نظام شرائح جديد في مصر قد يقفز بأسعار الكهرباء بين 30 و50%

03 يونيو 2024
غلاء الكهرباء يفاقم معاناة المواطنين (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- وزارة الكهرباء المصرية تعلن زيادة أسعار الكهرباء للمستهلكين بدءًا من يوليو 2023، مع تعديل نظام شرائح البيع وتحديد سعر الكيلوواط لنوعين من المستهلكين.
- الزيادة تبرر بارتفاع تكاليف الوقود والغاز وتشغيل المحطات، والتراجع في قيمة الجنيه، بهدف تقليص الفجوة بين أسعار الكهرباء المحلية والعالمية وتخفيف الأعباء عن الموازنة العامة.
- الحكومة المصرية تخطط لفتح حوار مجتمعي حول تحويل الدعم من نقدي إلى عيني بدءًا من يوليو 2025، في إطار التزامها مع صندوق النقد الدولي لتقليل دعم الخبز والطاقة.

من المقرر أن تعلن وزارة الكهرباء المصرية عن زيادة أسعار البيع للمستهلكين في المنازل والمحلات التجارية والشركات، منتصف يونيو/ حزيران الجاري، على أن تعمم الأسعار الجديدة اعتباراً من أول يوليو/ تموز المقبل. وعقدت لجنة التسعير والتعرفة في الشركة القابضة لكهرباء مصر، اجتماعات مكثفة خلال الأيام الماضية، لوضع القائمة الجديدة لأسعار الكهرباء، التي تفرضها الحكومة خلال يوليو/ تموز المقبل.

أكدت مصادر مطلعة في اللجنة، رفضت ذكر اسمها، وجود مقترحات تتضمن تعديل نظام شرائح بيع الكهرباء، لقصرها على نوعين من المستهلكين في المنازل، أحدهما يحصل على الدعم، والآخر يحاسب وفقاً للسعر الاقتصادي. تحسب الشريحة الأولى للمستهلكين لأقل من 650 كيلوواط/ ساعة، بما يلغى وجود 4 شرائح استهلاك دون مستوى الشريحة الجديدة، ويوحد سعر بيع الكيلوواط عند 145 قرشاً للكيلو الواحد.

تحاسب الشريحة الثانية على أساس السعر المقترح من اللجنة عند جنيهين للكيلو. تطبق الزيادة الجديدة، لمدة 6 أشهر، على أن يعاد تقييمها في نهاية العام، لوضع قائمة بالأسعار تبدأ من يناير/ كانون الثاني 2025.

أسعار الكهرباء

فسر أعضاء في اللجنة الزيادة في سعر أسعار الكهرباء، بارتفاع أسعار الوقود والغاز وتكلفة تشغيل المحطات والصيانة والأجور، مع التراجع الكبير في سعر الجنيه أمام الدولار، بما يدفع بزيادة خسائر شركات الإنتاج والتوزيع، وعدم قدرتها على الوفاء بسداد مستحقات قيمة شراء الوقود من وزارة البترول والوفاء بالتزاماتها لمصلحة البنوك وجهات التمويل الدولية والمحلية.

بررت اللجنة الزيادة الكبيرة في أسعار الكهرباء، إلى تدني مستويات الأسعار المحلية للكهرباء في ما يخص متوسطات السعر العالمية، وتحميل الموازنة العامة أعباء هائلة لدعم مشروعات الكهرباء وشراء الوقود اللازم لمحطات التوليد. وتأتي الزيادة الجديدة في أسعار الكهرباء، بعد 6 أشهر من رفع الأسعار بنسب تتراوح ما بين 16%- 26%، لكل الشرائح.

تبلغ سعر الشريحة الأولى بمعدل 50 كيلو ساعة 58 قرشاً، والثانية حتى 100 كيلو بسعر 68 قرشاً، والثالثة حتى 200 كيلو بسعر 83 قرشاً، والرابعة حتى 350 كيلو 125 قرشاً والخامسة حتى 650 كيلو بسعر 140 قرشاً، والسادسة من 1000 كيلو فأكثر 165 قرشاً (الجنيه = 100 قرشا).

اعتبر خبراء توجهات وزارة الكهرباء لرفع الأسعار، خطوة استباقية إلى الأمام للقفز على الحلول المطروحة لإعادة توزيع الدعم على المواطنين، خاصة المستهلكين للكهرباء، باعتبارها سلعة حيوية تحقق الأمان الاجتماعي في المنازل، وأهم مصدر لتشغيل المشروعات الإنتاجية والخدمة.

يدعم رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، خطة حكومية لرفع أسعار الكهرباء والمحروقات، في تصريحات رسمية، أطلقها الأسبوع الماضي، من دون أن يحدد موعداً لتنفيذها، في إطار خطة نفذها منذ يومين لخفض الدعم عن الخبز بمعدل 13.5 مليار جنيه، من ميزانية دعم تقدرها وزارة التخطيط بنحو 125 مليار جنيه (الدولار = نحو 47 جنيهاً) خلال العام المالي 2024-2025. يتعجل مجلس الوزراء جداول التعرفة الجديدة للكهرباء، لتعميمها قبل انتهاء لجنة صندوق النقد الدولي، 15 يونيو الجاري، من المراجعة الثالثة، لبرنامج الإصلاح الاقتصادي.

سبّبت تصريحات رئيس الحكومة ومستشاريه صدمة بين رجال الأعمال وجمهور المستهلكين، خشية أن تدفع زيادة الكهرباء أسعار السلع والخدمات إلى موجة تضخمية جديدة، تزيد من معدلات الفقر والبطالة، وعدم قدرة الشركات على الخروج من مرحلة الركود التي دخلت نفقها للعام الرابع على التوالي.
قال عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات محمد البهي لـ"العربي الجديد": على الحكومة قبل أن ترفع سعر الكهرباء أن تحدد تعريفها للسعر الاقتصادي الذي تضع على أساسه، سعر بيع الكيلو للشركات أو الجمهور، مؤكداً أن الأعباء الهائلة التي يفرضها تغيير نظام الأسعار والبيع تتطلب المزيد من الشفافية مع المواطنين، ولا سيما أن سعر الكهرباء عنصر جاذب للاستثمار، ورغم انخفاضه ما زالت هناك دول في المنطقة تبيع بسعر أقل من المعدلات المصرية.

يبلغ متوسط سعر الكهرباء عالمياً 0.156 دولار لكل كيلو ساعة، وتأتي إيران وسورية في مقدمة الدول الأرخص. وكشف موقع "غلوبال برترول برايسيس" الأميركي، المتخصص في رصد أسعار الكهرباء والطاقة في أنحاء العالم، عن وجود مصر في المركز 12 بين الدول الأقل سعراً، في بيع الكهرباء، لشهر إبريل/ نيسان الماضي، بمتوسط 0.017 دولار للكيلو، بعد إيران التي تبيع بسعر 0.002 دولار، وسورية 0.003 دولار.

الكهرباء والحوار المجتمعي

في سياق متصل عقدت هيئة مكتب الحوار الوطني اجتماعاً لاستعراض طلب الحكومة فتح حوار مجتمعي حول تحويل الدعم النقدي للخبز والكهرباء والمحروقات إلى دعم عيني، اعتباراً من يوليو 2025.

جاء تكليف الحكومة للجنة الحوار الوطني بإشراف المنسق العام ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، بعد انتهاء المناقشات العامة داخل اللجان المتخصصة بالحوار الوطني التي استمرت أعمالها نحو العامين، وتعمل حالياً على وضع التوصيات النهائية لأعمال الحوار، لتقديمها لرئاسة الجمهورية.

أشارت عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي مها عبد الناصر، إلى أن دعوة الحكومة بتحويل الدعم العيني إلى نقدي يتطلب منها أن تحدد المعايير التي ستضع على أساسها قيمة الدعم والشرائح المستفيدة على وجه الدقة. قالت عبد الناصر في تصريحات لـ"العربي الجديد" إن فكرة الدعم العيني طبقت في العديد من الدول، وسبق أن نجحت في تجارب على أرض الواقع، بعد مشاركة مجتمعية واسعة في وضع المعايير التي تحكم توزيع الدعم.

يشير خبراء إلى أن سير الحكومة في اتجاه إلغاء الدعم العيني، يأتي ضمن التزام الحكومة، مع صندوق النقد الدولي، لمواصلة خفض دعم الخبز والطاقة والمحروقات، مع توسيع قاعدة المستفيدين من الدعم النقدي المتبع حالياً ضمن برنامج "تكافل وكرامة" والذي يعد أحد الشروط الأساسية لحصول الدولة على القرض الجديد من الصندوق والذي يقدر بنحو 8 مليارات دولار.
يحمل برلمانيون الحكومة مسؤولية تردي أحوال المعيشة للمواطنين في ظل ارتفاع الغلاء المدفوع بزيادة أسعار السلع الأساسية والوقود والكهرباء والخدمات العامة، بينما يراهن النظام على قدرة المصريين على تحمل أعباء الأزمة المالية التي تواجهها البلاد، ملقياً باللائمة على حالة الاضطراب الجيوسياسي بالمنطقة، من دون أن يحدد أجلاً لعبور النفق المظلم للأزمة الطاحنة.

المساهمون