أكدت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" أن تدشين مفاعل "آق قويو" النووي بولاية مرسين التركية غداً الخميس، " كما هو ولم يُعلَن أي تأجيل"، وأن صحة الرئيس رجب طيب أردوغان، بحسب المصادر، جيدة "ولن تطول إجازته الصحية إلا يوماً واحداً".
وكان أردوغان قد تعرّض أمس لوعكة صحية على الهواء مباشرة، حيث حدث انقطاع مفاجئ لمقابلته المعروضة مباشرة على قناة "أولكا تي في"، ما أقلق الأتراك على صحة الرئيس، إلا أن البث عاد من جديد وطمأن الرئيس المواطنين، قائلاً إن صحته جيدة، وإنه تعرض لوعكة صحية خفيفة بسبب نزلة برد.
وتستعد تركيا، غداً الخميس، لحدث يراه محللون أهم الإنجازات التركية وأقوى المشاريع التي سيستخدمها الحزب الحاكم، "العدالة والتنمية" ببرنامجه الانتخابي، إذ أعلن أردوغان أن بلاده ستقيم مراسم لجلب الوقود إلى محطة أق قويو النووية غداً الخميس 27 إبريل/ نيسان الجاري، وأن نظيره الروسي فلاديمير بوتين سيشارك عبر اتصال مرئي.
وقال أردوغان في مقابلة أجرتها معه قناة "تي آر تي TRT" التركية أول من أمس: إننا "سنسرع استعدادات تركيا لإنشاء محطة الطاقة النووية الثانية في المرحلة الجديدة"، مشيراً إلى محادثات أجرتها أنقرة بخصوص بناء محطة الطاقة النووبة الثانية، مع الصين وكوريا الجنوبية "ونتيجة المحادثات والمفاضلة سنتخذ خطوات بالاتفاق الذي سنبرمه".
وحول بدء الإنتاج وما ستوفره محطة آق قويو، يضيف الرئيس التركي أنه في غضون عام، سيبدأ تحضير الوقود والاختبار والمعايرة والإنتاج المؤقت و"آمل أن تبدأ الوحدة الأولى بإنتاج الكهرباء".
ولفت إلى أن محطة أق قويو النووية ستوفر لتركيا مبلغاً قدره 6.5 مليارات دولار، وستُغني تركيا عن استيراد 7 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي.
وستدشن تركيا غداً أول مفاعل للطاقة النووية في البلاد، شيدته شركة "روساتوم" (ROSATOM) الروسية الحكومية للطاقة النووية، عبر جلب أول وقود نووي، ما يمنح "آق قويو" رسمياً وضع منشأة نووية.
وتأخر افتتاح المشروع الذي رسا عقده على روسيا "شركة روساتوم" عام 2010 ووضع الحجر الأساس له في 3 نيسان/ إبريل عام 2018، نتيجة "تداعيات سياسية ونقص التمويل" بحسب مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" قبل أن "تسوّى جميع الأمور" ويعلن بنك سبيربنك، أكبر بنوك روسيا، العام الماضي أنه سيقدم قرضاً بقيمة 400 مليون دولار لبناء محطة أق قويو للكهرباء النووية في ولاية مرسين بتركيا.
وسيسمح المشروع، الذي تبلغ تكلفته 20 مليار دولار، وقدرته 4800 ميغاوات، ويتضمن بناء 4 مفاعلات في قرية أق قويو المطلة على البحر المتوسط، بانضمام تركيا إلى الدول التي تمتلك طاقة نووية مدنية، وتحقيق وعود الرئيس التركي التي أطلقها حول إطلاق "آق قويو" بالتزامن مع مرور 100 سنة على إعلان الجمهورية، بهدف الحد من اعتماد البلاد على واردات الطاقة.
ويقول المحلل التركي، يوسف كاتب أوغلو، إن "المرحلة الأولى من المشروع ستخفّض استيراد الطاقة وتؤمن 10% من إجمالي احتياج تركيا من الكهرباء، ما يعني توفيراً في الفيول والغاز اللازمين لتوليد الكهرباء، مذكراً بأن فاتورة استيراد تركيا، من النفط والغاز، تصل إلى نحو 50 مليار دولار سنوياً"، وهي برأيه "من أهم أسباب خلل الميزان التجاري".
ويكشف كاتب أوغلو خلال تصريح سابق لـ"العربي الجديد" أن محطة "آق قويو" ليست المحطة النووية بمرسين الأولى، بل ستكون هناك محطة أخرى في سينوب على البحر الأسود بشراكة تركية مع الصين وكوريا، للهدف ذاته، وهو تقليص استيراد تركيا من الطاقة، لتتوافر بعد تدشين المحطتين، الطاقة ذاتياً لتركيا، من الطاقة البديلة والنووية، وغير مستبعد استمرار التعاون بالمجال نفسه مع روسيا بمحطة ثالثة بمنطقة مرمرة تشمل تغذية ولايات إسطنبول وازميت وبورصة.
وكانت رئيسة الرابطة النووية العالمية، أغنيتا ريزينغ، قد قالت سابقاً، إن محطة "آق قويو" التركية للطاقة النووية، ستساهم في مكافحة تغيّر المناخ، لافتة خلال تصريحات سابقة نقلتها وكالة "الأناضول" إلى أن المحطة ستعود بالعديد من الفوائد على تركيا، وعلى رأسها إحياء اقتصادها، نظراً لنسبة التوظيف الكبيرة التي ستساهم به.
وكانت شركتا "كونسيرن طيطان" الروسية و"إج إتشطاش إنشاءات" التركية، قد وردتا، بعد توقيع اتفاقية تعاون، المعدات ومستلزمات البناء في محطة "آق قويو" في ولاية مرسين، جنوبيّ تركيا، وطرق التعاون بين الشركتين حول التصميم الداخلي للمحطة، خصوصاً القسم الرئيسي فيها، إلى جانب أعمال البناء، وتوريد مختلف المعدات.
ويذكر أن ولاية مرسين التركية لم تكن ضمن الولايات العشر المنكوبة التي تضررت جراء الزلزال الذي ضرب جنوبيّ تركيا في فبراير/ شباط الماضي بقوة 7.8 على مقياس ريختر، لكنها تأثرت بالزلزال والهزات الارتدادية، ما شكل مخاوف من تأثر محطة "آق قويو".
لكن أناستاسيا زوتيفا المسؤولة في شركة "روساتوم" الروسية الحكومية للطاقة النووية التي تبني المفاعل التركي، أكدت أن المحطة لم تتضرر جراء الزلزال القوي الذي هزّ وسط تركيا وشمال غربيّ سورية.
وأضافت زوتيفا خلال تصريحات نقلتها وكالة الإعلام الروسية سابقاً: "شعرنا بزلزال بقوة ثلاث درجات هنا، لكن المتخصصين لدينا لم يكشفوا عن أي أضرار في هياكل البناء والرافعات والمُعدات، مضيفة أنه مع ذلك فإننا ننفذ إجراءات تشخيصية مكثفة للتأكد من أن أعمال البناء والتركيب يمكن أن تستمر بأمان.
يذكر أن تركيا تستورد نفطاً وغازاً سنوياً بقيمة 50 مليار دولار، منها لتوليد الطاقة الكهربائية التي شهدت ارتفاعات متتالية، خلال العامين الماضيين، إذ أعلنت شركة بوتاش الحكومية المستوردة للطاقة أخيراً، رفع سعر الغاز الطبيعي للاستخدام المنزلي بنسبة 20.4%، و47.6% لشركات الإنتاج الصناعي الصغيرة والمتوسطة، و50.8 للمستخدمين الصناعيين الكبار، ليبلغ سعر 100/كيلو واط ساعي للمشترك السكني، بعد زيادة اليوم، نحو 173.46 ليرة تركية.