من الزراعة والتجارة الإلكترونية إلى صيد الأسماك وتسوية المنازعات.. هذه حصيلة 5 أيام لمفاوضات منظمة التجارة العالمية
أصدر مفاوضو منظمة التجارة العالمية، اليوم الجمعة، مسودة اتفاقات جديدة تظهر أن المحادثات التي استمرت طوال الليل في أبوظبي فشلت في تحقيق انفراجة بشأن القضايا الرئيسية، ما أدى إلى تمديد خامس للمندوبين للتوصل إلى اتفاق.
ويُنظر إلى معظم القضايا أنها مرتبطة بعضها ببعض ورهينة بعضها لبعض، على الرغم من أن بعض المصادر التجارية تقول إن التوصل إلى اتفاق بشأن صيد الأسماك قد يكون ممكنا في حد ذاته.
لكن إلى أين وصلت المداولات في اليوم الخامس من المحادثات؟
1 - الزراعة
يقول المفاوضون إن نجاح سلسلة من اتفاقيات منظمة التجارة العالمية سيعتمد على المحادثات الزراعية، حيث تقود الهند حملة للإصلاحات. ووصفت ممثلة التجارة الأميركية كاثرين تاي هذه المحادثات بأنها "صعبة".
والهند، التي تواجه احتجاجات المزارعين في الداخل ومن المقرر إجراء انتخابات فيها بحلول شهر مايو/أيار، تريد حلا دائما بشأن المخزون العام - وهو مصطلح يشير إلى سياسات الدولة بشأن شراء المواد الغذائية التي تهدف إلى ضمان الأمن الغذائي.
وفي النسخة الأخيرة من مسودة الاتفاق التي صدرت صباح الجمعة، يوجد حلان بديلان جنبا إلى جنب بين قوسين، ما يشير إلى أنه لم يُتفق عليهما.
ويهدف أحدهما إلى إيجاد حل دائم للقضية في هذا الاجتماع، بينما يلتزم الآخر بتكثيف المفاوضات وتقديم الامتيازات التي تتمتع بها حاليا الهند فقط إلى البلدان النامية الأخرى بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية.
وقال مصدر في الغرفة إن الهند رفضت الاقتراح الثاني، الذي يهدف إلى استرضائهم، في محادثات بين عدد قليل من الدول الرئيسية بما في ذلك الولايات المتحدة والبرازيل والصين.
2 - التجارة الإلكترونية
لا يزال العديد من البلدان، بما في ذلك الهند وجنوب أفريقيا، يعارض تمديد الوقف الاختياري للتجارة الإلكترونية الذي تدعمه الغالبية العظمى من البلدان، ويُنظر إليه أنه حيوي للشركات لتجنب التعرفات الجمركية على السلع الرقمية مثل تنزيل الأفلام.
وقالت مصادر تجارية لرويترز إن دولا أخرى ستعارض أيضا الوقف، بما في ذلك البرازيل، إذا لم يكن هناك تقدم في محادثات الزراعة. ولم تعلق البرازيل علانية على موقفها.
كما قال وزير التجارة النيوزيلندي تود ماكلاي، الذي يقوم بتيسير محادثات التجارة الإلكترونية، لرويترز، إنه يود رؤية حل أكثر استدامة للإعفاء، لذلك لا يُطرح في كل اجتماع لمنظمة التجارة العالمية الذي يعقد كل عامين.
وعلى الجانب الإيجابي، اتُّفق على مسودة برنامج للعمل المستقبلي خارج أبوظبي.
3 - صيد الأسماك
تحاول الدول الموافقة على الجزء الثاني من اتفاقية منظمة التجارة العالمية الدولية للحد من الدعم الحكومي، الذي يقول منتقدوه إنه يشجع أساطيل الصيد الصناعية على إفراغ محيطات العالم. واتُّفق على الجزء الأول في عام 2022، وسيدخل حيز التنفيذ إذا صدق عليه عدد كاف من الدول.
ويرى العديد من المشاركين، بما في ذلك ممثلة التجارة الأميركية، أن هذا هو الموضوع الأكثر احتمالا، إذ يمكن التوصل إلى اتفاق في أبوظبي إذا أمكن حل القضايا العالقة. ويقول علماء البيئة إنه أمر حيوي لمحيطات العالم.
وقد أصدر رئيس المحادثات، صباح الجمعة، مسودة اتفاق جديدة مع بعض الأقسام التي لا تزال باللون الأصفر، ما يشير إلى مجالات عدم الاتفاق.
أما أهم هذه القواعد فهي تلك التي تحكم فترات التقديم التدريجي للإعانات المقدمة إلى البلدان النامية. وعادة ما تحصل هذه المجموعة على إعفاءات خاصة من قواعد منظمة التجارة العالمية، ولكنها تضم، في ما يتعلق بصيد الأسماك، العديد من الدول الداعمة الرئيسية مثل الصين والهند.
وتنص مسودة النص على أن القواعد تدخل حيز التنفيذ بعد "X" سنة. ويقول المفاوضون إن هذا قد يتراوح بين سبع و25 سنة، كما تسعى الهند.
وثمة سؤال آخر عما إذا كانت الصين، أكبر دولة داعمة، ستفي بتعهدها بالتخلي رسميا عن القواعد الخاصة التي تنطبق على البلدان النامية، وهو الشرط الذي تقول العديد من الدول إنها بحاجة إليه كتابيا من أجل الموافقة على الصفقة.
وقد أُضيفت مادة جديدة في أحدث مسودة تهدف إلى استرضاء مجموعة من جزر المحيط الهادئ، التي اشتكت من أن الصفقة لم تكن طموحة بما فيه الكفاية.
ويلزم هذا الدول بمراجعة منظمة التجارة العالمية في غضون 5 سنوات، ويتضمن إمكانية فرض "التزامات بقيود وخفض الدعم" جديدة لكبار مقدمي الدعم مثل اليابان والصين والاتحاد الأوروبي.
وأرسلت فنزويلا مذكرة، يوم الجمعة، أثارت فيها سلسلة من الاعتراضات على مسودة الاتفاق، وطلبت حذف مادة واحدة بالكامل.
4 - تسوية المنازعات التجارية
من المقرر أن تتفق الدول على الالتزام بمواصلة المفاوضات في عام 2024 لمحاولة حل الأزمة في نظام تسوية المنازعات، الذي ظلت محكمته العليا متعثرة مدة 4 سنوات بسبب معارضة الولايات المتحدة.
وهذا يعني أن العديد من النزاعات التجارية لم تُحَل، حيث يمكن للدول استئنافها في فراغ قانوني ولا يمكن تطبيق قواعد منظمة التجارة العالمية.
وفي هذا الصدد، قال وزير التجارة الهندي بيوش جويال إنه من "المحزن" أن الدول تعرقل النتائج. ولم يذكر واشنطن بشكل مباشر، لكنه قال إنه أثار مسألة عدم إحراز تقدم في إصلاح نظام النزاعات في منظمة التجارة العالمية مع ممثلة التجارة الأميركية في اجتماع في وقت سابق من هذا الأسبوع.
من جهتها، قالت ممثلة التجارة الأميركية إن المفاوضات بشأن هذه القضية إيجابية وأظهرت تقدما. ومع ذلك، يقول المندوبون إن العقبات كثيرة، ويشككون سرا في إمكانية إحرازهم مزيدا من التقدم في عام الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وذكرت مصادر تجارية أن مجموعة من الدول سعت للتوصل إلى اتفاق ودي، بدعم من الاتحاد الأوروبي، للامتناع عن طرح نزاعات منظمة التجارة العالمية في الفراغ، لكن ذلك لم يحظ بإجماع بين الأعضاء في أبوظبي.
(رويترز، العربي الجديد)