هل يقفز الدين العام الأميركي بأسعار الذهب؟

14 اغسطس 2023
توقعات بارتفاع سعر الذهب بالتزامن مع زيادة الدين العام الأميركي (الأناضول)
+ الخط -

على مر العقود الخمسة الماضية كان يُنظَر إلى الذهب على أساس أنه مخزن للقيمة ووسيلة للحماية من المخاطر الاقتصادية. وخلال هذه الفترة ارتبط سعر الذهب ارتباطًا وثيقًا بالمخاوف المتعلقة بالدين العام المتزايد للولايات المتحدة، وفقاً لما أظهرته بيانات بنك الاحتياط الفيدرالي في سانت لويس وموقع "إن غولد وي ترست" المعني بأبحاث تداول الذهب.

ويعرف الدين الحكومي (العام) للولايات المتحدة بأنه مقدار الأموال التي اقترضتها الحكومة الفيدرالية لتغطية الرصيد المستحق من النفقات المفروضة عليها بمرور الوقت.

وعندما يتجاوز الإنفاق الحكومي الإيرادات المحصلة خلال السنة المالية، يتجه العم سام للاقتراض. ويتم ذلك عن طريق بيع أوراق مالية قابلة للتداول، مثل سندات الخزانة وأذونها، والأوراق النقدية، وسندات الفائدة المتغيرة، وأوراق الحماية من التضخم التي تصدرها الخزانة الأميركية "TIPS"، حتى يمكن تغطية العجز المالي.

وتعرض الدين العام الأميركي للزيادة كل عام منذ عام 1970، باستثناء عام 2000، الذي انخفض فيه بنسبة 2%، بسبب عوامل مثل النمو القوي وفائض الميزانية.

وعلى مدى العقود القليلة الماضية، نما الدين الوطني من حوالي 370 مليون دولار في عام 1970 إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 31.4 تريليون دولار في عام 2023، وهو ما أثار أخيرًا "أزمة سقف الدين" في الكونغرس، واقترب بالاقتصاد الأكبر في العالم من التخلف عن سداد التزاماته للمرة الأولى في التاريخ. 

لكن البيانات الصادرة عن البنك والموقع أظهرت أن الخلل في الميزانية الفيدرالية الأميركية أكبر مما يبدو، ويرجع ذلك إلى وجود التزامات مالية غير ممولة، وهي التزامات ضريبية مستقبلية تعهدت بها الحكومة، ولكنها لا تملك الموارد الكافية للوفاء بها بالكامل. وتشمل هذه الالتزامات المالية غير الممولة مخصصات الضمان الاجتماعي، وبرنامج التأمين الخاص بالرعاية الصحية لكبار السن "ميدي كير"، وكلاهما من أهم أوجه الإنفاق الحكومي في الولايات المتحدة.

لكن ارتفاع الديون الأميركية ارتبط في أغلب حالاته بتزايد المخاوف من ارتفاع معدل التضخم في البلاد. فعندما يتراكم على الحكومة مبلغ كبير من الديون، تلجأ بعض الحكومات، ومنها الحكومة الأميركية بالتأكيد، إلى طباعة المزيد من الأموال، أو زيادة الإنفاق الحكومي، وكلاهما من أهم مسببات الضغوط التضخمية. وفي تلك الحالات، تُظهر البيانات، ويعلمنا التاريخ، أن المستثمرين يلجأون إلى الذهب كوسيلة للتحوط من التضخم.

من ناحية أخرى، يتسبب ارتفاع مستويات الديون الفيدرالية في تزايد خوف المستثمرين من عدم استقرار الأسواق المالية، ما يدفعهم إلى البحث عن ملاذ آمن، ولا يكون هناك عادة أفضل من المعدن النفيس.

وتجدر هنا الإشارة إلى أنه على الرغم من أن سعر الذهب يميل إلى الارتفاع مع زيادة الديون الحكومية الأميركية، إلا أن العديد من العوامل الأخرى يمكن أن تؤثر أيضًا على السوق، بما في ذلك معنويات المستثمرين، وسياسات البنك المركزي، والظروف الاقتصادية العالمية.

المساهمون