هل ينعكس انحسار التضخم تحسناً في معيشة الأسر البريطانية؟

21 مارس 2024
لا تزال فاتورة العيش ببريطانيا بين الأعلى عالمياً رغم تراجع التضخم (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في بريطانيا، تباطأ معدل التضخم في فبراير إلى 3.4%، مما يشير إلى إمكانية خفض أسعار الفائدة، على الرغم من ارتفاع أسعار وقود السيارات وتباطؤ التضخم الأساسي إلى 4.5%.
- تكاليف المعيشة لا تزال تضغط على الأسر في المملكة المتحدة، حيث يشير تقرير "بلومبيرغ" إلى أن انخفاض التضخم لا يعني بالضرورة انخفاض الأسعار، ولكن تباطؤ وتيرة الزيادات.
- يتوقع الاقتصاديون انخفاض التضخم إلى ما دون 2% في الأشهر المقبلة، مما قد يؤدي إلى خفض أسعار الفائدة، ولكن هناك مخاوف من ارتفاع الأسعار مجددًا بسبب الاضطرابات الجيوسياسية والتأخير في التوريد.

تساؤلات كثيرة تُثار في بريطانيا هذه الأيام عن مدى محاكاة الأرقام الرسمية التي تفيد بأن التضخم آخذ بالانحسار، في حين أن تكاليف المعيشة لا تزال مرتفعة جداً وتهدد أمن كثير من سكان المملكة المتحدة، مواطنين ومقيمين وسائحين.

في جديد الأرقام الصادرة الأربعاء، تباطأ معدل التضخم البريطاني في فبراير/ شباط بنسبة تزيد قليلاً عن توقعات الاقتصاديين وبنك إنكلترا، بما يمهد الطريق لخفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة.

فقد أفاد مكتب الإحصاء الوطني بأن أسعار المستهلكين ارتفعت بنسبة أقل قليلاً من المتوقع بلغت 3.4% على أساس سنوي في فبراير، متباطئة من 4% في يناير/ كانون الثاني، في أدنى معدل للتضخم منذ سبتمبر/ أيلول 2021.

وتوقع استطلاع أجرته "رويترز" لآراء اقتصاديين، وتوقعات بنك إنكلترا المركزي التي نشرت الشهر الماضي، بأن يصل التضخم السنوي إلى 3.5%.

وجاء التراجع مدفوعاً بانخفاض أسعار المواد الغذائية والأسعار بالمطاعم، بينما ارتفعت أسعار وقود السيارات. كما تباطأ التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار الطاقة والغذاء والتبغ، إلى 4.5%، منخفضاً من 5.1% في يناير/ كانون الثاني، بينما أشار استطلاع "رويترز" إلى قراءة تبلغ 4.6%.

لكن ماذا يعني انخفاض معدل التضخم بالنسبة للأسر في المملكة المتحدة؟

في هذا الصدد، يشير تقرير أوردته شبكة "بلومبيرغ" الأربعاء إلى أن الأسر التي تعاني من ضائقة مالية حصلت على دفعة أمل بعد تراجع التضخم بأكثر من المتوقع، مشيرة إلى أن معدل التضخم لشهر فبراير البالغ 3.4% يعني أنّ نفس الأشياء التي كانت تكلف الأسرة 100 جنيه إسترليني قبل عام أصبحت تكلف الآن 103.40 جنيهات إسترليني.

وعما إذا كان هذا يعني أن تكاليف المعيشة آخذة في الانخفاض، تؤكد "بلومبيرغ": "للأسف لا. لأن انخفاض التضخم لا يعني انخفاض الأسعار، بل يعني فقط أن وتيرة الزيادات تتباطأ"، علماً أن التضخم تراجع باطراد بعدما وصل إلى ذروته عند 11.1% في أكتوبر/ تشرين الأول 2022.

ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى انخفاض الحد الأقصى لسعر الطاقة بشكل ملحوظ مقارنة بالحد الأقصى البالغ 2500 جنيه إسترليني الذي شوهد في نهاية عام 2022.

وفي حين أنّ مجموعة من السلع المنزلية لا تزال تشهد ارتفاعاً في الأسعار، انخفضت تكلفة بعض محلات البقالة والخدمات في فبراير، مثل الحليب كامل الدسم والزبدة والجبن والسيارات المستعملة.

وعما يعني انخفاض التضخم بالنسبة لأسعار الفائدة، نقلت الشبكة عن اقتصاديين ترجيحهم الآن أن يتراجع التضخم إلى ما دون هدف بنك إنكلترا البالغ 2% في الشهرين المقبلين، بفضل الانخفاض المقبل بنسبة 12% في سقف أسعار الطاقة في الأول من إبريل/ نيسان.

كما قالوا إن هذا قد يمهد الطريق أمام البنك للبدء في خفض أسعار الفائدة في أغسطس/ آب، أو ربما في وقت مبكر من يونيو/ حزيران. لكن البنك يريد التأكد من أن التضخم تحت السيطرة قبل أن يخفض أسعار الفائدة البالغة حالياً 5.25%.

وكان صناع السياسات يراقبون نمو الأجور وسوق العمل من كثب، ومن المرجح أن يرغبوا في التأكد من المستقبل، بحيث لا تؤدي الزيادة بنسبة 9.8% في أجر المعيشة الوطني في إبريل إلى ارتفاع التضخم مجدداً.

ومن شأن رفع أجور المعيشة أن يضع المزيد من الأموال في جيوب ما يقرب من 3 ملايين شخص، ويُعتقد أنه قد يؤدي إلى طفرة في الإنفاق الاستهلاكي في الربيع.

في هذا الصدد، يقول الخبير الاقتصادي في "أي إن جي" جيمس سميث، إنّ التضخم "من المرجح أن يظل أقل من هدف بنك إنكلترا خلال معظم عام 2024" حيث من المتوقع أن تنخفض أسعار الطاقة بشكل أكبر، مضيفاً: "قد نشهد انخفاضاً آخر بنسبة 10% في فواتير الطاقة في يوليو/ تموز، عندما تحدّث الهيئة التنظيمية مرة أخرى الحد الأقصى لأسعار الأسر".

لكن ثمة مخاوف من أن يؤدي انقطاع الشحن في البحر الأحمر والاضطرابات الناتجة عن هجمات الحوثي إلى ارتفاع الأسعار، حيث قال مكتب الإحصاءات إنه لم ير أي علامة حتى الآن على تأثير مشاكل البحر الأحمر في بيانات فبراير، لكن لا تزال هناك مخاوف من أن الهجمات التي يشنها المتمردون الحوثيون على سفن الشحن التي تمر عبر الطريق التجاري قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع، بالنظر إلى التأخير في التوريد والشحن الأكثر تكلفة.

المساهمون