هل تعكر السوق الآسيوية تحالف روسيا والسعودية في "أوبك+"؟

04 يونيو 2023
الهند استوردت 1.96 مليون برميل من الخام الروسي يومياً الشهر الماضي (Getty)
+ الخط -

يواجه تحالف "أوبك+" تحدياً جديداً، يتعلق بحصص كبار المصدرين للسوق الآسيوية، حيث تظهر بيانات التصدير انتزاع روسيا حصة أكبر على حساب السعودية بفضل تخفيضاتها السعرية بعد العقوبات الغربية ضدها، ما يزعج الرياض وفق وسائل إعلام أميركية.

ينعقد اليوم الأحد في فيينا، اجتماع "أوبك+" الذي يضم دولاً منتجة للنفط من داخل منظمة "أوبك" وخارجها، وسط هيمنة أنباء عن الخلافات الروسية السعودية على أجندة اللقاء، بعد تفاقم مخاوف الرياض من تراجع حصتها في السوق الآسيوية على ضوء القفزة في صادرات النفط الروسي إلى الصين والهند على إثر فرض الحظر الأوروبي على النفط الروسي المنقول بحراً في نهاية العام الماضي.

وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، فإن التوتر بين السعودية وروسيا يتصاعد على إثر مواصلة موسكو ضخ كميات هائلة من الخام الرخيص، مما يقوض جهود الرياض الرامية إلى دعم أسعار موارد الطاقة.

إلا أن نائب رئيس اتحاد الدبلوماسيين الروس، الأستاذ بالمدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، أندريه باكلانوف، يقلل من أهمية هذه المزاعم، متوقعا أن تتمكن روسيا والسعودية من تسوية الخلافات بينهما.

ويقول باكلانوف الذي عمل سفيراً لروسيا في السعودية بين عامي 2000 و2005، في حديث لـ"العربي الجديد": "تندرج التسريبات الإعلامية الغربية حول الخلاف الروسي السعودي ضمن المضاربات، حيث إن روسيا والسعودية قادرتان على تسوية المسائل الخلافية عبر محادثات على مستوى الوزراء.. يفهم السعوديون أكثر من غيرهم ما هي المصالح في مجال النفط".

ومع ذلك، يقر الدبلوماسي الروسي السابق بأن الوضع غير المستقر في سوق النفط العالمية بشكل عام يخلق تربة خصبة لنشوب مثل هذه الشائعات، مما يدفع بكبار المنتجين والمصدرين مثل موسكو والرياض للبحث عن آلية لتحقيق الاستقرار بها.

ويجزم رئيس قسم التحليل بصندوق أمن الطاقة الوطني في موسكو، ألكسندر باسيتشنيك، هو الآخر بأن أسعار النفط الحالية البالغة نحو 77 دولارا للبرميل، لم تعد تناسب كل اللاعبين. وأرجع القفزة في إمدادات النفط الروسي إلى آسيا إلى انهيار الصادرات إلى أوروبا وليس إلى عدم التزام روسيا بخفض الإنتاج.

ويقول باسيتشنيك لـ"العربي الجديد": "أعتقد أنه سيجري اليوم تبادل للآراء حول مختلف القضايا بين مختلف اللاعبين، ولكنه لن يجري الحديث عن خفض جديد للإنتاج. كما ستجري مناقشة أسعار النفط التي لم تعد تناسب الجميع والالتزام غير التام بالحصص القائمة على "اتفاق رجال" بلا رقابة عن كثب".

أرقام مخادعة

يقلل باسيتشنيك من أهمية المزاعم حول الزيادة المطردة في صادرات النفط الروسي، مضيفا: "تقتصر الزيادة الكبيرة على النفط الروسي المنقول بحراً، ولكنها تتجاهل انهيار الصادرات عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا، فتلك الزيادة لا علاقة لها بحجم الإنتاج".

وكان نائب رئيس الوزراء الروسي المعني بملف الطاقة، ألكسندر نوفاك، قد أعلن في بداية فبراير/شباط الماضي، أن روسيا ستخفض "طوعا" الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يومياً. وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، لم يستبعد نوفاك أن ينخفض الإنتاج في بداية العام الجاري بما يتراوح بين 500 و700 ألف برميل يوميا أو بنسبة 5% و7% نتيجة للعقوبات المتمثلة بالحظر الأوروبي وسقف الأسعار.

إلا أن وكالة بلومبيرغ الأميركية أفادت في بداية مايو/أيار الماضي، بأن إمدادات النفط الروسي المنقول بحراً ازدادت في نهاية إبريل/نيسان الماضي بمقدار 680 ألف برميل يومياً إلى 4.08 ملايين برميل، متجاوزة عتبة الـ4 ملايين للمرة الثانية منذ نهاية فبراير/شباط 2022 الذي شهد اندلاع الحرب المفتوحة بين روسيا وأوكرانيا.

لكن حتى هذه الكميات الهائلة من النفط المصدر بحراً لا تعوض لروسيا الخسائر الناجمة عن انخفاض أسعار النفط العالمية والتخفيضات التي تقدمها موسكو على خام الأورال الخاضع للعقوبات الغربية والذي بلغ متوسط سعره في مايو/أيار 53 دولاراً للبرميل، وفق بيانات وزارة الطاقة الروسية.

ويلفت مسؤول الطاقة في معهد الطاقة والمال في موسكو، أليكسي غروموف، إلى أن أسعار النفط الروسي تراجعت بمقدار الضعف في السنة الحالية مقارنة مع العام الماضي.

ويقول غروموف في حديث لـ"العربي الجديد": "كان العام الماضي فريداً من نوعه بالنسبة إلى سوق النفط، حيث ازدادت عوائد روسيا عن تصدير النفط والغاز بنسبة تتراوح بين 30% و40% مقارنة مع عام 2021 على ضوء ارتفاع الأسعار، ولكن في العام الحالي، انخفضت أسعار النفط الروسي بمقدار الضعف تقريباً، مما يشكل عبئاً على الميزانية الروسية التي ازدادت نفقاتها لتمويل العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا".

وعلى إثر تراجع عوائد تصدير موارد الطاقة، تواجه الموازنة الروسية عجزاً هائلا في السنة الحالية بلغ 3.4 تريليونات روبل (أكثر من 40 مليار دولار وفقا لسعر الصرف الحالي) خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام، مما يضطر السلطات المالية الروسية للإنفاق من موارد صندوق الرفاه الوطني لتغطيته.

حصة أكبر لروسيا

ووفق تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ في الأول من يونيو/حزيران الجاري، انتزعت روسيا حصة أكبر من سوق النفط العالمية على حساب السعودية، بعدما سجلت واردات الهند من النفط الروسي الرخيص رقماً قياسياً جديداً في مايو/أيار.

واستوردت الهند 1.96 مليون برميل يومياً من روسيا الشهر الماضي، بزيادة 15% مقارنة بأعلى مستوى مسجل في إبريل/ نيسان، وفقاً لبيانات شركة "فورتكسا". فيما تراجعت واردات الدولة الجنوب آسيوية من الشحنات السعودية إلى أدنى مستوياتها منذ فبراير/شباط 2021، وفقاً لأرقام الشركة المتخصصة في تحليلات بيانات الشحن.

في الأثناء أشارت بيانات حديثة صادرة عن وزارة التجارة والصناعة الهندية، إلى أن متوسط تكلفة الخام الروسي في إبريل/ نيسان الماضي، بما في ذلك تكاليف الشحن إلى الشواطئ الهندية، بلغ نحو 68.21 دولاراً للبرميل. ويعد ذلك أدنى مستوى منذ اندفاع الهند إلى شراء كميات نفط كبيرة من موسكو بعد غزوها أوكرانيا في فبراير/ شباط من العام الماضي.

بالمقارنة، بلغ متوسط تكلفة الخام السعودي المرسل إلى الهند في إبريل/ نيسان 86.96 دولاراً للبرميل، في حين بلغ سعر النفط العراقي 77.77 دولاراً للبرميل. ومن المتوقع أن تصدر الأرقام الخاصة بمايو خلال الشهر المقبل، لكن هناك ترجيحات بانخفاض الأسعار أكثر، نظراً لتراجع مؤشر خام برنت القياسي العالمي 9% تقريباً خلال الشهر الماضي.

المساهمون