مواربة منافذ اليمن... هدنة معيشية باتفاق المتنازعين على رفع جزئي للحصار

03 ابريل 2022
صعوبات معيشية متفاقمة بفعل الغلاء وتردي الخدمات (Getty)
+ الخط -

يأمل المواطنون اليمنيون في هدنة معيشية، بعد توصل طرفي الحرب إلى اتفاق يقضي برفع جزئي للحصار عن المنافذ البرية والجوية والبحرية، في إطار هدنة إنسانية مدتها شهران قابلة للتمديد، اعتباراً من أمس السبت، بحسب ما أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، مساء الجمعة.

وجاءت الهدنة في الوقت الذي يقف فيه البلد في مفترق طرق مع اشتداد الأزمات الغذائية والمعيشية وفقدان السيطرة على الأسواق التجارية، في ظل تداعيات أزمة السلاسل العالمية بفعل الحرب الروسية في أوكرانيا وقفزات أسعار الطاقة.

وينتظر أن يؤدي رفع الحصار عن المنافذ اليمنية إلى انسياب دخول بعض السلع الأساسية والأدوية وعودة رحلات الطيران، وبالتالي إحياء أنشطة توقفت على مدار سنوات الحرب الثماني الماضية.

وأكد مصدر مسؤول في الهيئة العامة للطيران المدني في صنعاء، أنّ مطار صنعاء الدولي جاهز للتشغيل، رغم ما تعرض له من قصف مكثف طوال السنوات الماضية من الحرب الدائرة في اليمن، معرباً في تصريح خاص لـ"العربي الجديد" عن تفاؤله بتوصل طرفي الحرب إلى اتفاق يقضي بإعادة فتح المطار.

وتعتبر إعادة فتح مطار صنعاء الدولي حدثاً مهماً في هذا الاتفاق الذي يشمل تشغيل رحلات محددة سلفاً من وإلى مطار صنعاء المتوقف منذ العام 2016. وتسبب إغلاق المطار وخنق المعابر البرية والبحرية والجوية منذ بداية الحرب قبل نحو ثماني سنوات في أزمة إنسانية قاسية وخسائر مادية ومعاناة شديدة يتعرض لها ملايين اليمنيين.

وتقدر الهيئة العامة للطيران المدني الخسائر التي تكبدتها منذ اندلاع الصراع بنحو 6 مليارات دولار، تتمثل في تكاليف الأضرار التي لحقت بالبنى التحتية من منشآت ومبانٍ ومعدات وتجهيزات ملاحية من أجهزة خاصة بالاتصالات والتواصل والرادارات المرتبطة بالملاحة الجوية والقطاعات الأخرى في قطاع الطيران.

يقول الخبير الملاحي حمدي شرف، لـ"العربي الجديد"، إنّ فتح مطار صنعاء يعتبر نقلة نوعية في مسار الأحداث في اليمن للأثر الذي سيحدثه في التخفيف من معاناة كتلة سكانية كبيرة في شمال اليمن، أجبرت طوال السنوات الماضية على التنقل في طرق مستحدثة وعرة للوصول إلى المطارين الوحيدين العاملين في اليمن، مطار عدن ومطار سيئون في محافظة حضرموت جنوب شرقي اليمن.

ويخدم موقع مطار صنعاء الجغرافي أكثر من 11 محافظة ويستفيد منه حوالي 80% من سكان اليمن، إذ يخدم أكثر من 6 آلاف مسافر يومياً. ويشير مسؤولون في مطار صنعاء إلى غياب أيّ مبرر أو ذريعة لإغلاق المطار طوال هذه السنوات، إذ لا يشكل أي تهديد لأي طرف، فهو مطار مدني ويخدم كلّ أبناء اليمن.

في السياق، يقول أكرم العباب، مالك شركة خاصة بالسفريات والنقل، لـ"العربي الجديد"، إنّ إغلاق مطار صنعاء أثر كثيراً على قطاع النقل وضاعف خسائر القطاعات والشركات العاملة في هذا المجال، والتي تعتبر مشغلا رئيسيا للأيدي العاملة وتقديم عديد المنافع لليمنيين.

تعتبر إعادة فتح مطار صنعاء الدولي حدثاً مهماً في هذا الاتفاق الذي يشمل تشغيل رحلات محددة سلفاً من وإلى مطار صنعاء المتوقف منذ العام 2016

ويعتبر مطار صنعاء الدولي البوابة الرئيسة لتدفق حركة الشحن الجوي من الأدوية والمستلزمات الطبية التي لا تنقل إلا عبر الجو، خصوصاً الأمراض المزمنة كالسرطان والسكري والفشل الكلوي والقلب والأوعية الدموية.

وأدى إغلاق المطار إلى وفاة كثير من المرضى لعدم مقدرتهم على السفر، ولتأخر وصول الأدوية الضرورية لإنقاذ حياتهم خصوصاً أدوية الأمراض المستعصية، إضافة إلى حرمان العديد من المغتربين من زيارة ذويهم وفقدان المئات من الطلاب المبتعثين للدراسة بالخارج حقهم في الالتحاق بمؤسساتهم التعليمية، ناهيك عن حرمان الكثير من رجال الأعمال من حقهم في السفر لممارسة أعمالهم التجارية.

وفي تحرك متأخر لمواجهة الصعوبات المعيشية، فتحت الجهات والدوائر المعنية في القطاعين العام والخاص ملف الوضع التمويني في اليمن والمخزون الغذائي من القمح على ضوء التطورات المتلاحقة على المستويين الدولي والمحلي.

وتشهد الأسواق ارتباكاً واضحاً مع حلول شهر رمضان في ظل صعوبة تأمين الاحتياجات السلعية مع ارتفاع الأسعار بصورة قياسية، وتأثير ذلك على القوة الشرائية والاستهلاكية لليمنيين الذين يفتقدون للسيولة المالية لتأمين احتياجاتهم الغذائية.

ويحذر رئيس جمعية الأفران والمخابز اليمنية طاهر الحميري، في حديث لـ"العربي الجديد"، من تصاعد أسعار مكونات إعداد الرغيف وانعكاسها زيادة في فاتورة تكاليف المنتج النهائي. ويعدد الحميري مجموعة من السلع المكونة للرغيف التي زادت أسعارها بشكل تدريجي مؤخراً في اليمن، مثل الزيوت مع وصول العبوة المتوسطة من الغالون إلى نحو 15 ألف ريال، من 10 آلاف ريال سابقاً.

ويتفاوت سعر صرف الدولار بشكل حاد بين عدن التي تتخذ منها الحكومة عاصمة مؤقتة وصنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، إذ يصل في عدن إلى 1243 ريالاً، فيما يبلغ نحو 600 ريال في صنعاء.

وناقش اجتماع موسع عقدته وزارة الصناعة والتجارة في الحكومة اليمنية وممثلو عدد من الجهات الحكومية ذات العلاقة وبرنامج الأغذية العالمي، تأمين المخزون الغذائي من مادة القمح.

وأفاد مصدر مسؤول في وزارة الصناعة والتجارة في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ الأزمة التي يجري بحثها في ما يتعلق بتأمين احتياجات اليمن من القمح، لا تقف عند حدود تبعات الحرب في أوكرانيا، بل إلى بروز تأثيرات أخرى أكثر حدة مثل أزمة الوقود وارتفاع أسعارها المتلاحقة، والتي وصلت إلى ذروتها في انعكاسها على مجمل الأوضاع التموينية والتجارية وأسعار السلع والمواد الغذائية.

المساهمون