هل يوجه المركزي الأميركي ضربة قاضية للعملات المشفرة؟

22 يناير 2022
تراجع سعر "بيتكوين" أمس الجمعة إلى ما دون 38 ألف دولار (فرانس برس)
+ الخط -

أدى التراجع السريع في سعر العملات المشفرة وعلى رأسها "بيتكوين" إلى وصف ما تمر به حالياً بـ"الشتاء"، في الوقت الذي يتوقع فيه أن تدخل عصر "التجمّد".

وتراجعت أسعار العملة المشفرة الكبرى "بيتكوين" في تعاملات، أمس الجمعة، بنحو 8.7%، حيث انخفضت لأدنى مستوى لها في ستة أشهر دون 38000 دولار، كما تراجعت أحجام التداول، بينما انخفضت "إيثر" إلى أقل من 3000 دولار وخسرت ما يصل إلى 11%.

وبلغ إجمالي خسارة "بيتكوين" منذ ذروتها، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، نحو 45% من قيمتها، مما أدى إلى حذف ما يزيد على 600 مليار دولار من قيمتها السوقية، مع خسارة أكثر من تريليون دولار من إجمالي سوق العملات المشفرة.

قرارات المركزي الأميركي

ووفقاً لتقرير بموقع "بيزنس إنسايدر" اليوم السبت، فإنّ "العصر الجليدي" للعملات المشفرة قد يأتي مع خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) دعمه الأسواق والاقتصاد، إذ يتجه لرفع أسعار الفائدة، ووضع قواعد مشددة لتنظيم سوق العملات المشفرة مما يجعل التوقعات المستقبلية لها قاتماً.

ويشعر بعض المستثمرين بالقلق من دخول السوق "شتاء التشفير" وهو ما يعني انخفاض الأسعار بشكل حاد والفشل في التعافي لأكثر من عام، في حال قيام الاحتياطي الفيدرالي بتشديد السياسة النقدية بشكل مفاجئ.

أما الأسوأ من ذلك، وفقاً لما يقوله خبير الأسواق المالية بول جاكسون، للموقع، فهو اتجاه العملات المشفرة إلى "عصر جليدي"، حيث تظل الأسعار منخفضة لسنوات ويفقد العديد من المستثمرين الاهتمام بها.

وأضاف جاكسون أنّ دخول ذلك العصر "ليس مرتبطاً بسياسات مجلس الاحتياطي الفيدرالي فحسب، بل بشكوك المستثمرين حول قوة تكنولوجيا العملات المشفرة، وقرارات تنظيم سوقها الذي يمكن أن يخنق تطوير الصناعة".

وكانت عملة "بيتكوين" بمثابة الأصل التحفيزي الذي عززه سيل الأموال التي ضخها الاحتياطي الفيدرالي والحكومة في الأسواق خلال تفشي فيروس كورونا، ومع وقف المجلس لسياسته في مواجهة التضخم، تم إغلاق صنبور الأموال المتدفق لهذه الأصول.

ومع اتجاه الاحتياطي الفيدرالي لرفع الفائدة 4 مرات خلال العام الجاري، وارتفاع عوائد السندات الأميركية، تضررت الأسهم التكنولوجية والعملات المشفرة غير المربحة.

عوائد السندات المرتفعة

وانهار مؤشر ناسداك لشركات التكنولوجيا، الأسبوع الماضي، بأكثر من 15% عن آخر رقم قياسي سجّله في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، ما يضعه بشكل مؤكد في هامش التصحيح، مسجلاً أسوأ شهر له منذ أكتوبر/تشرين الأول 2008 في ظل الأزمة المالية.

أما مؤشر ستاندارد أند بورز 500، الذي يمثل السوق الأميركية بمجملها، فتراجع بـ8,3% منذ ذروته الأخيرة في مطلع العام.

ووفقاً لجاكسون، فإنّ الأصول المضاربة تبدو أقل جاذبية بكثير عندما تكون العوائد على السندات الخالية من المخاطر أعلى، مشيراً إلى أنّ الأسوأ لسوق العملات المشفرة هو مزيد من الارتفاع في عوائد السندات.

وقال إنّ "البنوك المركزية والحكومات لعبت دوراً في اقتحام هذه الأسواق، ومع انعكاس تلك السياسات، أعتقد أنه سيكون لها دور في تثبيطها". وأضاف "أعتقد أنه سيكون عصراً جليدياً".

في مقابل ذلك، قال الرئيس التنفيذي لشركة الاستثمار "Pantera" دان مورهيد، لـ"بيزنس إنسايدر"، إنّ القطاع يجب أن يظل قوياً لأنّ استخدامات شبكات التشفير قد تضخمت.

وأشار إلى النمو في التمويل اللامركزي (DeFi) حيث يمكن تنفيذ الأنشطة المالية مثل التداول دون الحاجة إلى وسطاء، وذلك بفضل تقنية التشفير.

الضغوط التنظيمية

وما يزيد الضغط على سوق العملات المشفرة، الضغوط التنظيمية المستمرة التي تضعها أو تعلنها البنوك المركزية الكبرى، حيث اقترح البنك المركزي الروسي، حظراً تاماً للتعدين والمعاملات، مما زاد من عمليات البيع المكثفة، يوم الجمعة.

كما يتوقع أن يقوم البنك المركزي الأوروبي بتشديد قواعد تداول العملات المشفرة، بينما اتخذت إسبانيا وبريطانيا إجراءات صارمة ضد إعلاناتها.

وتدرس الهند قواعد تنظيمية مرتبطة بالعملات المشفرة، حيث أعلنت في السابق أنها تخطط لحظر معظمها، في تحرّك سيأتي في أعقاب إجراءات اتخذتها الصين، التي كثفت حملتها على هذه العملات.

ودعا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الاثنين الماضي، إلى "مسعى عالمي مشترك" للتعامل مع المشاكل التي تشكلها العملات المشفرة.

وقال الخبير المالي جيمس مالكولم، لـ"بيزنس إنسايدر"، إنّ مشاكل تكنولوجيا التشفير فضلاً عن قواعد التنظيم الأكثر صرامة، "قد تجرّ عالم التشفير إلى شتاء آخر".

واستشهد مالكولم بمدونة لمؤسس تطبيق المراسلة (Signal)، والتي خلصت إلى أنّ تقنية (blockchain) عتيقة وبعيدة عن اللامركزية. وفي الوقت نفسه كان مستخدمو شبكة تشفير "إيثر" غاضبين من الازدحام ورسوم المعاملات المرتفعة، والتي ثبت أنه من الصعب جداً إصلاحها.

المساهمون