مع استمرار التعنت الروسي ورفض موسكو تمديد اتفاق البحر الأسود للحبوب، تتطلع الدول الغربية إلى ما يمكن أن تقدمه بكين، التي تربطها علاقات جيدة بروسيا، والتي كانت المشتري الأكبر للحبوب الأوكرانية، قبل انتهاء أمد سريان الاتفاق دون تمديده.
وقالت روسيا الشهر الماضي، بعد عام واحد فقط من تطبيق الاتفاقية، إنها تشعر بالإحباط بسبب عدم استفادتها من العمل بالاتفاق، مشيرة إلى أن أوكرانيا كانت المستفيد الوحيد.
وخففت الاتفاقية الحصار البحري الروسي لأوكرانيا في البحر الأسود، وأنشأت ممراً بحرياً إنسانياً شهد مرور أكثر من ألف سفينة، تحمل ما يقرب من 33 مليون طن متري من القمح الأوكراني والشعير والذرة ودقيق عباد الشمس، وكانت بكين المتلقي الأكبر لها.
واستقبلت الموانئ الصينية 8 ملايين طن متري من المنتجات الزراعية الأوكرانية خلال الاثني عشر شهراً الأخيرة، ما يُعَدّ نصيب الأسد من الحبوب الأوكرانية، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة. وبدأ العمل بالاتفاق بعد ما يقرب من ستة أشهر من بدء حرب روسيا الشاملة على أوكرانيا.
واشتد قصف المنشآت الزراعية بعدما انسحبت روسيا في 17 يوليو/تموز من اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية بشكل آمن عبر موانئ البحر الأسود. وقال مكتب المدعي العام في بيان: "عموماً، منذ بدء الغزو الشامل، شنّت القوات الروسية أكثر من 100 هجوم على البنية التحتية للحبوب والموانئ في أوكرانيا".
وقال ديفيد ريديل، مؤسس مجموعة ريديل ريسيرش غروب، في مقابلة مع قناة "سي إن بي سي" الاقتصادية، إن الصين أكبر مشترٍ للحبوب الأوكرانية، ومع انهيار مبادرة حبوب البحر الأسود، ستكون الضغوط على بكين شديدة، مع تضخم أسعار الغذاء.
وأضاف قائلاً: "قد تكون بكين قد خزنت بعض الحبوب قبل انهيار الاتفاق، لكن هذا المخزون سيكفي لأسابيع وليس لشهور"، معرباً عن قلقة الشديد من تضخم أسعار المواد الغذائية في الصين.
وفي سياق متصل، صرّحت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، للصحافيين، يوم الثلاثاء، بأن إدارة بايدن ستعطي الأولوية لأزمة الغذاء العالمية المتصاعدة، التي نجمت جزئياً عن انهيار مبادرة حبوب البحر الأسود.
وأضافت: "ستتاح للولايات المتحدة فرصة للقيام بذلك، من خلال رئاستها الدورية لمجلس الأمن".
وقالت توماس غرينفيلد إن واشنطن تعلم أن الأمن الغذائي هو الأمن القومي، واتهمت روسيا بأنها تشنّ هجوماً على سلة الخبز الأهم، إذ تريد أن تحرم العالم الحبوب الأوكرانية.
وأعربت الصين بالفعل عن دعمها للصفقة، وحثت روسيا على تجديدها. وقالت وزارة الخارجية الصينية في بيان إن الصفقة كانت "خطوة مهمة في ضمان تصدير الحبوب الأوكرانية بسلاسة وتخفيف أزمة الغذاء العالمية". وقال البيان إن الصين "على استعداد للعمل مع جميع الأطراف لاستمرار الترويج لتنفيذ الصفقة".
وفي حين أنّ من غير الواضح ما إذا كانت الصين ستنجح في إقناع روسيا بتجديد الصفقة، يبقى الدعم الصيني للصفقة علامة إيجابية، وقد يساعد في إقناع روسيا بإعادة النظر في موقفها.