استمع إلى الملخص
- "قمة النقب" و"صفقة القرن" عززتا العلاقات الأمنية والاقتصادية بين إسرائيل ودول عربية كمصر والمغرب، مما يعكس استراتيجية إقليمية لتعزيز الاستقرار والنمو الاقتصادي.
- الصادرات من دول عربية إلى إسرائيل تضاعفت في عام 2024، مما يسلط الضوء على تعقيدات السياسة الإقليمية والاقتصادية ويثير تساؤلات حول التوازن بين المصالح الاقتصادية والقيم الإنسانية.
بالفعل، لم تتأثر العلاقات العربية الإسرائيلية، وصدقت نبوءة وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات، رغم الحرب على غزة وقتل 37551 فلسطينياً، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، وتهديم البنى والمنازل والمرافق، منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي. إذ يبدو أن ثقة الوزير الإسرائيلي التي عبّر عنها، في فبراير/شباط العام الجاري، من دولة الإمارات، خلال المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية، مستمدة من أشياء نصت عليها "اتفاقات أبراهام" ولم تعلن أو يصرّح عنها، منحت الوزير الثقة ليقول: "يدرك الزعماء أن لدينا الهدف ذاته.. والأمور مستقرة".
ليبدو الأمر، بعد شلال الدماء المستمر بالأراضي المحتلة منذ 260 يوماً، أبعد من إقامة علاقات طبيعية، أو المشاركة في الأنشطة والمبادرات والمشاريع، كما نفهم من التطبيع، بل ثمة اتفاق وتوافق على قتل فكرة الصمود، أو التطلع لتحرير المغتصبات وحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره، وصولاً لحالة خنوع وتسليم دفة قيادة المنطقة بأسرها، لنتوء مصطنع رغم العريّة التي تكسوه منذ "طوفان الأقصى"، ولم تبق على مزاعم تفوقه، أي ورقة توت.
ولعلّ من أسرار ومماسك، باتفاقات نهاية 2020، وما سميّ مسار "صفقة القرن"، ثبتتها "قمة النقب" بعد عامين، في مارس/ آذار 2022، مكّنت الكيان الإسرائيلي من "مصر والمغرب والبحرين والإمارات" أمنياً واقتصادياً، بحيث لا تفككه الدماء العربية أو حتى توسّع الحرب على جنوبي لبنان أو أكثر. ولعل باستمرار خنق الفلسطينيين وإغلاق المعابر ووقف حتى إكسير البقاء مؤشر، وبزيادة التبادل التجاري مع دول "اتفاقات أبراهام" دليل... والقادم من تعريّة، إن توسعت جغرافياً الحرب، ربما أعظم.
قصارى القول: بالوقت الذي صعّدت دول بالقارات الخمس علاقاتها مع إسرائيل، سواء بقطع العلاقات الدبلوماسية أو بوقف التبادل التجاري، من أميركا اللاتينية "كوبا وفنزويلا وبوليفيا"، مروراً ببعض الجامعات والشركات الأوروبية بعد الحركة الطلابية، وصولاً لأفريقيا "تشاد، ومالي، والنيجر، وجنوب أفريقيا" وما بينهما كتركيا التي أوقفت التبادل التجاري، رأينا دولاً عربية تزيد من تجارتها مع "الكيان المحتل"، وإلى أكثر مما كانت عليه قبل الحرب والإبادة المستمرة منذ ثمانية أشهر على قطاع غزة.
إذ تكشف مصادر إحصائية، منها موقع "Middle East Eye" البريطاني، أن الصادرات من عدة دول عربية "مصر والأردن والإمارات" للاحتلال الإسرائيلي قد تضاعفت خلال عام 2024، وهو ما أكده مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، بكشفه تضاعف الصادرات المصرية إلى إسرائيل مقارنة بالعام السابق، بعد أن تعدت 25 مليون دولار في مايو/ أيار الفائت. والحال عينه بالنسبة لصادرات الإمارات إلى إسرائيل، والتي ارتفعت أيضاً إلى 242 مليون دولار في مايو/أيار 2024، مقارنة بـ238.5 مليون دولار في مايو/أيار 2023.
ولم تشذ الأردن عن القاعدة، بل واصلت الصادرات الأردنية إلى إسرائيل ارتفاعها في عام 2024، لتصل إلى 35.7 مليون دولار في مايو/أيار 2024 مقارنة بـ32.3 مليون دولار في الفترة نفسها من العام الماضي. ولو أن لدى السودان ما تصدره، لربما تفوقت على شقيقاتها بالعروبة، وأمدت تل أبيب بما تحتاج، بعد الذي رأيناه من هروب شركات عالمية، وتراجع الإنتاج وزيادة الخسائر بشتى القطاعات الاقتصادية لدى إسرائيل.
نهاية القول: لم يمر الاقتصاد الإسرائيلي بهذه الخسائر المستمرة جراء الحرب على غزة، منذ تأسيس الكيان ربما، فأن تتعاظم الديون الخارجية إلى 67% إلى الناتج الإجمالي، ويبدأ تراجع الاحتياطي الأجنبي إلى أكثر من 42% إلى الناتج، وتحاصر من الدول البعيدة الحريصة على العدالة وإنصاف الفلسطينيين، بل وتقطع دول علاقاتها، الدبلوماسية والاقتصادية، فترتفع الأسعار وتختل الأسواق. لنرى بالآن نفسه "بني يعرب" يزيدون التبادل التجاري وطرق مد الكيان بما يحتاج ليوغل بالقتل والتجويع والإبادة، بالوقت الذي تتعاظم خلاله المجاعة بغزة بمساعدة الجوار وأرباب المعابر... فلذلك تفسير لا ثاني له "نعم عرب ولا نخجل".