انتقدت "هيومن رايتس ووتش" سياسات الحكومة المصرية بتقنين استهلاك الكهرباء في جميع أنحاء البلاد، واعتبرتها تعدياً على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للناس.
وقالت "هيومن رايتس ووتش"، في بيان لها اليوم الثلاثاء: "يبدو أن تخفيض التغذية يستمر لفترات أطول في المناطق الريفية، التي فيها معدلات أعلى للفقر، ما يحرم الكثيرين من التيار الكهربائي وسط ارتفاع درجات الحرارة، ويعيق قدرتهم على أداء وظائفهم، كحال بعض الكوادر الطبية، ويحرمهم من المياه. ينبغي أن تعترف الحكومة بحق كل فرد في كهرباء نظيفة، ومتاحة، وميسورة التكلفة".
كان رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قد قال إن التقنين، الذي بدأ في 22 يوليو/ تموز 2023، بعد أسبوع من الانقطاعات المفاجئة للتيار الكهربائي، يهدف إلى تخفيف الضغط على البنية التحتية للكهرباء في البلاد جرّاء زيادة الطلب. إلا أن مسؤولين حكوميين قالوا أيضاً إن أزمة الكهرباء نتجت عن عدم كفاية إمدادات الغاز لتشغيل محطات الطاقة.
وفي 31 يوليو/ تموز، أصدر مجلس الوزراء جداول التقنين في جميع أنحاء البلاد، باستثناء محافظات مرسى مطروح والبحر الأحمر وجنوب سيناء، والتي اعتبرها معفاة نتيجة استهلاكها المحدود للطاقة. وقال أيضاً إن المناطق السياحية والساحلية ستُستثنى لأنها تدرّ إيرادات عامة.
واستشهدت المنظمة بتقرير لـ"العربي الجديد"، جاء فيه "تُقنّن الكهرباء في مناطق القاهرة الكبرى أربع مرات في اليوم لمدة ساعة في كل مرة، في حين تُقنن في الصعيد والدلتا خمس مرات".
ورغم تصريحات رئيس الوزراء أن التقنين جاء نتيجة الطلب المفرط، قال وزير الكهرباء لوسائل الإعلام المحلية إن استهلاك الكهرباء في البلاد لا يتجاوز الطاقة الإنتاجية المحتملة، مضيفاً أن "الانقطاعات كانت مدفوعة بشكل رئيسي بنقص إمدادات الغاز الطبيعي وزيت الوقود لتشغيل محطات الكهرباء".
وفي 2019، حققت مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز، وبدأت بتصدير الغاز الطبيعي المسال، لكن وصل إنتاج الغاز إلى أدنى مستوى له في ثلاث سنوات في مايو/ أيار الماضي، وفقاً لـ"المسح الاقتصادي للشرق الأوسط".
ولسد الفجوة، أعلنت الحكومة عزمها استيراد كميات إضافية من زيت الوقود تتراوح قيمتها بين 250 و300 مليون دولار حتى نهاية أغسطس/آب.
وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن الحق المحمي دولياً في مستوى معيشي لائق، يشمل حق كل فرد، دون تمييز، في الحصول على كهرباء كافية، وموثوقة، وآمنة، ونظيفة، ومتاحة، وميسورة التكلفة. فـ"الحصول على الكهرباء حق أساسي لضمان الحصول على الحقوق الأخرى، مثل الحق في الصحة، والسكن، والمياه، والتعليم، ويجب الاعتراف به كحقّ من حقوق الإنسان قائم بذاته".
ولفتت إلى أنه يقع على عاتق الدول واجب ضمان حصول كل فرد في أراضيها أو المناطق الخاضعة لسيطرتها على الكهرباء، مشيرة إلى أن "هذا يعني ضمان توليد الكهرباء وإمداداتها بشكل كافٍ ومستدام، والتعاون الدولي لضمان توفير كهرباء موثوقة، وميسورة التكلفة، ومتاحة للمستخدم النهائي".
وأكدت المنظمة أن نصف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في مصر تقريباً مصدرها إنتاج الكهرباء والحرارة، والتي يُولَّد 90% منها من الوقود الأحفوري، ويشكّل الغاز الجزء الأكبر منه.
وقالت "هيومن رايتس ووتش" إنه ينبغي للسلطات المصرية اتخاذ خطوات فورية وعاجلة لضمان حصول جميع السكان على تغذية بكهرباء مستمرة ونظيفة وميسورة التكلفة، ولا تُسهم في أزمة المناخ، مع التركيز على زيادة قدرة التوليد من الطاقة الكهرومائية، والرياح، والطاقة الشمسية.
وأضافت: "كلما كان الانتقال إلى الطاقة المتجددة أسرع، زاد توفير مصر للأموال، وخُلقت فرص عمل أكثر، وقلّت مساهمة مصر في أزمة المناخ".