايدن إلى أغلبية في الكونغرس، ساعده أيضًا رد الفعل على التمرد المسلح في مبنى الكابيتول من قبل أنصار ترامب، وأحد الأساليب التي يفكر بها فريق بايدن، وفقا لوكالة "أسوشييتد برس"، هي دمج بعض الأفكار الكبيرة في ما يعرف باسم "التشريع الشامل"، بحيث يتعين على النواب الذين يريدون اتخاذ إجراءات تحظى بشعبية أن يبتلعوا المزيد من الإجراءات المثيرة للجدل أيضًا، إضافة إلى نهج آخر يتمثل في متابعة الأهداف من خلال الأوامر التنفيذية.
استخدم ترامب الأوامر التنفيذية بشكل كبير في بعض أكثر قراراته إثارة للجدل، في ما يتعلق بالحدود والبيئة وغير ذلك من القضايا، لكن المحاكم الفيدرالية غالبًا ما كانت تقف في طريقه.
أولويات بايدن
تتمثل الأولوية القصوى لبايدن في موافقة الكونغرس على خطة بقيمة 1.9 تريليون دولار لمواجهة فيروس كورونا وتوفير 100 مليون لقاح بحلول يومه المائة في منصبه مع تقديم 1400 دولار كمدفوعات مباشرة للأميركيين لتحفيز الاقتصاد المتضرر بسبب الفيروس.
من المرجح أن تقترن أي مدفوعات من هذا القبيل بإجراءات يعارضها الكثيرون في الكونغرس، وربما تفويضه المقترح بحد أدنى للأجور يبلغ 15 دولارًا في الساعة، على سبيل المثال.
سيتعين على حزمة الإغاثة التي سيقدمها بايدن المرور على مجلس الشيوخ الغارق في بحث ملفي خيارات الوزراء، وإجراء محاكمة عزل ترامب المحتملة.
يعترف بايدن بأن تنفيذ جزء صغير من خططه سيصاحبه حدوث عجز ضخم، لكنه يؤكد أن الولايات المتحدة لديها "واجب اقتصادي" و"التزام أخلاقي" للقيام بذلك.