مع ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة إلى مستويات قياسية منذ عام 1981، تبحث إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من خلال "قانون الحد من التضخم" عن طرق جديدة للحد من ارتفاع الأسعار في البلاد.
وبعد أسابيع من المفاوضات، وافق مجلس الشيوخ الأميركي، الأحد الماضي، على مشروع القانون المكون من 755 صفحة، ليتم إقراره في البرلمان الجمعة القادمة.
والثلاثاء، وقع الرئيس الأميركي جو بايدن على القانون نهائيا بعد موافقة مجلس الشيوخ، في أكبر حزمة للحد من التضخم وانبعاثات غازات الدفيئة، تصل قيمتها لـ430 مليار دولار.
والأسبوع الماضي، قال الرئيس بايدن خلال اجتماع افتراضي مع قادة الأعمال الأميركيين إن القانون المقترح هو "أقوى مشروع لخفض التضخم، ومواصلة خفض العجز في الميزانية، وتقليل تكاليف الرعاية الصحية، ومعالجة أزمة المناخ".
وشدد على أن المشروع سيجعل النظام الضريبي في البلاد "أكثر عدلاً" من خلال جعل الشركات تدفع "ضرائب أقل"، مضيفا أن مشروع القانون لن يرفع الضرائب على العائلات التي تحصل على أقل من 400 ألف دولار سنويا.
ورفض الجمهوريون المقترح ووصفوه بأنه "غير مسؤول"، خصوصاً في ظل حالة الركود الاقتصادي التي تواجهها البلاد.
توصيف سياسي
قال جيهون إلجين، أستاذ الاقتصاد بجامعة "بواز ايتشي" في إسطنبول، لوكالة الأناضول، إن استخدام اسم رمزي مثل قانون الحد من التضخم "يشبه إلى حد كبير التوصيف السياسي لمجموعة السياسات المرتبطة بمقترح إدارة بايدن".
وأوضح أن التضخم لا يحظى بشعبية كبيرة في الولايات المتحدة في الوقت الحاضر، وأن إدارة بايدن "أرادت الاستفادة من هذا عن طريق ربط المشروع بخفض التضخم".
وأشار إلى أن المشروع المقترح يحتوي على العديد من الإجراءات لدعم الاستثمار المحلي الصديق للبيئة وتمويله من خلال زيادة الضرائب على الشركات.
وقال إلجين إن المشروع "لن يخفض التضخم على الفور، لكنه يجعل الاقتصاد الأميركي أقل اعتمادا على أسعار الطاقة العالمية على المدى البعيد".
وأضاف: "بما أنه من المتوقع أن تكون الزيادات الضريبية أكثر من زيادة الإنفاق على دعم الاستثمار، فإن القانون سيقلل أيضا عجز الميزانية الأميركية، وقد يؤثر بانخفاض بسيط للتضخم".
أهداف المشروع
يسعى المشروع الجديد إلى تحقيق العديد من الأهداف، منها تقليص العجز التاريخي في محاربة التضخم، والاستثمار في الإنتاج باستخدام الطاقة النظيفة، وخفض انبعاثات الكربون بنسبة 40 بالمائة تقريبا بحلول عام 2030.
ويتضمن المشروع فرض حد أدنى جديد للضريبة على الشركات بنسبة 15 بالمائة سيؤدي إلى زيادة الإيرادات بقيمة 313 مليار دولار، بالإضافة إلى 124 مليار دولار من تقليص الفجوة الضريبية من خلال إنفاذ "أقوى" للقوانين من قبل دائرة الإيرادات الداخلية.
ومن المتوقع أن يصل إجمالي العوائد من المشروع، في حال إقراره، إلى 739 مليار دولار.
تأثير محدود
قال جيم أويفات، كبير محاضري الاقتصاد في جامعة "غرين ويتش" بلندن، إن القانون الجديد سيكون له "تأثير إيجابي متواضع" على التضخم.
وأوضح أن التضخم الذي تواجهه الولايات المتحدة مدفوع بشكل أساسي بعوامل العرض، حيث كانت أسعار الطاقة أحد العوامل الرئيسية وراء ذلك.
وقال أويفات: "بما أن قانون الحد من التضخم يهدف إلى تقليل اعتماد الولايات المتحدة على الوقود الأحفوري، فإنه سيقلل تكاليف الطاقة والطلب العالمي على الوقود الأحفوري، واللذين بدورهما سيساعدان في خفض التضخم".
وأضاف أن مشروع القانون يسعى أيضا إلى خفض تكاليف الأدوية، مما سيؤثر بشكل إيجابي طفيف على التضخم.
وأضاف: "مشروع القانون يدعم الانتقال إلى الطاقة المتجددة، مما سيقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري، ويخصص أكثر من 60 مليار دولار لاستثمارات تستهدف العدالة البيئية".
وأوضح أويفات أن المشروع يهدف أيضا إلى سد الثغرات الضريبية، مما سيؤثر بشكل إيجابي على الحد من عدم المساواة في الدخل.
تفاصيل المشروع
يؤمن القانون، أكبر استثمار على الإطلاق لمعالجة تغير المناخ، مع تخصيص ما يقرب من 370 مليار دولار للحد من الانبعاثات الضارة وتعزيز التكنولوجيا الخضراء.
ينتقل مشروع القانون أيضا إلى تحديد تكاليف الأدوية لكبار السن وخفضها مع تجنيب حوالي 13 مليون أميركي من ذوي الدخل المنخفض والمتوسط من الزيادات في أقساط التأمين الخاصة.
سيضخ مشروع القانون ما يقرب من 375 مليار دولار على مدار العقد في استراتيجيات مكافحة تغير المناخ التي يعتقد الديمقراطيون أنها يمكن أن تضع البلاد على طريق خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 40 بالمائة بحلول 2030.
بالنسبة للمستهلكين، يعني ذلك خصومات ضريبية لشراء السيارات الكهربائية، بقيمة 4000 دولار لشراء السيارات المستعملة وما يصل إلى 7500 دولار للمركبات الجديدة.
سيكون هذا الإعفاء مؤهلا للأسر التي يبلغ دخلها 300 ألف دولار أو أقل للأزواج، أو الأشخاص العزاب الذين يبلغ دخلهم 150 ألف دولار أو أقل.
لن تكون جميع السيارات الكهربائية مؤهلة بشكل كامل للحصول على الإعفاءات الضريبية، وذلك بفضل متطلبات تصنيع الأجزاء المكونة وتجميعها في الولايات المتحدة، والسيارات الأعلى سعراً التي تكلف أكثر من 55000 دولار.
هناك أيضا إعفاءات ضريبية للمستهلكين حتى يصبحوا أصدفاء للبيئة؛ منها ائتمان ضريبي للمستهلك لمدة 10 سنوات لاستثمارات الطاقة المتجددة في طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
بالنسبة للشركات، تحتوي الفاتورة على 60 مليار دولار للحصول على ائتمان ضريبي لتصنيع الطاقة النظيفة و30 مليار دولار للائتمان الضريبي للإنتاج لطاقة الرياح والطاقة الشمسية.
كما يمنح مشروع القانون ائتمانات ضريبية للطاقة النووية وتكنولوجيا احتجاز الكربون التي استثمرت شركات النفط مثل إكسون موبيل ملايين الدولارات فيها.
(رويترز)