يرى الأكاديمي السوري عبد الناصر الجاسم أن الدول الغنية والمنظمات الإنسانية الدولية "تكتفي بتوصيف مشاكل الفقر والجوع في سورية بدلاً من تقديم الحلول". فالسوريون، وفق الجاسم، يعيشون اليوم "أسوأ الحالات الإنسانية والمعيشية في العالم، بعدما تعدت نسبة الفقر 90 في المائة".
ويشرح أن شراء ضرورات الاستهلاك اليومي يزداد صعوبة، إلى جانب انقطاع التيار الكهربائي لعشرين ساعة يومياً، وتقنين مياه الشرب، وارتفاع أسعار المياه المعبأة "لتصبح أغلى من البنزين". وفي حين يلفت إلى ارتفاع تكاليف معيشة الأسرة السورية نحو 18 ضعف الدخل "لمن يمتلك دخلاً ثابتاً طبعاً"، يشدد على أن متوسط الأجور والرواتب بعد الزيادة الأخيرة لا يزيد عن 72 ألف ليرة. وكانت منظمة الأغذية والزراعة "فاو" حذرت، الجمعة، من ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد في 23 دولة حول العالم، خلال الأشهر الأربعة المقبلة، من بينها سورية.
وأشار التقرير إلى وجود حاجة ماسة للعمل الإنساني، للحيلولة دون تفشي الجوع والمجاعة والموت في جميع البؤر الساخنة. ويقول المهندس الزراعي يحيى تناري لـ"العربي الجديد" إنه "ربما ليس من المستغرب أن نرى أنجولا وإثيوبيا وتشاد، أو حتى لبنان واليمن ضمن تقرير "الفاو"، ولكن أن يدرج السودان الذي يعتبر خزاناً غذائياً يكفي المنطقة بأسرها، وأن تكون سورية بين الدول التي يعاني شعبها من مجاعة، فهذا واقع يشير إلى حجم الأزمة في البلاد".
ويشرح أن سورية كانت تنتج أكثر من 3.5 ملايين طن من القمح، أي ما يوازي ضعف حاجتها، ولديها زراعات متنوعة، بحيث كانت تصدّر أكثر من 400 ألف طن من الحمضيات ومثلها من زيت الزيتون، ويزيد إنتاج الخضر والفواكه عن ضعف حاجة السكان.
ويضيف تناري أن للأسباب المناخية جزءا من تراجع الإنتاج الزراعي في سورية، لكن الجزء الأهم يكمن في ارتفاع أسعار البذار والأسمدة وأجور العمالة، يضاف إلى ذلك تهجير المزارعين من جراء الحرب وتبوير أراض خصبة، في وسط وشمال غرب سورية. ويعتقد المهندس السوري أن أزمة الجوع وغلاء الأسعار في بلده "مرشحة للزيادة، في واقع استمرار اللاحل والتهجير"، لتصل نسبة الفقراء في سورية إلى أكثر من 95 في المائة من السوريين الذين يؤمّنون كلفة معيشتهم بالحدود الدنيا اليوم.
ويقترح زيادة المساعدات الأممية للقطاعات المنتجة "في مقدمتها الزراعة"، لأن بلاده تحتاج، وفق تقديرات الأمم المتحدة، إلى أكثر من عشرة مليارات دولار لعام 2021، من أجل دعم السوريين المحتاجين بشكل كامل، وهذا يشمل 4.2 مليارات دولار على الأقل للاستجابة في سورية، و5.8 مليارات دولار لدعم اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة لهم في المنطقة.
وكان برنامج الأغذية العالمي قد بيّن، في الخامس من تموز/يوليو الجاري، أن 4.8 ملايين سوري يعتمدون على المساعدات الغذائية من برنامج الأغذية العالمي للبقاء على قيد الحياة، وأن نحو 90 في المائة من العائلات السورية تتبع استراتيجيات وأساليب تأقلم سلبية للبقاء على قيد الحياة. وأضاف أن السوريين يلجأون إلى تقليل كمية الطعام، وجل السوريين يتبعون الاقتراض لشراء حاجاتهم الأساسية.