وعود تركية بزيادة ثالثة للأجور لمواجهة التضخم وتحسين معيشة المواطنين

22 سبتمبر 2022
تراجع العملة التركية يخفض مستويات معيشة المواطنين (فرانس برس)
+ الخط -

أجبر مستوى التضخم غير المسبوق في تركيا حكومة "العدالة والتنمية" على التفكير برفع الحد الأدنى للرواتب والأجور للمرة الثالثة هذا العام، لمواجهة غلاء الأسعار وتحسين مستوى معيشة الأتراك الذي تأثر بنسبة التضخم التي وصلت في يوليو/تموز الماضي للأعلى منذ 23 عاماً، بعد تخطيها 79.6% على أساس سنوي.

ووعد وزير العمل والضمان الاجتماعي التركي، فيدات بيلجين بزيادة جديدة على الحد الأدنى للأجور خلال ديسمبر/كانون الأول المقبل، لمواجهة تضخم الأسعار، مضيفاً "في الفترة الماضية، قمنا بزيادة الحد الأدنى للأجور بأعلى معدل في التاريخ خلال شهر يوليو، وسنفعل ذلك مجدداً في ديسمبر".

وأضاف الوزير التركي خلال تصريحات صحافية اليوم الخميس، أن "موظفينا وعمالنا يعانون من دمار التضخم، نحن بحاجة للتخفيف عن شعبنا".

وتأتي وعود بيلجين برفع الحد الأدنى للأجور الذي يتقاضاه أكثر من 7 ملايين تركي، بعد زيادتين هذا العام، جاءت الأولى مطلع العام الجاري بنسبة 50% ليصل الحد الأدنى للأجور إلى 4250 ليرة قبل أن تأتي الزيادة الثانية في شهر يوليو/تموز بنسبة 30% ليصل الحد الأدنى للأجور بتركيا إلى 5500 ليرة تركية (الدولار اليوم 18.368 ليرة).

وفي حين يعتبر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن "التضخم مشكلة ليس فقط لتركيا، ولكن للعالم بأسره"، يشدد على تصميم الحكومة على تحديد الأولويات ومعالجة التحديات التي تواجهها الأسر التركية، مضيفاً بعد زيادة الأجور المرة السابقة، أن المشكلة الأكبر في تركيا هي تكلفة المعيشة، ولكن "سنحصل على النتائج الملموسة لأهدافنا من بداية العام".

ويرى المحلل التركي، هشام جوناي أن على الحكومة رفع الأجور بما يتناسب مع التضخم "أو يزيد" وليس كما حدث في المرة السابقة، رغم الوعود التي علّق عليها الأتراك، لأن ارتفاع الأسعار زاد بأكثر من 150% خلال عامين، في حين لم تزد الأجور أكثر من 102% الأمر الذي زاد من نسبة الفقراء وغيّر من أنماط المستهلكين المعيشية والشرائية.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

ويضيف جوناي لـ"العربي الجديد" أن ارتفاع أسعار الطاقة التي فرضتها الحكومة هذا العام "كهرباء وغاز ونفط" زادت من ارتفاع الأسعار وتكاليف معيشة الأتراك، الأمر الذي دفع وزارة المالية لتسديد فواتير الفقراء الشهر الماضي "وهذا لس حلاً بل الحل بتحسين الأجور بما يتناسب مع ارتفاع الأسعار" لأن عتبة الفقر اليوم، تتجاوز 22 ألف ليرة "بحسب تقرير اتحاد العمال" وزادت نسبة الفقر عن 13% وهذه أرقام لم يعرفها الأتراك منذ أكثر من 20 عاماً.

ويتوقع أن "ترضي الحكومة الشارع قبل الانتخابات المقررة منتصف العام المقبل" ولكن أياً كانت نسبة الزيادة فلن تصل لمستوى المعيشة الكريمة برأيه، مشيراً إلى أن سكن الأسرة التركية مجتمعة وعمل أكثر من شخص ضمن الأسرة، هو سر مواجهة الغلاء ببلاده.

ويشير حد الفقر إلى الأموال اللازمة لأسرة مكونة من أربعة أفراد لإطعام نفسها بشكل كافٍ وصحي، كما أنها تغطي الإنفاق على الضروريات الأساسية مثل الملابس والإيجار والكهرباء والمياه والنقل والتعليم والصحة، في حين تشير عتبة الجوع، إلى الحد الأدنى من المال اللازم لإنقاذ أسرة مكونة من أربعة أفراد من الجوع شهرياً.

وفي حين يتوقع مراقبون زيادة الأجور المقبلة نهاية العام الجاري، بين 20% و30%، يتوقع الاقتصادي التركي مسلم أويصال تبدلات كثيرة حتى نهاية العام الجاري، سواء على الصعيد التركي أو حتى الدولي، فكما أن الأمور مرشحة لحرب واسعة تزيد من ارتفاع الأسعار وخاصة الطاقة، وتقلل من عرض المواد، هي مرشحة أيضاً لانفراجات، خاصة على صعيد الاقتصاد التركي الذي يشهد هذا العام قفزات كبيرة على مستوى السياحة والصادرات والنمو. وتأتي الزيادة على الحد الأدنى للأجور بعد دراسة اللجنة المتخصصة مستوى الأسعار وتكاليف المعيشة "لذا سيحدد التضخم نهاية العام نسبة الزيادة التي أتوقعها 20% لتكون مجمل الزيادات هذا العام 100%".

ويضيف أويصال لـ"العربي الجديد" أن الأجور بتركيا تضاعفت خلال عامين، ففي حين لم يزد الحد الأدنى عام 2020 عن 2324 ليرة وصل العام الماضي بعد زيادة الحد الأدنى بنسبة 21.56% إلى 2826 لنراها اليوم 5500 ليرة والتوقعات أن يقترب من 7 آلاف ليرة نهاية 2022، لافتاً بالوقت نفسه إلى موجة تضخم الأسعار العالمية واستمرار بلاده بما أسماه "تكفل الدولة بعديد من حزم الدعم المباشر وغير المباشر"، سواء عبر تكفل فوارق أسعار استيراد الطاقة وصولاً للتدخل الإيجابي بالأسواق ومنافسة التجار وضبط الأسعار.

يختم بالقول لـ"العربي الجديد" كل ذلك ليس كافياً لأن ارتفاع الأسعار بدّل من استهلاك الأتراك وبيئة المجتمع، ولا بد من التدخل المستمر عبر تحسين واقع المعيشة للمستهلكين ودعم القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية الخارجية، سواء عبر قروض ميسرة أو إعفاءات وتسهيلات.

المساهمون