يبدو أن على السوريين الانتظار فترة ليست قليلة، والصبر على الاكتواء بنار أسعار الأدوية، بعد أن تم رفعها، للمرة الثانية خلال العام الجاري، يوم الخميس الفائت بنسبة 30%، حتى تتوفر كثير من الأدوية في الأسواق، بذريعة انتظار استيراد المواد الأولية.
وقال مازن فخري (34 عاما)، موظف في دمشق، لـ"العربي الجديد": "جميعنا يعلم أن أزمة الدواء ستؤدي إلى رفع أسعاره، فهذه سياسة النظام قد أصبحت روتيناً يطبق على كل شيء يريد رفع سعره، حيث يبدأ بخلق أزمة نقص حاد بالمادة ما يرفع أسعاره في السوق السوداء، موصلا الناس إلى حد الاختناق، فيسهل عليه ابتزاز ومساومة المواطنين على حاجاتهم، ويقدم الحل بأن رفع سعر المواد سيؤدي إلى توفرها، فيرضخ الناس لهذا الحل، فتسمع غالبيتهم يقولون: إن كان سيتوفر إن رفعوا سعره فليرفعوه مقابل توفيره في السوق".
وأضاف: "إلى اليوم ما تزال كثير من أصناف الدواء غير متوفرة، وما زلنا ندفع أضعاف سعرها في حال تم تأمينها، ونبحث في العديد من الصيدليات ومع الواسطة للحصول على الدواء، ولا أحد يعلم كم نحتاج من الوقت ليتم توفير الأدوية في السوق".
من جانبها، قالت سمية عيد (33 عاما)، موظفة في إحدى الدوائر الرسمية بدمشق، لـ"العربي الجديد"، إن "أسعار الأدوية أصبحت لا تطاق، وحتى الزيادة الأخيرة على الرواتب لا تغطي تكلفة دواء الزكام لطفل واحد أو أجر الكشف الطبي".
وأضافت "أنا واحدة من الناس أصبحت أفكر 100 مرة قبل أن أدخل إلى الصيدلية، وأحاول الانتقاء من بين الأدوية ضمن الوصفة الطبية الوحدة، وفي كثير من الأحيان ألجأ إلى إحدى الجمعيات الصحية أو الجهات المدنية التي تقدم مساعدات صحية ومنها تأمين الأدوية بشكل مجاني".
بدوره، أعرب رئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية في سورية التابع للنظام، رشيد الفيصل، عن أمنياته بحل مشكلة انقطاع بعض الأنواع من الأدوية في الأسواق بعد رفع أسعارها 30%، لافتا إلى أن هذا يحتاج إلى وقت باعتبار أن القضية متعلقة أيضاً بعوامل أخرى، مثل استيراد المواد الأولية الداخلة في إنتاج الأدوية باعتبار أن عملية الاستيراد صعبة وشاقة لجلبها إلى سورية.
وحول أسعار الأدوية بعد الرفع الأخير، قال إن ما بين 80 إلى 85% من الأدوية أسعارها لا تتجاوز 5 آلاف ليرة سورية بعد الرفع الأخير، في حين أن هناك أكثر 65 بالمئة من هذه الأدوية أسعارها لا تتجاوز 2500 ليرة (سعر صرف الدولار الأمبركي الواحد نحو 3500 ليرة سورية).
وعن صناعة الأدوية في سورية وقدرتها على تأمين احتياجات الناس، رأى الفيصل أن صناعة الأدوية هي من الصناعات المهمة والحساسة، ولذلك، حتى تستمر، لا بد من وجود المقومات التي تساعد على استمرارها، مبينا أن هناك فائضاً في المعامل المنتجة للأدوية، وأنه خلال عام من الممكن أن يصل عددها إلى 100 معمل، حيث يعمل حاليا نحو 75 معملاً، وهناك نحو 25 معملاً آخر قيد الترخيص ومن المتوقع أن تدخل إلى الإنتاج خلال عام.
أعرب رئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية في سورية التابع للنظام، رشيد الفيصل، عن أمنياته بحل مشكلة انقطاع بعض الأنواع من الأدوية في الأسواق بعد رفع أسعارها 30%
وحول قدرة تلك المعامل على تغطية الاحتياجات الدوائية، قال إن شعار بعض المعامل عند بداية دخولها في الإنتاج أنها سوف تنتج الأدوية النوعية غير المكررة في الأسواق، ولكن عندما يبدأ إنتاجها تكون الأدوية التي تنتجها لا تختلف عن تلك الموجودة في الأسواق، بل أيضاً تسعى إلى منافسة المعامل المنتجة لتلك الأدوية.
يشار إلى أن السوريين يعانون في مناطق النظام منذ أشهر من أزمة نقص أدوية حادة، وخاصة أدوية المضادات الحيوية والأمراض المزمنة، الأمر الذي حملهم المزيد من الأعباء والمعاناة اليومية لتأمين احتياجاتهم من الدواء.