هبة المليار يورو أمام البرلمان اللبناني: ترقب لمصير الحزمة الأوروبية

14 مايو 2024
مجلس النواب اللبناني، 18 أكتوبر 2022 (موقع المجلس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الساحة اللبنانية تترقب جلسة نيابية بدعوة من رئيس البرلمان لمناقشة هبة المليار يورو الأوروبية، وسط جدل حول اعتبارها "رشوة" لإبقاء اللاجئين السوريين.
- الجلسة تشهد مشاركة واسعة لبحث دوافع الهبة وتفاصيل الاجتماعات السابقة، مع توضيح أن قبول الهبة يتطلب مرسوماً من مجلس الوزراء.
- تصاعد الخطاب المعارض والداعم للهبة، مع تأكيدات بأنها غير مشروطة وتهدف لدعم لبنان في مجالات متعددة، والجلسة قد تخرج بتوصيات حول مسألة اللاجئين.

تترقّب الساحة اللبنانية يوم غدٍ الأربعاء الجلسة النيابية التي دعا إليها رئيس البرلمان نبيه بري لمناقشة الموقف من هبة المليار يورو الأوروبية وذلك بعد الهجمة السياسية والشعبية التي رافقت الإعلان عن الحزمة، واضعةً إيّاها في إطار "الرشوة المالية لإبقاء اللاجئين السوريين في لبنان".

ومن المتوقع أن تشارك القوى السياسية المسيحية والمقاطعة لمعظم الجلسات في ظلّ استمرار الشغور بسدّة رئاسة الجمهورية، بذريعة أنّ جلسة الغد لن تلحظ تشريعاً أو إقراراً لأي قانون، بل ستناقش مسألة هبة المليار يورو وتستفهم الدوافع الأساسية وراء منحها للبنان، ووقائع الاجتماع الذي عقده رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع رئيسة المفوضية الأوروبية أوسولا فون ديرلاين، والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس، وتلاه الإعلان عن هبة المليار يورو.

في الإطار، يقول الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك لـ"العربي الجديد"، إنّ هبة المليار يورو المطروحة على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، لم تقرّها الحكومة، وبالتالي ما زالت طرحاً دون أن يقترن بأي قرار أو مرسوم يصدر عن مجلس الوزراء، لافتاً إلى أنه "بالاستناد إلى أحكام المادة 52 من قانون المحاسبة العمومية، فإنّ هذه الهبة بحاجة إلى مرسوم يصدر عن مجلس الوزراء بقبولها أو رفضها، أي أنّ الحكومة لها كامل الصلاحية بقبولها أو رفضها لأسباب تراها ملائمة".

ويوضح مالك أنّ "مجلس النواب باستطاعته مناقشة الحكومة بموضوع هبة المليار يورو وليس محاسبتها، لأن المحاسبة تكون نتيجة تصرّف معيّن أقدمت عليه الحكومة، لكن حتى تاريخه لا تزال الهبة عبارة عن طرحٍ مقدَّم من الاتحاد الأوروبي إلى ميقاتي لم يقترن بموافقة مجلس الوزراء ولا بمرسوم صادر عنه".

مناقشة هبة المليار يورو

تبعاً لذلك، يقول مالك إنّ "دور مجلس النواب سيكون مناقشة الحكومة حول هبة المليار يورو، إضافة إلى ملف النازحين السوريين بشكل عام، وغالب الظنّ أنه سيخرج بتوصية إلى الحكومة حول مسألة الوجود السوري غير الشرعي، ومطالبتها باتخاذ الإجراءات اللازمة لتطبيق القوانين اللبنانية"، لافتاً إلى أنّ "هذه التوصية إذا صدرت هي بطبيعتها القانونية غير ملزمة، لكن تبقى لها صفة ارشادية للحكومة وقوة اعتبارية إذا اقترنت بموافقة أكثرية وازنة من النواب".

وقالت "الدولية للمعلومات" (شركة أبحاث واحصاءات ودراسات علمية مستقلة) في تقرير لها إنّه "يحقّ لحكومة تصريف الأعمال أن تتّخذ قراراً بقبول هبة، لا بل، عند معاينة الهبات التي تُقدّم للبنان وتقبل بها الدولة اللبنانيّة، نجد أنّ غالبيتها اتّخذت فيها الحكومة القرار بقبول هبة المليار يورو فتصريف الأعمال يشمل قبول الهبات، خصوصاً أنّ لبنان يعاني من شغور رئاسي منذ أكثر من 18 شهراً، وتُعتبر الهبات من باب تصريف الأعمال".

وفي مطلع شهر مايو/أيار الجاري، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، خلال زيارتها بيروت، عن حزمة مالية بقيمة مليار يورو للبنان ستكون متاحة اعتباراً من السنة الجارية وحتى عام 2027، في إطار دعم الاستقرار اللبناني والتصدّي لأزمة اللاجئين السوريين، في خطوة عرّضت رئيس الحكومة لهجوم واسع صبّ في اتجاه اتهامه بالمتاجرة بملف اللاجئين، خصوصاً بعد حديثه عن فتح المجال أمام اللبنانيين للذهاب بهجرة موسمية لدول الاتحاد الأوروبي للعمل هناك موسمياً.

وتوجّه النواب بولا يعقوبيان، فراس حمدان، ياسين ياسين، وإبراهيم منيمنة، بسؤال إلى الحكومة حول حزمة المليار يورو المقدمة من الاتحاد الأوروبي إلى لبنان لـ"كشف حقيقتها ومعرفة تفاصيلها والشروط المتعلّقة بها، هل هي هبة أم قرض؟ وماذا عن الأعباء والشروط الملقاة على عاتق الدولة اللبنانية مقابلها ومدى مراعاتها للأصول الدستورية والقانونية، في ظلّ الارتياب والغموض الذي يحيط بهذه الحزمة وعلامات الاستفهام عن كونها رشوة مقابل بقاء النازحين السوريين في لبنان والتي لا بد من إيجاد أجوبة صريحة وواضحة عليها".

مصيبة وطنية

وقال النائب فراس حمدان في بيان مشترك مع عددٍ من زملائه إنّ "ما حصل من صفقة بين المنظومة الحاكمة ودول الاتحاد الأوروبي، فيما يتعلّق بقضية اللاجئين السوريين، هو أمرٌ لا يمكن اعتباره إنجازا، بل هو أقرب إلى المصيبة الوطنية في ملف بحاجة إلى استراتيجية وخطة واضحة بمسار زمني محدد".

واعتبر النواب أنها "رشوة مزدوجة، في شقّها الأول فتات من المال سيستغله حتماً من هو يغتصب السلطة، فيوزعه على المحسوبيات، وفي شقها الثاني تسهيل سفر اللبنانيين واللبنانيات إلى الدول الأُوروبية، تحت ستار العمل الموسمي، بدل القيام بإصلاحات بنيوية من شأنها أن تنهض بالاقتصاد اللبناني وتخلق فرص العمل من أجل تثبيت الشباب في وطنهم".

من جهته، تقدم رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل بكتاب إلى ميقاتي يطلب فيه "توضيح ما تم الاتفاق عليه مع مفوضية الاتحاد الأوروبي والخطوات العملية التي ستتخذها الحكومة بهدف إعادة النازحين بشكل سريع إلى سورية، خصوصاً في ظل توقف الأعمال العسكرية في أغلبية الأراضي السورية التي باتت تعتبر آمنة".

بدوره، قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إنّ موقفنا من الوجود السوري غير الشرعي في لبنان ثابت ومبدئي وسيادي ولا يتبدّل مع مليار يورو أو عشرات المليارات.

موقف
التحديثات الحية

وقال رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل إنّ لبنان ليس للبيع أو الإيجار، مشيراً إلى أنّ "هذا المليار لو دفع كلّه للعودة على قاعدة 4000 يورو للشخص لن يشكل عودة أكثر من 250 ألف نازح، يعني 11 في المائة من النازحين على أربع سنين، وهذا غير مقبول".

ونفى ميقاتي الكلام عن رشوة أوروبية للبنان لإبقاء اللاجئين على أرضه، مؤكداً أنّ " هبة المليار يورو غير مشروطة بتاتاً ويتم اقرارها من جانب اللبناني حسب الأصول المتبعة بقبول الهبات"، معتبراً أنّ "ما يحصل هو محاولة خبيثة لإفشال أي حل حكومي، تحت حجج واتهامات باطلة، وما توصل اليه بحصيلة الحملة الدبلوماسية مع مختلف الأطراف الخارجية، وهذا المسعى سيستمر فيه خلال انعقاد مؤتمر بروكسيل قبل نهاية الشهر الجاري".

وأكد ميقاتي أنّ "حزمة المليار يورو هي مساعدة غير مشروطة للبنان واللبنانيين حصراً وتشمل القطاعات الصحية والتربوية والحماية الاجتماعية والعائلات الأكثر فقراً إضافة إلى مساعدات الجيش والقوى الأمنية من أمن عام وقوى أمن داخلي لضبط الحدود البرية زيادة العديد والعتاد، وكل ما يقال خلاف ذلك مجرد كلام فارغ واتهامات سياسية غير صحيحة".

كذلك، قال رئيس الحكومة "سيكون لنا كلام تفصيلي في جلسة مجلس النواب الأربعاء".

وعشية الجلسة النيابية، اتهم الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أميركا وأوروبا والمجتمع الدولي بتقديم الأموال حتى لا يعود اللاجئون السوريون إلى سورية، معتبراً أنّ من يريد إعادة اللاجئين فعليه مطالبة الولايات المتحدة بإلغاء قانون قيصر ومطالبة أوروبا بإلغاء العقوبات على سورية، واضعاً كذلك وسائل ضغط على قبرص والأوروبيين لإيجاد حلّ فعلّي، وعندها على حدّ تعبيره يأتون بعشرين وثلاثين مليار يورو بدل المليار، ويمكن لحكومة لبنان أن تفرض شروطها.

وقال نصر الله "يجب أن نحصل على إجماع لبناني يقول فلنفتح البحر أمام النازحين السوريين بإرادتهم بدلًا من تعريضهم للخطر عبر الرحيل عبر طرق غير شرعية وهذا يحتاج لغطاء وطني"، مشيراً إلى أنّ "قرار فتح البحر يحتاج شجاعة وإذا اتخذناه فسيأتي الأميركي والأوروبي إلى الحكومة لإيجاد حل فعلي"، مؤكداً أنّ "الحل برأينا هو بالضغط على الأميركي الذي يمنع عودة النازحين والحديث بشكل جدي مع الحكومة السورية وإلاّ فنحن نتعب أنفسها بحلول جزئية لن توصلنا للنتيجة المطلوبة".

وبعد توقف منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022، استأنفت السلطات اللبنانية صباح يوم الثلاثاء تسيير رحلات العودة الطوعية للاجئين السوريين من الأراضي اللبنانية إلى قراهم في سورية بالتزامن مع تشديد الإجراءات والتدابير الأمنية في إطار "خطة تنظيم الوجود السوري في لبنان" في ظلّ تصاعد حدّة الخطاب السياسي التحريضي، وذلك على الرغم من تحذيرات المنظمات الدولية، بأنّ السلطات اللبنانية بتسهيلها عمليات العودة هذه، إلى منطقة لا تزال غير آمنة، تتعمّد تعريض اللاجئين السوريين لخطر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

المساهمون