يبدو أن دول آسيا الوسطى التي كانت تشكل جزءاً من الجمهوريات السوفييتية السابقة باتت مركزاً رئيسياً لتصدير رقائق الكمبيوتر الأميركية والأوروبية وأجهزة الليزر، وغيرها من المنتجات ذات الاستخدامات المزدوجة المدنية والعسكرية المحظورة إلى روسيا، وفقاً لمسؤولين غربيين وبيانات جمعتها صحيفة وول ستريت جورنال.
وحسب تقرير للصحيفة الأميركية، ارتفعت صادرات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من السلع الحساسة ذات الاستخدام المدني والعسكري المزدوج إلى البلدان المجاورة لروسيا بشكل حاد في العام الماضي 2022. كذلك ارتفعت شحنات هذه البلدان من هذه المنتجات إلى روسيا، وفقاً لبيانات التجارة الصادرة عن الأمم المتحدة.
وتشير البيانات إلى أن موسكو تواصل الحصول على سلع غربية بالغة الأهمية، تم حظر بيعها لها في الغالب بسبب العقوبات الأميركية والأوروبية، في الوقت الذي تسعى فيه إلى الحفاظ على نمو اقتصادها وتشغيل معداتها الحربية وصناعتها الدفاعية.
وحسب "وول ستريت جورنال" ارتفعت صادرات البضائع من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى أرمينيا وجورجيا وقيرغيزستان وأوزبكستان وكازاخستان إلى 24.3 مليار دولار العام الماضي من 14.6 مليار دولار في عام 2021. وزادت هذه الدول مجتمعة صادراتها إلى روسيا بنحو 50% العام الماضي إلى حوالي 15 مليار دولار.
ويقول مسؤولون أوروبيون، إن هذا الطريق التجاري المزدهر، الذي يسميه المحللون في البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير بالدوار الأوراسي، هو علامة على نجاح روسيا في إيجاد طرق جديدة للحصول على السلع المطلوبة على الرغم من العقوبات الغربية.
وحسب البيانات التجارية، زادت الدول السوفييتية السابقة وارداتها من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأكثر من 9 مليارات دولار في عام 2022. وفي الوقت نفسه زادت صادراتها إلى روسيا بنحو 5 مليارات دولار. وتعلن الشركات الروسية عن قدرتها على الحصول على السلع الخاضعة للعقوبات بهذه الطريقة.
وعلى سبيل المثال، تقدم شركة Imex-Expert "استيراد سلع خاضعة للعقوبات من أوروبا وأميركا إلى روسيا عبر كازاخستان"، ويتفاخر موقع الشركة على الإنترنت بقدرته على تجاوز العقوبات بنسبة 100%.
ويُظهر البحث في الأرقام التجارية وجود تجارة كبيرة في السلع ذات الاستخدام المزدوج، حيث صدرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ما قيمته 8.5 ملايين دولار من الدوائر المتكاملة إلى أرمينيا العام الماضي، إذ تضاعفت أكثر من 16 مرة من 530 ألف دولار عن صادرتها في العام 2021، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة.
في الوقت نفسه، قفزت صادرات أرمينيا من الدوائر المتكاملة إلى روسيا إلى 13 مليون دولار من أقل من 2000 دولار في عام 2021. وتظهر بيانات مماثلة ارتفاع الشحنات الغربية من الليزر إلى قيرغيزستان وأجهزة القياس، وكذلك ارتفاع أدوات فحص الجهد والطاقة إلى أوزبكستان. وشهد كلا البلدين زيادة في تلك الصادرات إلى روسيا.
وفي ذات الشأن لاحظت تقارير غربية، أن الاقتصاد الكازاخستاني الصغير الذي لا يتجاوز حجمه 197.1 مليار دولار، يشهد انتعاشاً غير مسبوق ويتوسع على دويّ القاذفات والصواريخ في أوكرانيا.
ومنذ أن بدأت موسكو الحرب في أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، وفرضت القوى الغربية العقوبات الدولية المتلاحقة على روسيا، نقلت عشرات الشركات الغربية مقارّها إلى كازاخستان التي تربطها حدود جغرافية واسعة مع روسيا، وكانت في السابق جزءاً من الاتحاد السوفييتي.
وحسب تقرير في نشرة "أويل برايس" الأميركية، قال رئيس الوزراء الكازاخي، علي خان سمايلوف، في اجتماع حكومي، عقد في 19 إبريل/ نيسان الماضي لمناقشة التنمية الاجتماعية والاقتصادية لبلاده، إن حكومته تجري محادثات مع 43 شركة دولية كبرى لنقل مقارها من روسيا إلى بلاده.
وكانت واشنطن ودول المجموعة قد حظرت بيع أنواع مختلفة من هذه البضائع إلى روسيا منذ غزو موسكو لأوكرانيا في فبراير 2022. ولكن رغم ذلك فإن حجم التجارة بين الجمهوريات السوفييتية السابقة وروسيا ضئيل مقارنة بتجارة روسيا مع الصين، التي أصبحت المورد الرئيسي لروسيا ودعمها الاقتصادي، ولكن الطريق التجاري الجديد مهم جداً لأنه يسمح لموسكو بوضع يدها على التكنولوجيا الغربية التي تجد صعوبة في الوصول إليها في مكان آخر.
ويقول خبراء إن مثل هذه التقنيات ضرورية للحرب الروسية في أوكرانيا، ولدى روسيا قدرة محدودة على استبدال هذه المكونات الغربية بمنتجاتها الخاصة.