هجمات الحوثي ... أوروبا متضررة أيضا

27 ديسمبر 2023
مخاطر تواجه سفن الشحن في البحر الأحمر/getty
+ الخط -

لا تقتصر تداعيات استهداف صواريخ جماعة الحوثي المتواصلة السفن المارة في البحر الأحمر على تجارة دولة الاحتلال مع دول آسيا والشرق الأقصى سواء كانت صادرات أو واردات.

بل تمتد التأثيرات السلبية لتلك الهجمات على أسواق أوروبا والتي تعتمد إلى حد كبير على آسيا في تموينها بالسلع والمواد الخام والمعادن والسلع الوسيطة. كما تعتمد القارة كثيرا على النفط والغاز الخليجي الذي يمر عبر البحر الأحمر.

بالطبع تهدد الهجمات الحوثية التجارة الرائجة بين دول الاتحاد الأوروبي، وفي مقدمتها ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، والصين والهند وهي تجارة تقدر بمئات المليارات من الدولارات سنويا.

أوروبا قد تكون على موعد مع موجة تضخم وغلاء في الأسعار قد تشبه تلك التي مرت بها خلال الجائحة أو عقب اندلاع حرب أوكرانيا في فبراير 2022

ورغم أن جماعة الحوثي أعلنت عدة مرات أن هجماتها ستكون قاصرة على السفن الإسرائيلية أو السفن الأجنبية المتجهة لموانئ دول الاحتلال سواء الواقعة على البحر الأحمر مثل إيلات أو الواقعة البحر المتوسط مثل حيفا وأسدود وعسقلان، إلا أن شركات الشحن الأوروبية الكبرى باتت تتفادى المرور في مضيق باب المندب ثم البحر الأحمر فقناة السويس، ولا تقترب من مضيق هرمز الواقع في مدخل الخليج العربي.

والسبب هو زيادة المخاطر الأمنية الناجمة عن هجمات الحوثي الصاروخية على السفن المارة قبالة السواحل اليمنية، واحتمالية دخول الولايات المتحدة في صدام عسكري مع إيران، أو على الأقل صدام مع القوة المدعومة منها في المنطقة، وهو ما حدث بالفعل في الأيام الماضية.

حتى شركات الشحن العالمية الكبرى والتي تحمل بضائع من أسواق آسيا لأوروبا والعكس باتت تتفادى المرور في البحر الأحمر، خاصة في الفترة التي شهدت مواجهات مباشرة بين القوات الأميركية والبريطانية وجماعة الحوثي، أو عقب حديث قوة غربية متزايد عن استهداف إيران السفن المتجهة للموانئ الإسرائيلية.

هذه التطورات وغيرها تنذر بعواقب اقتصادية وتجارية على قارة أوروبا سواء على المستوى القريب أو المتوسط وربما البعيد.

فتحويل سفن الشحن المتجهة لأوروبا نحو رأس الرجاء الصالح يترتب عليه زيادة تكلفة السلع المنقولة بحرا، وتأخر وصول المنتجات للأسواق الأوروبية المتعطشة للمواد القادمة من الهند والفيليبين وماليزيا وبنغلادش وإندونيسيا واليابان وهونغ كونغ وسنغافورة وغيرها من دول الشرق الأقصى.

ما يقلق أوروبا من هجمات الحوثي لا يقتصر على تهديد خطوط الشحن البحري، وزيادة أسعار السلع، بل يمتد لأمور أخرى منها مخاوف من اقدام الجماعة على إتلاف كابلات الاتصال الدولية

وفي حال استمرار هذا التحول، فإن أوروبا تكون على موعد مع موجة تضخم وغلاء في الأسعار قد تشبه تلك التي مرت بها خلال جائحة كورونا أو عقب اندلاع حرب أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، وهو ما يعني أزمات اقتصادية للحكومات ومعيشية للمواطن الأوروبي. علما بأن تكلفة الغاز والنفط ارتفعت بالفعل في أوربا بنسبة تزيد عن 10% منذ اندلاع الحرب على غزة.

وهنالك مخاطر أن تزيد الحرب على غزة في حال استمرارها لفترة طويلة من أزمات المعيشة والهجرة والتضخم وارتفاع الديون السيادية داخل دول قارة أوروبا التي تعاني بالفعل من تلك الأزمات بسبب الجائحة وقفزات أسعار النفط والغاز، والدخول في حرب اقتصادية شرسة مع روسيا على خلفية الخلاف حول حرب أوكرانيا.

موقف
التحديثات الحية

ما يقلق أوروبا من هجمات الحوثي لا يقتصر على تهديد خطوط الشحن البحري، وزيادة أسعار السلع بما فيها منتجات الطاقة، بل يمتد لأمور أخرى منها على سبيل المثال مخاوف من اقدام الجماعة اليمنية على إتلاف كابلات الاتصال الدولية الموجودة في قاع البحر الأحمر عند مضيق باب المندب والتي تربط الشرق بالغرب.

وما يدعم تلك المخاوف هو تهديد الحوثي بالفعل بإتلاف تلك الكابلات في حال استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة ومنع وصول الدواء والغذاء والوقود لأهالي القطاع.

وبعيدا عن التجارة، فإن أوروبا ودولا آسيوية تخشى أيضا من أن تنعكس الحرب الدائرة في منطقة الشرق الأوسط على مشروعات تنمية وتجارة كبرى وطموحة تم الاتفاق على تنفيذها في السنوات الأخيرة، منها ممر التنمية الذي يربط أسواق الهند وآسيا بأوروبا عبر منطقة الخليج ودولة الاحتلال.

المساهمون