استمع إلى الملخص
- تأثيرات في دول الخليج: انخفضت السياحة الدولية بنسبة 15% وتذبذبت أسعار النفط. زاد الإنفاق العسكري في السعودية بنسبة 7.3%، وارتفعت التجارة البينية الخليجية بنسبة 4.5%. انخفضت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 5% وزادت تكاليف التأمين على السفن.
- تأثيرات في شمال أفريقيا: انخفضت صادرات المنطقة إلى الشرق الأوسط بنسبة 12%، وتراجعت صادرات الجزائر من الغاز بنسبة 8%. في تونس، انخفض عدد السياح بنسبة 25%، بينما شهد المغرب انخفاضاً بنسبة 15%. ارتفعت أسعار المواد الغذائية في ليبيا بنسبة 15% وتكاليف الطاقة في تونس بنسبة 10%.
يمثل الصراع العربي الإسرائيلي، خصوصاً بعد معركة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تحدياً كبيراً لدول المنطقة، ليس فقط من الناحية الإنسانية والسياسية، بل من الناحية الاقتصادية أيضاً، ويظهر تأثير المعركة اقتصادياً من خلال تحليل مجموعة من المؤشرات الاقتصادية الرئيسية للدول العربية.
في مصر، يظهر تأثير "طوفان الأقصى" اقتصادياً في القطاعات الرئيسية المرتبطة بالحدث، مثل قطاع السياحة الذي يمثل حوالى 12% من الناتج المحلي الإجمالي. فوفقاً لتقارير وزارة السياحة المصرية انخفض عدد السياح بنسبة تقارب 20% في الربع الأول من عام 2024، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023، وكانت توقعات هيئة تنشيط السياحة المصرية بداية عام 2024، باحتمال انخفاض إجمالي عدد السياح بنسبة تراوح بين 15% و25% للعام كاملًا.
وشهد العبور بقناة السويس وفق إحصاءات هيئة القناة انخفاضاً بنسبة 30% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وانخفضت إيرادات القناة بنسبة 40% خلال الشهر الأول من المعركة. وتكشف إحصائيات الملاحة انخفاضاً نسبته 49% في أعداد السفن المارة بالقناة، منذ بداية العام الجاري، مقارنة بالمعدلات المحققة في الفترة نفسها من العام الماضي، وتراجع الإيرادات المحققة أيضاً بنسبة 60%. وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر بنسبة 15-20% بسبب زيادة المخاطر الجيوسياسية، مع زيادة الإنفاق العسكري والأمني بنسبة 9% على الأقل، ما يمثل ضغطاً إضافياً على الموازنة العامة وزيادة العجز.
وفي الأردن، وفقاً لتقرير البنك المركزي الأردني، سجّل الناتج المحلي الإجمالي انخفاضاً بنسبة 1% في الربع الأول من عام 2024، وعجز الموازنة الكلي خلال الخمسة أشهر الأولى من عام 2024 زيادة 1.2%، وانخفضت الصادرات بنسبة 4.4%. وارتفع عجز الميزان التجاري بالنسبة نفسها في الثلث الأول من عام 2024، كذلك انخفض عدد السياح بنسبة 18% في الشهرين الأولين من 2024، وأدى ذلك إلى انخفاض إيرادات القطاع السياحي بنسبة 22%. كذلك انخفضت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 12% في الربع الأول، مع زيادة في أسعار المواد الغذائية بنسبة 5.2% على أساس سنوي، وارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 115.2% في شهر مايو/ أيار 2024 مقابل 113.8% نهاية 2023، وحدثت زيادة في تكاليف استيراد الطاقة بنسبة 8% بسبب ارتفاع أسعار النفط العالمية.
وفي لبنان، لا توجد بيانات موثوقة، لكن تشير التقديرات إلى انخفاض عدد السياح بنسبة 30-40% خلال الثلث الأول من عام 2024 مع خسائر في قطاع السياحة تقدّر بنحو 500 مليون دولار، وارتفاع أسعار السلع الأساسية بنسبة 15-20%، وأسعار الوقود بنسبة تصل إلى 25% بسبب صعوبات الاستيراد، مع انخفاض الصادرات اللبنانية بنسبة 20-25%، وزيادة تكاليف الشحن والتأمين بنسبة 30-40% بسبب المخاطر الأمنية. وارتفع معدل البطالة بنسبة ما بين 3 و5% جراء تسريح ما يقدر بـ50 ألف موظف في القطاعات المتأثرة مباشرة، مع تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة تقدر بـ40-50%، وزيادة الضغط على الخدمات العامة، والإنفاق على الأمن والدفاع بنسبة 15-20%، وانخفاض الإنفاق على الخدمات الاجتماعية والبنية التحتية بنسبة 10-15%.
وفي سورية انخفض حجم التجارة الخارجية بنسبة تقدر بـ15-20% في الأشهر الستة الأولى من المعركة، وتأثرت الصادرات الزراعية إلى لبنان والأردن، بسبب إغلاق بعض المعابر الحدودية بشكل متقطع، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة تراوح بين 25-30% خلال الأشهر الثلاثة الأولى من "طوفان الأقصى". وشهدت أسعار الوقود زيادة بنسبة تصل إلى 40% بسبب صعوبات الاستيراد، وتدهورت قيمة الليرة السورية بنسبة إضافية تقدر بـ20-25% في السوق الموازية خلال الأشهر الأربعة الأولى من المعركة، وتراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة بشكل حاد يصل إلى نسبة تزيد على 50% مقارنة بالفترة السابقة.
وواجه قطاع النفط في سورية تحديات إضافية مع انخفاض الإنتاج بنسبة تقدر بـ 15-20% بسبب عدم الاستقرار في مناطق الإنتاج الشرقية، وأُعيد توجيه جزء من المساعدات الدولية المخصصة لسورية نحو جهود الإغاثة في مناطق الصراع المباشر، ما أثر ببرامج التنمية في البلاد. وزادت نفقات الدفاع والأمن بنسبة تقدر بـ15% على حساب الإنفاق على الخدمات الاجتماعية والبنية التحتية، مع انخفاض تحويلات السوريين العاملين في الخارج بنسبة تقدر بـ10-15% بسبب عدم الاستقرار الإقليمي، وتراجعت إيرادات السياحة الدينية بنسبة تزيد على 40% بسبب انخفاض عدد الزوار من إيران والعراق، وارتفع معدل البطالة بنسبة تراوح ما بين 3 و5%، خصوصاً في القطاعات المرتبطة بالتجارة الخارجية والسياحة.
أما عن التأثيرات الاقتصادية لـ"طوفان الأقصى"، في دول الخليج، فوفقاً لتقرير منظمة السياحة العالمية لعام 2023، انخفضت السياحة الدولية في دول مجلس التعاون بنسبة 15%، مع تسجيل الإمارات أقل انخفاض بنسبة 8%. وبحسب بيانات منظمة أوبك، تذبذبت أسعار النفط عقب أحداث معركة الطوفان ليكسر سعر البرميل حاجز التسعين خلال شهري أكتوبر ونوفمبر عام 2023، ثم يعود للهبوط ليكسر حاجز الـ80 دولاراً ويستمر في الصعود والهبوط ليصل إلى أقل من 70 دولاراً أول سبتمبر/ أيلول 2024، وما يتبع ذلك من أثر على ميزانيات دول الخليج المعتمدة بصورة أساسية على النفط.
ووفق تقرير معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام لعام 2023، زاد الإنفاق العسكري في السعودية بنسبة 7.3%، ليصل إلى 75 مليار دولار، ما جعلها خامس أكبر منفق عسكري في العالم.
أما تقرير المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي، فتوقع أن يرتفع معدل النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعدل متواضع يبلغ 2.7% في عام 2024، ارتفاعًا من 1.9% في عام 2023. ومن المتوقع أن تواصل البلدان المستوردة والمصدرة للنفط نموها بمعدلات مماثلة في عام 2024، وأن ينمو نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بنسبة متواضعة تبلغ 1.3% في عام 2024. وعلى الرغم من أن هذا يمثل تحسناً عاماً مقارنة بعام 2023، إلا أن هذه الزيادة مدفوعة بالكامل تقريباً باقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي. ووفقاً لتقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية لعام 2023، انخفضت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى دول الخليج بنسبة 5% مقارنة بعام 2022، مع تسجيل الإمارات أعلى نسبة جذب للاستثمارات في المنطقة.
بحسب بيانات مجلس التعاون لعام 2023، ارتفعت التجارة البينية الخليجية بنسبة 4.5%، لتصل إلى 162 مليار دولار، وزاد حجم الشحن في موانئ الخليج الرئيسية بنسبة 3.2% ليبلغ 50 مليون حاوية نمطية. ووفقاً لبيانات اتحاد الموانئ البحرية العربية، انخفضت حركة الحاويات في موانئ الخليج بنسبة 15%، وزاد متوسط وقت انتظار السفن في بعض الموانئ الخليجية بنسبة 30%، مع ارتفاع أقساط التأمين على السفن العابرة للبحر الأحمر بنسبة تصل إلى 500% بعد أن أضيفت منطقة البحر الأحمر إلى قائمة "مناطق الحرب" في بوالص التأمين البحري، وفقًا لتقرير لويدز لندن للتأمين.
أما تأثير معركة طوفان الأقصى في دول شمال أفريقيا العربية، فحسب تقرير صندوق النقد الدولي (أوائل 2024)، انخفضت صادرات دول شمال أفريقيا إلى الشرق الأوسط بنسبة 12% مقارنة بالعام السابق، وتأثرت الجزائر خصوصًا، حيث انخفضت صادراتها من الغاز الطبيعي بنسبة 8%. ووفقاً لبيانات منظمة السياحة العالمية لعام 2023، انخفض عدد السياح الوافدين إلى تونس بنسبة 25% مقارنة بعام 2022.
وسجل المغرب انخفاضًا أقل حدة بنسبة 15% في عدد السياح. ووفقًا لتقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية لعام 2023، انخفضت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المنطقة بنسبة 18% مقارنة بالعام السابق، وكان المغرب الأقل تأثراً مع انخفاض بنسبة 10%. ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) وتقارير وطنية (2024) ارتفعت أسعار المواد الغذائية في ليبيا بنسبة 15% بسبب اضطرابات سلاسل التوريد، وزادت تكاليف الطاقة في تونس بنسبة 10% نتيجة لارتفاع أسعار النفط العالمية.
يتضح من التحليل السابق تأثر دول الطوق بشكل مباشر وبصورة كبيرة بأحداث معركة طوفان الأقصى، مع تأثر قليل لدول مجلس التعاون الخليجي ودول شمال أفريقيا ناتج من الظروف العامة للمنطقة ومشكلات الشحن بسبب أحداث البحر الأحمر بشكل خاص.