هل يعزز عدوان الاحتلال مساعي توسيع بريكس؟

20 نوفمبر 2023
بريكس نحو التوسع (Getty)
+ الخط -

قد تستسفيد مجموعة بريكس من تداعيات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في حالة اتساع رقعة الحرب لتشمل دولاً أخرى في المنطقة.

وتفرض تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة معطيات جديدة بشأن التأثير المحتمل على مساعي مجموعة بريكس لتأسيس نظام اقتصادي عالمي جديد قائم على كتلتي بريكس ومجموعة السبع، وذلك في ظل إعلانها، في أغسطس/آب الماضي، عن توسعة عضويتها لتضم دولا خليجية وغيرها.
فمراقبو الشأن الاقتصادي يرون هذا التوسع حدثا تاريخيا ونقطة بداية جديدة للتعاون بين دول المجموعة، وسط توقعات بأن يزيد من قوة ونفوذ بريكس على المستوى الاقتصادي، وأن يسهم في خلق فرص تمويلية واستثمارية وآفاق اقتصادية واسعة للدول المنضمة حديثا وخاصة الخليجية، وهو ما قد تعززه حالة الانقسام السياسي العالمي على أثر الحرب في غزة واحتمال توسعها إلى نطاق إقليمي. ولكن حسب المراقبين، سيتوقف ذلك على مدى توسع نطاق الحرب ليمتد إلى دول أخرى.

نطاق الحرب
من شأن تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة أن ترتفع خلال الفترة المقبلة، بحسب الخبير في الاقتصاد السياسي نهاد إسماعيل، لكنه يرى أن مستوى هذا التأثير على مساعي مجموعة بريكس لنظام اقتصادي عالمي جديد سيبقى محدودا إذا اقتصرت الحرب جغرافيا على قطاع غزة، وفق تصريحاته "العربي الجديد".

لكن إذا اتسعت رقعة الحرب وتورطت إيران فيها، فستتغير الصورة كليا، بحسب إسماعيل، إذ "ربما تتعرض إيران لضربات عسكرية وعقوبات اقتصادية قد تقلص إمدادات النفط في الأسواق"، حسب قوله.
وإذا لجأت إيران للتدخل في مضيق هرمز، فستضطرب سلاسل الإمدادات البحرية للنفط والغاز من دول الخليج إلى الأسواق العالمية، ومن شأن أي تطور سلبي من هذا القبيل أن يرفع أسعار الطاقة إلى مستويات عالية، وكذلك تكلفة التأمين البحري واستئجار ناقلات النفط والغاز الطبيعي المسال، كما قد ينهار الطلب على الطاقة، وهو ما يضر اقتصادات دول الخليج، بحسب إسماعيل.
كما أن ارتفاع أسعار الطاقة يمثل، برأي إسماعيل، ضغطا اقتصاديا على الدول الصناعية المستوردة، خاصة الصين والهند، وهما عضوان بارزان في بريكس، وكذلك يؤذي اقتصادات باقي الدول الأعضاء في المجموعة.

فوائد استراتيجية
أما في حال بقاء الوضع الحالي وعدم اتساع الحرب إلى مستوى إقليمي، فسيبقى التأثير السلبي على خطط بريكس محدودا، ولن يعطل مشاريع تأسيس نظام اقتصادي عالمي جديد، حسب ما يرى إسماعيل، مشيرا إلى أن توسيع المجموعة له فوائد استراتيجية واقتصادية كبيرة للسعودية والامارات تحديدا.
فالانضمام إلى المجموعة من شأنه أن يزيد نفوذ الرياض وأبوظبي على الساحة العالمية، اقتصاديا وسياسيا، إذ ستكون دول الخليج ضمن كتلة تمثل 42% من سكان العالم و30% من اجمالي حجم الاقتصاد العالمي، كما سيفتح لها الانضمام إلى بريكس آفاقا استثمارية ضخمة في مجالات الطاقة الأحفورية والمتجددة ومشاريع صناعية وزراعية والتكنولوجيا الرقمية، بحسب إسماعيل.

أسواق جديدة
ويفتح توسيع بريكس أيضا أسواقا جديدة، ويطرح فرصا ضخمة لمشاريع تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على الطاقة الأحفورية، برأي إسماعيل، الذي لفت إلى أن مشاريع كهذه ذات أهمية خاصة في خطط السعودية والإمارات التنموية.

وفي المقابل، من شأن انضمام الدولتين الخليجيتين إلى بريكس أن يضمن دعما ماليا ضخما لبنك التنمية الجديد التابع للمجموعة، ما يساعد في تقويتها وإعطاء السعودية والإمارات دورا محوريا في الكتلة ووزنا استراتيجيا أكبر، حسب ما يرى إسماعيل.
ولذا يرى إسماعيل أنه لا يمكن التقليل من أهمية التحاق أعضاء جدد ببريكس، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه تعظيم فرص الاتفاقات الثنائية مع الدول الأعضاء، وكذلك خلق حالة من الاستقرار الجيوسياسي والاقتصادي، بما يخدم مصالح المجموعة ككل.
وبعد أن كان حجم اقتصاد مجموعة بريكس حوالي 26 تريليون دولار، ما يمثل حوالى 25.6% من حجم الاقتصاد العالمي في 2022، سيصبح، بعد انضمام السعودية والإمارات، ضمن 6 دول جديدة، حوالى 29 تريليون دولار، بما يمثل حوالى 29% من حجم الاقتصاد العالمي، بحسب بيانات البنك الدولي.
وحسب تقرير أصدرته شركة الاستشارات البريطانية "Acorn Macro Consulting"، في إبريل/نيسان الماضي، فإن مجموعة "بريكس" تتمتع في الوقت الراهن بوزن اقتصادي أكبر من الدول السبع.
وحسب صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" الفرنسية، فإن الاتجاه الصعودي الذي حققته "بريكس" مرشح للاستمرار، خاصة في أسواق الصين والهند.
ويرى مؤلف كتاب "القوى العالمية الجديدة: كيف تغير دول بريكس العالم"، الصادر عام 2011، ألكسندر كاتب، أن "عضوية بريكس جوهرية في تعزيز توجه السعودية الاستراتيجي تحديدا، إذ تسمح للمملكة بلعب دور أكثر تأثيراً في المقترحات التي صاغتها بعض القوى العظمى لإعادة تأسيس النظام الدولي الذي تعود أصوله الاقتصادية إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، وعفا على كثير منها الزمن".

المساهمون