قرر مجلس النواب الأردني، خلال جلسة عقدها اليوم الاثنين، إحالة مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2023 إلى اللجنة المالية النيابية، بعد انتقادات حادة وجّهها النواب للموازنة في القراءة الأولى، بسبب ارتفاع المديونية، وترحيل العجز، وخلوها من أي توجّه لزيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين، وافتقارها لحلول تعالج مشاكل الفقر والبطالة، وعدم قدرتها على رفع النمو الاقتصادي.
واعتبر النواب في الجلسة التي جاءت بعد تأجيل استمر أسابيع بسبب الاضرابات التي شهدتها بعض المدن الأردنية، الشهر الماضي، إثر رفع أسعار الوقود وإضراب أصحاب الشاحنات، أن موازنة العام الحالي لا تختلف عن سابقاتها، ولم تلتفت إلى القضايا الأساسية التي تهم المواطنين، مطالبين بتخفيض ضريبة المبيعات، وفرض ضريبة على البنوك والشركات الكبرى، وتخفيض ضريبة المحروقات.
وقال وزير المالية محمد العسعس في كلمته، إن الحكومة تدرك أن الألم الاقتصادي والصعوبات المالية التي يعيشها المواطنون حقيقية، وتدرك الحكومة أن الشعور بالإحباط الذي يهدد شبابنا الباحث عن العمل حقيقي، كما تدرك انخفاض القوة الشرائية في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة، وتشوه العبء الضريبي بارتفاعه على الطبقة الوسطى بدلاً ممن هم أكثر دخلاً، والتراجع في مستوى الخدمات والبنية التحتية بعد سنوات من تخفيض الإنفاق الرأسمالي، ومخاطر استمرار ارتفاع العجز في الموازنة وتراكم الدين العام وتحديات هيكلية أضعفت الاقتصاد وأضرت بالمستوى المعيشي للمواطنين.
وبيّن أن موازنة الأردن للعام الحالي 2023 تبلغ 11.4 مليار دينار (حوالي 16 مليار دولار)، متوقعا أن يبلغ معدل التضخم في الأردن خلال العام المقبل 3.8%، موضحا أن معدل النمو الحقيقي للعام 2023 سيكون 2.7%.
وتوقّع أن يبلغ عجز الموازنة بعد المنح في عام 2023 حوالي 1.862 مليار دينار (2.625 مليار دولار). وأما العجز الأولي للموازنة الذي يعتبر أحد أبرز مؤشرات الاستدامة المالية والذي يقارن بين الإيرادات المحلية والنفقات العامة، مستثنياً منها خدمة الدين العام، فسوف يتراجع للسنة الثالثة على التوالي في عام 2023 إلى نحو 2.9% من الناتج المحلي الإجمالي.
كما قدّر المنح الخارجية بنحو 802 مليون دينار في عام 2023، مقابل 796 مليون دينار لعام 2022. وترتيباً على ما تقدم، قدرت الإيرادات العامة في موازنة عام 2023 بمبلغ 9569 مليون دينار، لتسجل ارتفاعا بنحو 835 مليون دينار، أو ما نسبته 9.6% عن مستواها لعام 2022.
وأشار إلى أن "الإيرادات المحلية سترتفع إلى 8.8 مليارات دينار، أي بارتفاع 10.4% عن عام 2022"، موضحا أن "الإيرادات الضريبية سترتفع 11.7% لتصل إلى 6.6 مليارات دينار، من دون رفع أي ضريبة أو رسم أو فرض أي ضريبة أو رسم".
وسترتفع الإيرادات غير الضريبية إلى 2.1 مليار دينار، أي بزيادة 6.6%، وهي نفس نسبة النمو الاسمي للاقتصاد في عام 2023.
وأشار إلى أن معدل التضخم في الأردن بلغ 4.2% في عام 2022، ويتوقع أن يبلغ 3.8% في عام 2023، وهذا يعتبر من أقل معدلات التضخم عالمياً.
بدوره، قال رئيس اللجنة المالية النيابية، نمر سليحات، إن الموازنة العامة ما زالت تمضي في ظروف صعبة للغاية، في ظل ارتفاع أرقام البطالة وانعكاساتها على نسب الفقر، واصفا الاحتجاجات "السلمية" الشهر الماضي على ارتفاع أسعار المحروقات بالمحقة.
وطالب النائب صالح العرموطي، مجلس النواب، بردّ مشروع قانون الموازنة لسنة 2023، مشيرا إلى أن خطاب الموازنة جاء إنشائيا ورومانسيا، عدا عن كونه استفزازيا، حيث تضمّن رسائل إلى النواب بعدم رفع مستوى التوقعات والوعود، ما يشير إلى أن طلبات النواب لن تكون مجابة.
أما النائب عيد النعيمات فقد أشار إلى أن الموازنة دون الطموح ولن تحقق النمو الاقتصادي المأمول، ولا تختلف عن سابقاتها من موازنات، وتعتمد على الضرائب والرسوم والمنح.
ويعتقد النائب جميل العشوش أن مشروع قانون الموازنة العامة سيمر كما مر في السنوات السابقة، مضيفا أنه "مهما تكلمنا عن الموازنة تحت القبة رح تمشي، لكن الجعجعات التي نلقي بها لن تمر".
أما النائب عدنان مشوقة فقال إن الحرية السياسية المسؤولة والشفافية والمساواة هي الطريق للإصلاح الاقتصادي، كما أن حالة التقشف في النفقات يجب أن تبدأ من الأعلى، بحيث تتم حماية أصحاب الدخل المتدني من التأثر بأي زيادة ضريبية.
وطالب النائب بلال المومني بردّ مشروع قانون الموازنة لسنة 2023، قائلا إنها جاءت مخيّبة للآمال والطموح بشكل مطلق، حيث إن المديونية ما زالت ترتفع والعجز قائما، والخدمات التعليمية والصحية تتراجع باستمرار.
وفي السياق، ذكر النائب أحمد القطاونة أن عام 2022 شهد ارتفاع أسعار المحروقات وارتفاع السلع الأساسية، وانخفاض القيمة الشرائية، فيما الحكومة كانت حريصة على إرضاء صندوق النقد الدولي.
وأضاف: "لا يوجد في الأردن طبقة وسطى، هناك طبقة فقيرة وطبقة غنية"، مستدركا أن "ما لم تلامس الموازنة جرح الأردنيين وهموهم ومعاناتهم، فإنها لا تعنينا".
من جهته، قال النائب فواز الزعبي إن وزير المالية محمد العسعس لن يستمر طويلاً في الحكومة وهو يسهر على الجباية، وساهم في رفع المديونية والعجز.
وفي الاتجاه عينه، وعد النائب محمد العلاقمة، متهكما، بأنه سيزوج وزير المالية محمد العسعس واحدة من خالاته إذا حقق نسبة النمو التي تحدث عنها الوزير خلال خطاب الموازنة، مذكرا أنه وعد الوزير عند مناقشة الموازنة الماضية بأنه سيحمله على أكتافه إذا حقق نسبة النمو المتوقعة، وهو الأمر الذي لم يحصل.