نقابات تونس تخشى هدنة صورية مع الحكومة

22 اغسطس 2022
من إضراب عمال القطاع العام في يونيو/حزيران الماضي (الأناضول)
+ الخط -

ما أن اتجهت أنظار التونسيين إلى انفراجة قريبة بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية في البلاد، حتى تجددت الشكوك في إمكانية الوصول إلى هدنة بين الجانبين، يتوقع أن تحول دون تعمق الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها الدولة.

ووقعت رئيسة الحكومة نجلاء بودن والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي ورئيس اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول، في 12 أغسطس/آب الجاري، اتفاقاً وصفته الحكومة في بيان نشرته على صفحتها الرسمية بـ"عقد المثابرة لمجابهة التحديات الاستثنائية الاجتماعية والاقتصادية والمالية"، مشيرة إلى اتفاق الأطراف الثلاثة على عقد جلسات حوار للوصول إلى اتفاقات سواء كانت ثنائية أو ثلاثية في ما يتعلق بالاستحقاقات الاجتماعية والإصلاحات الاقتصادية المنتظرة.

لكن اتحاد الشغل أعلن على موقعه الإخباري "الشعب نيوز"، أن الحكومة طلبت في خطوة مفاجئة تأجيل جلسة التفاوض التي كان مقرراً عقدها، يوم الجمعة الماضي، مع وفد من المنظمة النقابية، للنظر في مطالب نقابية، معتبرا أن تأجيل جلسة التفاوض "يضّيع فرصة تنقية الأجواء الاجتماعية في وقت صعب ينتظر فيه التونسيون طمأنة واستقراراً ومبادرات".

تجنب إضراب عام

ويرى محللون اقتصاديون أن هناك شكوكا في جدية الحكومة في التفاوض مع النقابات، بينما كان الحوار مع اتحاد الشغل يستهدف بالأساس تجنب إضراب عام جديد قد يذهب إليه الاتحاد في سبتمبر/أيلول المقبل، ما قد يشكل تهديداً لمسار الاتفاق المرتقب مع صندوق النقد الدولي، الذي يشترط توافقاً شاملاً مع النقابات مقابل إقراض تونس 4 مليارات دولار.

يقول الخبير الاقتصادي عبد الرحمن اللاحقة لـ"العربي الجديد" إن "العديد من الأطراف تعمل على دفع الاتحاد العام التونسي للشغل نحو مربعه الاجتماعي الضيق دون تقديم إجابات للمطالب التي تطرحها النقابات".

ويضيف اللاحقة أن "اتحاد الشغل يبحث عن إجابات لمسائل حياتية للتونسيين وفي مقدمتها اهتراء القدرة الشرائية للمواطن بنحو 21.6% في الفترة الممتدة ما بين عام 2020 ويوليو/تموز من العام الجاري"، مشيرا إلى أن تغيير الحكومة لسياسة الحوار مع اتحاد الشغل يؤجل مجدداً تنفيذ الاتفاقيات المعلقة، وهو ما يتسبب في ضرب مصداقية التفاوض، وسلامة الحوار الاجتماعي.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويرى اللاحقة، أن "وثيقة العقد الموقعة أخيراً ضعيفة المضمون وفاقدة لمحتوى واضح"، معتبرا أن "حكومة بودن ربما رغبت في الحصول على الصورة التي جمعتها برئيسي اتحاد الشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة (تجمع رجال الأعمال)، بغرض التسويق الخارجي خاصة الموجه إلى صندوق النقد الدولي الذي يشدد على أهمية الحوار والتوافق الوطني حول الإصلاحات الاقتصادية".

الحقوق المكتسبة للتونسيين

ويضيف أن "اتحاد الشغل ليس بالسذاجة التي تؤدي به إلى إبرام اتفاق حول إصلاحات مشوهة ولا شعبية تذهب بها الحكومة إلى صندوق النقد".

ويوم 16 يونيو/ حزيران الماضي، شهدت تونس إضراباً عاما في 159 مؤسسة حكومية، ما تسبب في شلل تام بخدمات النقل والمصالح الحكومية في كافة المحافظات. ويطالب اتحاد الشغل بهامش مشاركة واسعة في أي خطة إصلاح تتعهد بها الحكومة لدى صندوق النقد الدولي مقابل حصولها على تمويل لدعم الموازنة العامة للدولة.

ويرفض الاتحاد التفاوض حول إصلاحات تستهدف ما يصفها بالحقوق المكتسبة للتونسيين، بينما تطرح الحكومة برنامج إصلاحات يهدف إلى ترشيد كتلة الرواتب، ورفع الدعم عن الغذاء والطاقة بداية من العام المقبل 2023.

المساهمون