- المواجهات بين "حزب الله" وإسرائيل منذ 8 أكتوبر تسببت في استشهاد أكثر من 320 شخصًا، نزوح 90 ألفًا، وتدمير الأراضي الزراعية والبنية التحتية، مع استخدام الفوسفور الأبيض.
- الحكومة اللبنانية والمنظمات الدولية تسعى لتعويض المتضررين، لكن الوزير يطالب بتدخل دولي لوقف العدوان ويحذر من تعقيد المشهد الإقليمي والدولي بسبب استمراره.
قال وزير الزراعة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال عباس الحاج حسن، لـ"العربي الجديد"، إن التقديرات تشير إلى أن الأضرار المباشرة وغير المباشرة للعدوان الإسرائيلي تُقدّر بمليارين و500 مليون دولار حتى الآن.
ويتكبّد القطاع الزراعي خسائر كبيرة من جرّاء العدوان الإسرائيلي على الجنوب واستهداف جيش الاحتلال بشكل مباشر الأراضي الزراعية التي تشكل مصدر دخل لأبناء القرى والبلدات الحدودية، مستخدماً في عمليّاته أسلحة مُحرَّمة دولياً ترتدّ مفاعيلها "التدميرية" على مواسم لاحقة.
وتشهد الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة مواجهات بين "حزب الله" وجيش الاحتلال منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، غداة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وقد أسفرت حتى الآن عن استشهاد أكثر من 320 شخصاً في لبنان، ونزوح ما يزيد عن 90 ألفاً، وتدمير ما لا يقلّ عن ستة آلاف هكتار من الأراضي الزراعية، ومئات أشجار الزيتون المعمِّرة، ونفوق آلاف المواشي.
في الإطار، يقول الوزير اللبناني إنّ العدوان الإسرائيلي المستمرّ منذ 8 أكتوبر إلى غاية اليوم يستهدف لبنان وسيادته وأراضيه، وكذلك القطاع الزراعي الذي يعتقد الاحتلال الإسرائيلي أنه بضربه يزيد من أزمات الاقتصاد الوطني اللبناني.
ويلفت الحاج حسن إلى أنّ الاحتلال "يسعى من خلال قصفه المدمّر للقطاع الزراعي، بما فيه المناطق الحرجية والأشجار المثمرة وغير المثمرة، والغابات، إلى إلحاق أكبر ضرر ب الثروة الزراعية اللبنانية، بشقّيها النباتي والحيواني، ولا سيما منها الزيتون، ومحاولته أيضاً تحويل الأراضي إلى أراضٍ محروقة، وجعل المنطقة عازلة، لأهداف تكتيكية عسكرية".
ويشير وزير الزراعة، في مقابلة مع "العربي الجديد"، إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي "يستخدم في قصفه الأراضي الزراعية الفوسفور الأبيض المُحرّم دولياً، الذي يكون له تأثير على المواسم اللاحقة وليس فقط الحالية، ولكن لا يمكن الحديث الآن عن ماهية الضرر قبل سحب العينات من الأراضي التي جرى قصفها، إذ هناك 55 قرية ومدينة جنوبية تتعرّض للقصف اليومي على مساحة 210 كيلومترات".
ويردف وزير الزراعة اللبناني: "قد يكون هناك قنابل أخرى مُحرَّمة دولياً يستخدمها العدو، كلّ شيء وارد، فهو لا يفقه منطقاً ولا أعرافاً ولا حرمة، لكن الآن ليس بمقدورنا فحص التربة اللبنانية نتيجة الاعتداء القوي المستمرّ، فطواقمنا الفنية مهدّدة، على أن نقوم مع الهيئات والوزارات والمنظمات المختصة بالمسح اللازم عند انتهاء العدوان".
ويكشف الحاج حسن أن الأضرار المباشرة وغير المباشرة، بحسب التقديرات الأولية، تُقدّر بمليارين و500 مليون دولار، وذلك يطاول الشقين النباتي والحيواني، لافتاً إلى أنّ "الإحصاءات التي نقوم بها تعتبر دقيقة بنسبة تصل إلى 80%، باعتبار أنه لا يمكن لفرق الوزارة أن تعمل بالشكل المطلوب في الأماكن المستهدفة والخطرة"، مشيراً أيضاً إلى أنّ الأرقام تتغيّر يومياً في ظلّ استمرار العدوان.
وأشار الحاج حسن إلى أنّ "القطاع الزراعي في الجنوب يشكل ما لا يقلّ عن 30% من الناتج المحلي، والمساحات التي تُزرع في الجنوب واسعة جداً، وتتضمن الخضار والفواكه على أنواعهما، عدا عما يُصدَّر من الجنوب، خصوصاً الموز والأفوكادو والحمضيات على اختلافها، وغيرها من الزراعات التي هي مهددة اليوم بشكل كبير".
ولفت إلى أنّ "القدرة الإنتاجية تراجعت، والصادرات تأخرت، خصوصاً في ظلّ عدم القدرة على جني المحاصيل، وتحضير الأرض للزراعات وللمواسم المقبلة، في ظلّ التهديد الإسرائيلي المستمرّ لأرواح مواطنينا ومزارعينا بشتى أنواع الاعتداءات من مسيّرات أو قصف مدفعي مباشر أو طيران حربي وغيرها من الأسلحة".
كما يشير وزير الزراعة اللبناني إلى أنّ "الحكومة اتخذت قراراً بشأن التعويضات، ولكن هذا لا يكفي، إذ سيكون هناك أيضاً تعويضات من جانب المنظمات الدولية العاملة في لبنان، التي أكدت أنها ستساعد في هذا الإطار".
وحول احتمال قيام عدوان إسرائيلي واسع على لبنان، يشير الحاج حسن: "منذ اليوم الأول للحرب نقول كحكومة إننا نتعرض للاعتداء والقصف وسندافع عن حقنا وأرضنا، وعلى المجتمع الدولي أن يكبح جماح إسرائيل لوقف حمام الدم في غزة ولبنان".
ويلفت في السياق إلى أنّ "قرار مجلس الأمن الدولي الأخير بوقف فوري لإطلاق النار في غزة جيّد، لكن العبرة في التنفيذ، وأن يمتثل العدو له، وإسرائيل لم تفعل ذلك إلى غاية الآن، ما يؤكد أنها تضرب بعرض الحائط كل الأعراف والقوانين والقرارات الدولية، ويؤكد كذلك أننا أصحاب حق، وسندافع بكل السبل المتاحة عن أرضنا وسمائنا وبحرنا، وهذا حق كفله لنا المجتمع الدولي والقانون الدولي منذ بداية الإنسانية وحتى اليوم".
وتمنّى الحاج حسن أن "يتوقف حمّام الدم في غزة اليوم قبل الغد، في اعتداء هو الأكثر وحشية بتاريخ البشرية"، معتبراً أن "عدم انصياع إسرائيل لوقف إطلاق النار من شأنه أن يوتّر كل المنطقة ويجعل المشهد الإقليمي والدولي معقد أكثر فأكثر".