هل اقتربت فقاعة بيتكوين وأخواتها؟

11 فبراير 2021
مضاربات محمومة على عملة بيتكوين(فرانس برس)
+ الخط -

عندما يزيد سعر سهم شركة متداول في البورصة 5% في جلسة واحدة، فإن هذه الطفرة تلفت أنظار المستثمرين الذين يتساءلون بسرعة: ماذا حدث للسهم، ما أسباب تلك القفزة، هل حدثت طفرة في أرباح وعوائد الشركة؟

أم أن هناك صفقة استحواذ جرت على أسهم الشركة من قبل مستثمر أجنبي وشركة عالمية كبرى لها علامة تجارية، هل تمت زيادة رأسمال الشركة وقرر المستثمرون ضخ سيولة نقدية جديدة لعمل توسعات وإنشاء خطوط إنتاج، هل فازت الشركة بعقد أو صفقة ضخمة سيترتب عليها حدوث طفرة في إيراداتها؟
يتكرر المشهد أكثر مع طفرة أسعار صرف العملات، هنا يكون السؤال منصبا على الدولة مصدرة العملة، هل حدث تحسن في مؤشراتها الاقتصادية، هل زادت إيراداتها من النقد الأجنبي، ومن أي قطاع، هل زادت الاحتياطيات لدى البنك المركزي؟
هل توصلت الدولة إلى كشف بترولي ضخم أو اكتشفت آبارا من الغاز والطاقة، هل زادت إيرادات الصادرات ونشطت السياحة والاستثمارات الخارجية وتحويلات المغتربين، أم تراجع التضخم وزادت المدخرات بالعملات الأجنبية والسيولة الدولارية في الأسواق؟
نفس الأسئلة يجب أن تصاحب أي زيادة طارئة في أسعار أي سلعة متداولة في أسواق المال والبورصات والصرف والطاقة والنفط وغيرها، أو لها علاقة بالمؤشرات الكلية للدول مثل معدلات النمو والتضخم والبطالة.

وهذا ما يجب أن يتم طرحه أيضا على الطفرات القياسية التي شهدتها العملات الرقمية خلال الفترة الأخيرة لدرجة لفتت أنظار كثير من المحللين خاصة مع اندفاع ملايين الأفراد ومؤسسات مالية واستثمارية كبرى نحو الاستثمار في تلك العملات الخوارزمية المشفرة عالية المخاطر.

بيتكوين أبرز مثال على ذلك، فالعملة الرقمية التي كان سعرها لا يتجاوز 31 دولاراً في العام 2011 ثم 600 دولار في العام 2016 قفزت إلى 48 ألف دولار يوم الثلاثاء، وتتجه الآن صوب 50 ألف دولار وربما تواصل الصعود إلى 100 ألف حسب توقعات مؤسسات مالية.
بل إن "جي بي مورغان"، أكبر بنك استثماري في العالم، توقع بلوغ السعر 146 ألف دولار إذا رسخ "الذهب الرقمي" كما اسماه وضعه كأصل استثماري آمن وبات منافسا للذهب وبقوة.
والعملة المشفرة الأشهر التي واجهت عثرات وانهيارات في سنوات وفترات ماضية صعد سعرها بنسبة 66.7% منذ مطلع العام الجاري، ارتفاعا من 28.8 ألف دولار للوحدة الواحدة في ختام جلسات نهاية العام 2020. وضاعفت سعرها 4 مرات في العام الماضي، ويتكرر المشهد مع عملات رقمية أخرى منها إيثيروم.
السؤال هنا: هل هناك مبررات اقتصادية ومالية قوية تبرر الطفرات المتلاحقة في سعر بيتكوين وغيرها من العملات الرقمية؟
نعم، هناك مبررات عدة منها مثلا دخول بنوك ومستثمرين كبار حلبة المضاربة على تلك العملات والاستثمار بها وآخرهم شركة تسلا، أكبر مصنع للسيارات الكهربائية في العالم، وبنك غولدمان ساكس الأميركي.، وهو ما أشعل المضاربات عليها
ومن المبررات أيضا دخول أباطرة المال من المليارديرات وصناديق الاستثمار في "وول ستريت" والمؤسسات المختلفة إلى "عالم المال المشفر"، لا سيما في الولايات المتحدة ودول جنوب شرق أسيا.

وهناك مبررات تتعلق بقلة فرص الاستثمار المتاحة للمستثمرين في زمن كورونا مع ضخامة السيولة المتوافرة سواء لدى الأفراد أو المؤسسات، مع ضعف العوائد الممنوحة على العملات الرئيسية ومنها الدولار واليورو.

لكن هذه المبررات غير كافية لتفسير تلك القفزات الجنونية والمتواصلة في الأسعار. ولذا فإن توقعات حدوث فقاعة مالية وانهيارات للعملات المشفرة هو أمر محتمل مع استمرار صعودها القياسي، والتذبذبات الحادة التي تشهدها أسعارها من وقت لأخر، ورفض الحكومات والبنوك المركزية العالمية الاعتراف بها، بل ومحاربتها.
فقاعة يروح ضحيتها صغار المستثمرين حيث تتبخر ثرواتهم في ساعات قليلة، أما الكبار فيعرفون متى يدخلون، ومتى يخرجون، وكيف يحصدون المليارات على حساب صغار المضاربين والمغامرين.

المساهمون