أكد رئيس قطاع التطوير وإدارة الأصول في شركة الديار القطرية يوسف أبو بكر المصلح أن مدينة لوسيل، شمالي العاصمة الدوحة، والتي تحتضن مباراة نهائي مونديال قطر 2022، أكثر من مجرد مشروع عقاري، بل هي مدينة مستدامة ومكتفية ذاتياً.
وكشف في مقابلة مع "العربي الجديد"، أن الديار القطرية لديها مشروعات في أكثر من 22 دولة، باستثمارات زادت قيمتها عن 35 مليار دولار.
● بماذا تتميز مشاريع شركة الديار القطرية، داخلياً وخارجياً؟
كشأن أي شركة استثمار عقاري، تبحث الديار القطرية باستمرار عن أفضل الفرص الاستثمارية لمشاريعها من حيث العائد على الاستثمار، ونسب المخاطرة المنخفضة وفرص النمو، وبالتالي فإن القرارات الاستثمارية تكون دائماً مرتبطة بدراسات الجدوى الاقتصادية للمشاريع الاستثمارية. ولكن يظل أهم ما يميز مشاريع الديار بشكل خاص هو كونها تبحث في كل استثماراتها عن القيمة المضافة من المشاريع الاستثمارية لما للاستثمار العقاري من انعكاس على المجتمعات المحلية والاقتصاد المحلي، فتضع نصب أعينها دائماً إحداث تغييرات إيجابية في المجتمعات التي تقوم بالتطوير العقاري فيها، سواء من حيث استخدام المواد الخام المحلية الصنع أو إشراك القوى العاملة المحلية في عمليات التطوير والتشغيل، إضافة لاحترام جميع معايير الاستدامة في جميع مشاريعها.
● كيف تعمل الشركة على تطبيق مبادئ الاستدامة في مشاريعها المختلفة؟
التزمت شركة الديار القطرية منذ تأسيسها في عام 2005 كإحدى شركات جهاز قطر للاستثمار بتحقيق رؤيتها، وهي رؤية عقارية تعمل على تحسين نوعية الحياة وتساهم في المجتمع وعلى الساحة الدولية، وهو ما يتوازى مع التطورات العقارية الهامة في قطر.
يتجلى التزام الديار القطرية بأهداف التنمية ومبادئ الاستدامة في كل مشاريعها الداخلية والخارجية والتي يتجاوز عددها 50 مشروعًا في أكثر من 22 دولة حول العالم، باستثمارات زادت قيمتها عن 35 مليار دولار، عن طريق التركيز على استشراف جميع المشاريع لمبادئ ومعايير الاستدامة خلال شتى مراحل الإنشاء، بداية من التصميم الصديق للبيئة، وصولًا لمراعاة جميع معايير البناء والتشغيل المستدام.
● تعد مدينة لوسيل أضخم مشاريع الشركة والتي تحتوي على أكبر استادات كأس العالم الذي سيستضيف المباراة النهائية، فما هي قصة بناء المدينة؟
مدينة لوسيل أكثر من مجرد مشروع عقاري، بل هي مدينة مستدامة ومكتفية ذاتياً، تعتمد مفاهيم طموحة ورائدة تعزز كل جوانب رؤية قطر الوطنية، حيث تتجاوز لوسيل المفهوم التقليدي للمدينة الحديثة بتضمينها الأفكار المبتكرة التي تأخذ بمبادئ الاستدامة في صلب المخطط الرئيسي للمدينة، كما تم التخطيط لها بشكل شامل لتكون دليلًا حيًا على مدى التقدم الذي أحرزته دولة قطر في كافة المجالات.
أُنشئت مدينة لوسيل عن طريق شركة الديار القطرية، ومن المقرر أن يقطن المدينة أكثر من 200 ألف نسمة يعيشون في أحيائها الخلابة، ومن المتوقع أن يعمل في أحياء المدينة المختلفة 170 ألف شخص، وأن تستقبل منشآتها الترفيهية وأسواقها وفنادقها نحو 80 ألف زائر، كما أن أحياءها التسعة عشر لن تتيح فرصاً سكنية وتجارية وفندقية جديدة فحسب، بل ستوفر كافة احتياجات المجتمع من مدارس ومساجد ومرافق طبية ورياضية وترفيهية ومراكز تسوق.
حرصت الديار القطرية خلال إنشائها المدينة على تبني معايير المنظومة العالمية لتقييم الاستدامة "جي ساس" كأحد معايير الاستدامة الواجب اتباعها، ما يعني أن كل مبنى في المدينة، تبعًا لذلك، سيوفر، على مستوى التصميم، ما يقارب 30 بالمائة من استهلاك الطاقة والانبعاثات الكربونية مقارنة بالمباني العادية.
وتعتبر لوسيل مدينة مستدامة لمجموعة أسباب، منها تصنيف المنظومة العالمية لتقييم الاستدامة "جي ساس" فكل مباني لوسيل السكنية والمكتبية مصنفة على مستوى نجمتين على الأقل، ومنها ثلات وأربع وخمس نجوم، والاعتماد على شبكة المواصلات الحديثة غير التقليدية، مثل المترو والقطار الخفيف والترام، فقد وضع المخطط العام بصورة شاملة ومتكاملة لتقليل المسافات، وبناء على ذلك تقليل الاعتماد على استخدام السيارات. وتمتد الحدائق والمسطحات الخضراء على مساحة 3.5 ملايين متر مربع، وتستخدم المياه المعالجة في الري، إضافة إلى المحافظة على شريط بحري ممتد على مسافة 27 كيلومترا وخلق شعب مرجانية صناعية على الواجهة البحرية.
● وماذا عن شبكات البنية التحتية في المدينة؟
تعد شبكات البنية التحتية الركيزة الأهم في مدينة لوسيل، وهي الأساس لمجموعة كبيرة من الخدمات، ومن الأمثلة العملية على ذلك شبكة القطار الخفيف، وتضم 25 محطة ممتدة على طول 38 كيلومترا في أنحاء المدينة مربوطة بشبكة مترو الدوحة، إلى جانب شبكة الطرق والأنفاق والجسور، لمسافة 200 كيلومتر، ومحطات التبريد المناطقي وشبكة التبريد الممتدة على طول 175 كيلومترا، ومحطات وشبكة جمع النفايات بطريقة الشفط دون الحاجة لاستخدام سيارات جمع النفايات. وتوفر المدينة شبكة للدراجات الهوائية الممتدة على طول 76 كيلومترا ومحطات الغاز وشبكة الغاز التي توفر غاز الطهي لجميع مباني لوسيل السكنية والتجارية، وأنفاق شبكات البنية التحتية على طول 18 كيلومترا تحت الأرض لتقليل الاعتماد على إغلاق الطرق لعمليات الصيانة في مناطق الأبراج، مع توفير شبكة مياه الأمطار بطول 200 كيلومتر.
وعملت الشركة على خلق منظومة متكاملة للنقل العام تتضمن ربط شبكة المواصلات العامة بالقطارات طويلة المدى مع قطار النقل الخفيف داخل المدينة، وتوفير الخدمات الضرورية في كافة المناطق لتقليل الاعتماد على وسائل المواصلات في سبيل الحصول على الحاجات الضرورية، ومن ثم تخفيض الانبعاثات الكربونية الناجمة عن وسائل النقل.
أما في مجال استخدام التكنولوجيا الحديثة، فقد عمدت الشركة إلى توفير احتياجات تكييف المباني، ما يعرف بالتبريد المناطقي، والتي تستهلك ثلثي الطاقة المستخدمة في الاستعمالات المدنية، من خلال إنشاء محطات تبريد المناطق، كما عملت على تزويد منطقة الأبراج في المدينة بتقنية تجميع النفايات بالشبكات الأوتوماتيكية لأول مرة في الشرق الأوسط.
● متى بدأت مسيرة الشركة لإيجاد بيئة عمرانية مستدامة بما يحافظ على البيئة القطرية؟
بدأت شركة الديار القطرية للاستثمار العقاري مسيرتها في الاستدامة والحفاظ على البيئة منذ لحظة تأسيسها في عام 2005 كإحدى شركات جهاز قطر للاستثمار (صندوق الثروة السيادي لدولة قطر)، وتكليفها بدعم الاقتصاد القطري المتنامي وتنسيق أولويات التنمية العقارية في الدولة.
وتمثل ذلك بشكل جلي في مشروع مدينة لوسيل الذي أُطلِق في ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه، والذي يعد أهم محطة في تاريخ الشركة، وسرعان ما حصل على إشادة كبيرة لتوظيفه أساليب ومناهج مبتكرة في عالم العقارات، حيث تعد المدينة المتطورة القائمة بذاتها أكبر مشروع تطوير منفرد نُفِّذ في دولة قطر.
● ماذا عن أبرز الشراكات المحلية والدولية؟
في عام 2009، أعلنت شركة بروة العقارية وشركة الديار القطرية عن شراكة مع مركز "تي سي تشان" لمحاكاة المباني ودراسات الطاقة بجامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأميركية، حيث تم من خلال هذه الشراكة تطوير منظومة تقييم الاستدامة الأولى من نوعها في الشرق الأوسط لإيجاد بيئة عمرانية مستدامة تقلل من التأثيرات البيئية مع تلبية الاحتياجات الإقليمية والمحافظة على البيئة القطرية.
تعتبر لوسيل مدينة مستدامة لمجموعة أسباب، منها تصنيف المنظومة العالمية لتقييم الاستدامة "جي ساس" فكل مباني لوسيل السكنية والمكتبية مصنفة على مستوى نجمتين على الأقل، ومنها ثلات وأربع وخمس نجوم
وعلى صعيد آخر، أسست المنظمة الخليجية للبحث والتطوير (جورد) كمؤسسة غير ربحية تابعة لشركة الديار القطرية في عام 2009، لتصبح مع مرور الأعوام إحدى المؤسسات الرائدة في مجال الاستدامة البيئية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتسعى عبر أنشطتها المتنوعة إلى دعم تحوّل المجتمعات والبنية المؤسسية والبيئة العمرانية نحو الاستدامة، كما تسعى إلى تعزيز الابتكار وتطوير القدرات لتمكين النمو المستدام منخفض الكربون للأجيال الحالية والمستقبلية.
● هل هناك مشاريع جديدة تعملون عليها خلال الفترة المقبلة؟
تشمل الخطط والاستراتيجيات المستقبلية للديار القطرية العديد من الأصعدة، نذكر منها على الصعيد المحلي: تطوير خدمة الجمهور في مدينة لوسيل والعمل على تسريع إجراءات رخص البناء للمطورين كافة، وأيضاً متابعة تنفيذ خطة تنشيط مدينة لوسيل بما فيها أعمال البنية التحتية، واستكمال أعمال التشييد للأبراج الأربعة في "ميدان السِّعد"، بالإضافة إلى البدء في أعمال البنية التحتية لمشروع "حزوم" لوسيل. علاوةً على ذلك، نركز بشكل خاص على إنهاء أعمال الإنشاءات لمشروع درب لوسيل ومشروع سيف لوسيل وتشغيل مشروع "ونتر وندر لاند" في جزيرة المها قبل بداية كأس العالم.
أما على الصعيد العالمي، فتتمثل الخطط قريبة المدى للديار القطرية في استكمال أعمال الإنشاءات في كل من "سيتي جيت" في مصر، وأعمال التشييد لفندق رأس الحد في سلطنة عمان، وإكمال تطوير الحزم المتبقية من مشروع ديار "دوشنبيه" في العاصمة الطاجيكستانية وغيرها من أعمال تطوير الأصول الحالية في كافة أنحاء العالم.