كما أدركت أن ما حدث في 3 يوليو 2013 لم يكن انقلاباً يهدف إلى علاج أزمات سياسية وأوضاع اقتصادية ومعيشية متدهورة، بل كان بهدف احتكار السلطة وإذلال الذين خرجوا في ثورة 25 يناير وإشغال المصريين بأمورهم المعيشية، وأن هذا الانقلاب أعاد الاقتصاد المصري نصف قرن إلى الوراء وربما أكثر، وتسبب في زيادة عدد الفقراء في البلاد، وتآكل الطبقة الوسطى، بل وفي عزوف الأغنياء عن الاستثمار.
قبل أيام خرجت علينا وكالة رويترز العالمية للأنباء بتقرير عنوانه لافت هو: "صبر المصريين ينفد مع السيسي في ظل تدهور الاقتصاد"، واليوم خرجت علينا صحيفة لاكَروا الفرنسية بتقرير منشور على صفحة كاملة أكدت فيه أن أزمة السكر فضحت هشاشة الاقتصاد المصري، وأن التذمّر من سياسات السيسي الذي وعد ناخبيه بإحداث قفزة اقتصادية كبيرة، لم يكن بمثل هذه الحدة من قبل خاصة مع اقتراب تظاهرات 11/11.
وتحت عنوان "الكابوس في مصر" قالت مجلة "فورين بوليسي" الشهيرة اليوم أيضاً إن الأوضاع في مصر الآن أسوأ مما كانت عليه قبل ثورة يناير، وإن البنية التحتية في مصر تنهار، ونظم التعليم والصحة العامة آخذة في التدهور، وأن أكثر من ربع المصريين "حوالي 22.5 مليون شخص"، يعيشون في فقر، في حين يتجاوز معدل البطالة بين الشباب 40%.
وخلال الفترة الأخيرة أفردت الصحف العالمية الكبرى مساحات كبيرة للحديث عن أوضاع الاقتصاد المصري المتدهورة والفشل الحكومي في إدارة هذا الاقتصاد المتردي، فصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، قالت إن الحكومة لجأت خلال الأعوام الثلاثة الماضية، إلى بناء عشرات السجون لاستيعاب كميات كبيرة من المعتقلين، وهو ما أثر سلبا على الاقتصاد والحياة المعيشية للمواطنين.
أما صحيفة "إندبندنت" البريطانية فقالت إن السيسي أعلن أن عام 2016 هو عام الشباب، فتحول إلى عام سجن واعتقال الشباب، وحملت وكالة بلومبيرغ، الاقتصادية الأميركية السيسي مسؤولية تدهور الاقتصاد، وقالت إن سياساته كان لها دور رئيسي في فشل الاقتصاد وزيادة الضغوط التي يعاني منها حالياً، كما بدد حزم المساعدات الخليجية الضخمة التي تزيد عن 60 مليار دولار.
وكان أقوى تحذير من نصيب مجلة إيكونوميست الاقتصادية البريطانية، حينما قالت إن السيسي يدمر مصر، وإن هناك عقبات للوصول إلى خزائن صندوق النقد الدولي.
ما ذكرته الصحف العالمية قبل أيام عن الأحوال المتردية للاقتصاد المصري قاله كل المحبين لهذا الوطن والغيورين عليه، وقلته أنا شخصيا في هذا المكان عشرات المرات طوال الأعوام الثلاثة الماضية، فهل يتحرك العقلاء قبل أن تغرق السفينة بمن عليها؟
ساعتها سيندم الجميع لأن الغرق لن يستثني أحداً.