بات السؤال الأهم الذي يشغل أسواق العالم والبورصات وكبار المستثمرين وأبرز المؤسسات المالية والبنوك المركزية هو: هل سيثبت مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) سعر الفائدة على الدولار في اجتماعه اليوم الأربعاء، منهيا موجة ارتفاعات دامت 15 شهراً، وأدت إلى حدوث 10 زيادات متواصلة رفعت العائد على العملة الأميركية من نحو الصفر تقريبا إلى 5.5%؟.
زيادات مستمرة أرهقت الدول العربية والنامية ذات المديونية العالية، وتلك التي تعتمد على القروض الخارجية وطرح السندات والصكوك الدولية في سد عجز موازنتها العامة وردم فجواتها التمويلية، ومحاولة وقف تهاوي عملاتها الوطنية مقابل الدولار، وتدبير نقد أجنبي لتمويل التجارة الخارجية وواردات الحبوب والوقود.
وهل سيقود الفيدرالي الأميركي البنوك المركزية في وقت لاحق نحو التخلي عن سياسية التشدد النقدي، والتوقف ليس فقط عن زيادة سعر الفائدة، بل وتثبيتها ثم خفضها بداية من العام المقبل 2024؟.
وإذا كان البنك المركزي الأميركي وغيره من بنوك الاستثمار العالمية وخبراء الاقتصاد يخشون من دخول الاقتصاد الأميركي في حالة ركود شديدة بسبب الغلاء وزيادة التضخم والبطالة وتكلفة الأموال، فماذا عن البنوك المركزية الأخرى التي دخلت دولها بالفعل مرحلة الركود أو كادت أن تدخل، هل ستسير على خطى الفيدرالي وتضحي باقتصادياتها واستقرار أسواقها وموجات التضخم مقابل تحقيق معدلات نمو عالية، واتاحة الأموال للمستثمرين بتكلفة منخفضة؟
العالم الآن في حيرة شديدة، إذ من الصعب التنبؤ بقرار الفيدرالي الأميركي المتوقع إعلانه اليوم الأربعاء، فالغالبية العظمى من المحللين والمؤسسات الاستثمارية يتوقعون تثبيت سعر الفائدة على الدولار لأول مرة منذ بداية الحرب الأوكرانية في فبراير/شباط 2022.
لكن في المقابل فإن بنوكا عالمية مرموقة مثل الاستثماري العملاق "غولدمان ساكس" تميل إلى مواصلة الفيدرالي الرفع، خاصة مع استمرار زيادة معدل التضخم عن المعدل المستهدف وهو 2%.
وإذا كان الفيدرالي سيثبت سعر الفائدة في الفترة المقبلة لتفادي دخول الولايات المتحدة في مرحلة ركود أو كساد تشبه تلك التي حدثت في ثلاثينات القرن الماضي، فماذا عن البنوك المركزية الاخرى.
من المؤكد أن البنوك المركزية الأخرى لن تسير على خطى الفيدرالي، وأن البنك المركزي الأوروبي سيواصل سياسة رفع سعر الفائدة على اليورو مع زيادة التضخم داخل منطقة اليورو لمكافحة التضخم رغم دخول اقتصادات أوروبية مرحلة الركود بالفعل.
ومن المؤكد أيضا أن الدول العربية التي لا تزال تدمن الاقتراض الخارجي ستلتقط الأنفاس في حال تعليق الفيدرالي رفع معدل الفائدة للمرة الأولى منذ شهر مارس/آذار 2022، لأن هذا قد يفتح الباب أمامها مرة أخرى لاغتراف المزيد من القروض وإغراق بلادها في وحل الاستدانة.