- قبل العدوان، كان اقتصاد غزة يتحسن رغم الحصار، لكن العدوان أدى لتدهور الأوضاع المعيشية بشكل كبير، مع تدمير البنية التحتية وارتفاع معدلات البطالة والفقر.
- الوضع الإنساني يزداد سوءًا بسبب اعتماد غزة على المساعدات الإنسانية التي تنخفض بسبب القيود الإسرائيلية، مما يؤدي لانتشار الجوع وارتفاع الأسعار، ويعمق الأزمة الإنسانية ومعاناة الفلسطينيين.
ينتعش اقتصاد الحرب في غزة في ظل العدوان الإسرائيلي الوحشي المتواصل على الفلسطينيين، ومن قلب ركام المنازل والمحال التجارية نشأ سوق للبقاء يركز على الأساسيات المتمثلة بالمال والغذاء والمأوى. فوفقاً لتقرير أوردته "نيويورك تايمز" اليوم السبت، لاحظ مراسلها أن الباعة يصطفون في الشوارع على خط من طاولات ومكاتب جلبوها من مدارس تحولت إلى ملاجئ في زمن الحرب ليبيعوا حليب الأطفال والأطعمة المعلبة والملابس المستعملة وبعضاً من الكعك "النادر" محلي الصنع.
وفي بعض الحالات، يكدّس الباعة على الأرصفة طرود مساعدات لا تزال مزيّنة بأعلام الدول المانحة، وكان من المفترض توزيعها مجاناً، ويبيعونها بأسعار لا يستطيع سوى القليل من الناس تحملها، لدرجة أن معظم البضائع الموجودة في الأسواق مكتوب عليها "ليست للبيع"، علماً أنه منذ بدء العدوان الإسرائيلي على إثر عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعرّض اقتصاد القطاع للسحق، واضطر الناس إلى ترك منازلهم وأشغالهم، وسُوّيت الأسواق والمصانع والبنية التحتية بالأرض، فضلاً عن تعرّض الأراضي الزراعية إما للحرق بسبب الغارات الجوية أو الاحتلال من جانب الجيش الإسرائيلي. وبدلاً من كل النشاطات المرتبطة بالاقتصاد الطبيعي في قطاع كان محاصراً أصلاً لسنوات طويلة، نشأ اقتصاد الحرب في غزة ويبدو أن انتعاشه مستمر ما دام العدوان متواصلاً بلا هوادة.
وإضافة إلى النشاط التجاري في ظل اقتصاد الحرب هذا، يتكسّب آخرون بجني بضعة دولارات يومياً من خلال إجلاء النازحين على ظهور الشاحنات والعربات التي تجرّها الحمير، بينما يحفر آخرون المراحيض أو يصنعون الخيام من الأغطية البلاستيكية والخشب. ونظرا للأزمة الإنسانية المتفاقمة، أصبح الوقوف في الطابور الآن بمثابة عمل بدوام كامل، سواء في مواقع توزيع المساعدات، أو أمام المخابز القليلة المفتوحة، أو أمام العدد القليل من أجهزة الصراف الآلي أو محال الصرافة.
في السنوات التي سبقت العدوان الإسرائيلي الحالي، بدأ يتحسّن اقتصاد غزة حتى في ظل الحصار الجوي والبري والبحري الخانق الذي فرضه الاحتلال، وفقاً لما نقلت "نيويورك تايمز" عن خبراء اقتصاديين ورجال أعمال في غزة، حيث تم، حينها، افتتاح الفنادق والمطاعم على شاطئ البحر، وحصل المزيد من الفلسطينيين على تصاريح للعمل داخل الأراضي المحتلة كما حصلوا على رواتب جيدة. أما الآن في ظل العدوان وما ينتجه من اقتصاد الحرب المستجد، فيواجه غالبية الفلسطينيين في غزة الفقر على مستويات متعددة، حيث تدهورت المداخيل وأصبحت خدمات الرعاية الصحية والتعليم والإسكان محدودة جداً، بحسب تقرير صدر أخيراً عن البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، مشيراً إلى أن نحو 74% من السكان عاطلون من العمل، علماً أن معدل البطالة قبل الحرب كان يناهز 45%، واعتبر أن الصدمة التي تعرض لها اقتصاد غزة واحدة من أكبر صدمات التاريخ الحديث، إذ انخفض الناتج المحلي الإجمالي لغزة بنسبة 86% في الربع الأخير من عام 2023.
ويعتمد الاقتصاد الآن إلى حد كبير على العرض المحدود والطلب اليائس على المساعدات. وقبل العدوان، كانت تدخل إلى قطاع غزة يومياً نحو 500 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية والوقود والسلع التجارية. أما بعد فرض قيود إسرائيلية جديدة، فقد انخفض هذا العدد كثيراً، ليصل إلى 113 يومياً في المتوسط رغم ارتفاعه بشكل متواضع في الأشهر الأخيرة. والآن، توقف تدفق المساعدات والسلع تقريباً في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على مدينة رفح الجنوبية والإغلاق شبه الكامل لأهم معبرين حدوديين.
وينتشر الجوع في جميع أنحاء القطاع، في حالة وصفتها منظمات حقوق الإنسان والإغاثة بأنها تمثل استخدام إسرائيل المجاعة كسلاح. وعلى خلفية الحرب والفوضى وانهيار القانون، ارتفعت الأسعار بشكل كبير. ومنذ توغل الاحتلال في رفح، أصبحت أسعار السلع أكثر تكلفة. وبالنسبة لمئات آلاف الفلسطينيين الفارين من الهجوم الإسرائيلي، فإن وسائل النقل إلى أماكن بعيدة عن مواقع الغارات الجوية تكلف مئات الدولارات.