هكذا تستفيد الأصول الخطرة من "نعمة" انخفاض الدولار

14 يوليو 2023
تراجع الدولار 13% تقريبا مقابل سلة من العملات الرئيسية من أعلى مستوى له في 20 عاما (Getty)
+ الخط -

مصائب مستثمر عند آخر فوائد. هذه باختصار حال المراهنين على صعود الدولار الأميركي الذين يخسرون الآن، في مقابل أرباح يحصدها المستثمرون الذي يتحدون المخاطر موظفين أموالهم في أكثر من بلد وسوق حول العالم. فما الحكاية؟

يؤدي انحسار التضخم في الولايات المتحدة إلى تسريع انخفاض الدولار، ومن المتوقع أن تستفيد الأصول الخطرة في جميع أنحاء العالم من ذلك.

وتراجع الدولار 13% تقريبا مقابل سلة من العملات الرئيسية من أعلى مستوى له في 20 عاما، الذي سجله العام الماضي، ووصل إلى أدنى مستوى له في 15 شهرا.

وأظهرت بيانات أميركية، صدرت يوم الأربعاء الفائت، أن التضخم تباطأ بأكثر من المتوقع، ما أدى إلى تسريع هبوط الدولار وتعزيز التوقعات بأن مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) على وشك إنهاء دورة رفع أسعار الفائدة.

ولأن الدولار عنصر حيوي في النظام المالي العالمي، ستستفيد مجموعة واسعة من الأصول إذا استمر في الانخفاض. وقد يكون تراجع الدولار نعمة لبعض الشركات الأميركية، لأن انخفاض العملة يجعل الصادرات أكثر تنافسية في الخارج ويجعل تحويل الأرباح في الخارج إلى دولارات أرخص بالنسبة للشركات متعددة الجنسيات.

موقف
التحديثات الحية

وأظهر تحليل أجرته مجموعة "بيسبوك" للاستثمار للشركات المدرجة على مؤشر "راسل 1000" أن ما يزيد قليلا عن 50% من عوائد قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة يأتي من الخارج. ويضم هذا القطاع بعض شركات النمو الكبيرة التي قادت صعود الأسواق هذا العام.

وتصبح المواد الخام التي تُسعّر بالدولار في متناول يد المشترين الأجانب عندما تنخفض العملة الأميركية. وارتفع مؤشر السلع لـ"ستاندرد أند بورز" و"غولدمان ساكس" 4.6% هذا الشهر، وهو يتجه لتسجيل أفضل أداء شهري منذ أكتوبر/تشرين الأول.

وتستفيد الأسواق الناشئة أيضا لأن انخفاض العملة الأميركية يجعل سداد الديون التي يهيمن عليها الدولار أسهل. وارتفع مؤشر "مورغان ستانلي كابيتال إنترناشونال" لعملات الأسواق الناشئة 2.4% هذا العام.

عن هذه الظاهرة، يقول محلل صرف العملات الأجنبية في "كريدي سويس" ألفيس مارينو: "بالنسبة للأسواق، فإن انخفاض الدولار والسبب وراءه وهو انحسار التضخم، يسهلان كل شيء خاصة بالنسبة للأصول خارج الولايات المتحدة".

وتراجع الدولار في الوقت الذي انخفضت فيه عوائد سندات الخزانة الأميركية في الأيام الماضية، ما يقلل من جاذبية العملة الأميركية ويعزز عددا كبيرا من العملات الأخرى التي تتراوح من الين الياباني إلى البيزو المكسيكي.

بدوره، كبير محللي السوق في "كورباي" كارل شاموتا قال إن "هذا الصوت الذي تسمعه هو تكسير المستويات الفنية في أسواق الصرف الأجنبي.. الدولار يتجه نحو المستويات التي كانت سائدة قبل أن يبدأ مجلس الاحتياط الاتحادي في رفع أسعار الفائدة، ونرى ارتفاع العملات الحساسة للمخاطر على أساس عالمي".

وقد يؤدي الانخفاض المستمر للدولار إلى زيادة أرباح استراتيجيات الصرف الأجنبي، مثل تجارة المناقلة الممولة بالدولار، التي تتضمن بيع الدولار لشراء عملة ذات عائد أعلى، ما يسمح للمستثمر بجني الفارق.

وأدى انخفاض الدولار إلى جعل الاستراتيجية مربحة بالفعل هذا العام. وأظهرت بيانات من "كورباي" أن المستثمر الذي باع الدولار واشترى البيزو الكولومبي جمع 25% منذ بداية العام حتى الآن، بينما حقق الزلوتي البولندي عائدا بنسبة 13%.

وعلى صعيد السياسة النقدية، ربما يبعث انخفاض الدولار الراحة لبعض الدول لأنه يزيح الحاجة الملحة لدعم عملاتها المتهاوية. ومن بين هذه الدول اليابان. فقد انخفض الدولار 3% أمام الين هذا الأسبوع، ويتجه لتسجيل أكبر انخفاض أسبوعي له مقابل العملة اليابانية منذ يناير/كانون الثاني.

ويمثل تراجع الين مشكلة للاقتصاد الياباني المعتمد على الاستيراد. وزادت التوقعات بأن اليابان ستتدخل مرة أخرى في الأسواق لدعم عملتها بعدما قامت بذلك العام الماضي للمرة الأولى منذ عام 1998.

وبطبيعة الحال، فإن انخفاض الدولار له مخاطره الخاصة، أحدها هو زيادة محتملة في التضخم بالولايات المتحدة، ما يزيد الرهانات على المزيد من التشديد النقدي وتراجع العديد من التعاملات المناهضة للدولار التي ازدهرت هذا العام.

ورغم تباطؤ التضخم، ظل الاقتصاد الأميركي متينا مقارنة بالدول الأخرى. ويعتقد عدد قليل من الخبراء أن مجلس الاحتياط الاتحادي سيخفض أسعار الفائدة قريب، ما قد يحد من هبوط الدولار على المدى القريب.

(رويترز)

المساهمون