نظام الأسد يروج لاستفتاء استثماري.. ورجال الأعمال يسألون عن المقومات

28 اغسطس 2022
انقطاع الكهرباء ازمة يومية في سورية (Getty)
+ الخط -

يقول المستثمر والصناعي السوري محمد طيب العلو إن أول شروط تحسين الاستثمار بسورية توفير موارد الطاقة بالأسواق، "فمن غير المعقول أن يأتي مستثمر خارجي أو يجازف مستثمر داخلي بأمواله بواقع انقطاع التيار الكهربائي لعشرين ساعة يومياً ووصول سعر ليتر المازوت لنحو 7 آلاف ليرة، الأمر الذي سيزيد من تكاليف الإنتاج وضعف قدرة المنتج على المنافسة" وفق تعبيره.

وكانت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بحكومة بشار الأسد قد أعلنت اليوم الأحد عن استبيان خاص بالمستثمرين لتقييم بيئة الاستثمار وممارسة الأعمال في سورية لعام 2022.

ويضيف العلو لـ"العربي الجديد" أنه بعد تأمين مستلزمات الإنتاج، من طاقة ومواد أولية وبنى تحتية، يمكن الانطلاق نحو تعزيز الاستثمار الذي تتحدث عنه وزارة الاقتصاد، ليأتي بعد ذلك دعم التصدير وتسهيل الاستيراد بعد إزالة القيود المفروضة، ومن ثم تعزيز القوة الشرائية لدى المستهلكين، لأن الإنتاج و التكديس من أكثر عوامل فشل الاستثمار وتجميد رأس المال.

وحول استمارة وزارة الاقتصاد التي أعلنت عنها اليوم، لمعرفة رأيهم بتحسين بيئة الأعمال، يشير المستثمر السوري إلى أن الغرف ورجال الأعمال رفعوا عشرات الكتب والتوصيات حول معيقات العمل الإنتاجي والاستثماري والتصديري. ويعتبر أن توزيع الاستبيان اليوم "قفزة إلى الأمام" لأن الوزارة تعرف جيداً ما هي معيقات العمل الاقتصادي بسورية.

الاستثمار والإتاوات

وطلبت وزارة الاقتصاد من الفاعليات الاقتصادية المشاركة بتعبئة استمارة الاستبيان الإلكتروني الموجود على الصفحة الرسمية للوزارة على الفيسبوك اعتباراً من اليوم وحتى العاشر من الشهر القادم، مشيرة إلى أن الاستبيان يأتي تنفيذاً لمشروع تعمل عليه تحت عنوان "تعزيز الاستثمار وتحسين بيئة الأعمال" الذي يستهدف المشروعات أياً كان حجمها وطبيعتها وأينما كان موقعها في سورية.

وأكدت الوزارة أهمية الاستبيان لجهة تحديد المعوقات والمشاكل التي تعاني منها بيئة الأعمال، سواء التشريعية أو التنظيمية أو الإجرائية ومعرفة مكامن القوة والضعف فيها ثم تحليل المعلومات والبيانات والآراء التي سيتم الحصول عليها.

ويعقب الاقتصادي السوري، محمود حسين، "أوصي الوزارة بالمحافظة على ما تبقى من استثمارات لأن رجال الأعمال والصناعيين الذين بقوا على قيد العمل بسورية، هم ممسوكون من أمنهم وأمن أسرهم أو مهددون بالحجز على أموالهم ومنشآتهم، ولو أتيحت لهم الظروف، لما بقي مستثمر واحد بسورية".

ويضيف المتحدث لـ"العربي الجديد" أنه ورغم كل معيقات الاستثمار وغياب مستلزمات الإنتاج، تأتي "الإتاوات" المستمرة على أصحاب المنشآت بالداخل السوري. ويتابع: "لدينا معلومات حول اعتقال صناعيين بحلب الأسبوع الماضي وطلب إتاوات كي يخرجوا من فرع الأمن"، مشيراً إلى أن سورية فقدت جميع عوامل الجذب ولا يمكن لعاقل، حسب قوله، المجازفة بماله وحياته ويستثمر بسورية.

وحول ما تروجه وزارة التجارة الداخلية حول استمرار منح التراخيص، لمستثمرين سوريين وعرب، يضيف حسين أن ثمة اسرار وراء كل تلك الاستثمارات، فمنها من يخطط لما بعد الحرب ليشارك بإعادة الإعمار، بدليل الترخيص مع وقف التنفيذ وعدم القيام بتوطين المنشأة، أو هناك من يستثمر بناء على طلب من النظام السوري إلى جانب شركاء محليين، بالتسويق أن المناخ السوري بخير ويجذب مستثمرين عرب.

ويختم الاقتصادي السوري بأن "رأس المال ليس جباناً، بل وإن كان جباناً فهذا من حقه، ومن هذا الاعتبار، من يمكن أن يجازف بماله ليستثمر ببلد قدرة مواطنيها الشرائية "صفر" فالإنفاق على الطعام يفوق الدخل عشرين ضعفاً، وأما إن فكرنا بالاستثمار بغرض التصدير للخارج، فهذا أيضاً مقامرة، لأن المواد الأولية بسورية باتت نادرة كما لا تتيح الظروف باستمرار أي إنتاج، والدليل هجرة المنشآت والصناعيين السوريين".

استثمارات خليجية

وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحكومة الأسد قد أصدرت اليوم قراراً يقضي بالمصادقة رسمياً على تأسيس شركتي "باور بيتومين" و"ملكة نجد" اللتين يشارك في تأسيسهما مستثمرون من جنسيتين خليجيتين.

وبحسب القرار الذي تداولت تفاصيله وسائل اعلامية سورية، فإن شركة “باور بيتومين” ستعمل في مجال تشييد وتعهدات الطرق والجسور وأرضيات المطارات وجميع الأعمال الخاصة بأشغال الطرق والجسور، بالإضافة إلى استيراد جميع المستلزمات اللازمة للإنتاج من مجبل أسفلتي والآلات والآليات اللازمة لعمل الشركة ووسائط النقل وقطع التبديل اللازمة، وصيانة وتعبيد الطرق والجسور وتقديم كافة الخدمات المرافقة والخدمات المتعلقة بها وتكرير الأسفلت بأنواعه.
 وتشير المصادر الإعلامية إلى أن مقر هذه الشركة في ريف دمشق، وتعود ملكيتها لثلاثة مستثمرين أحدهم من الجنسية الكويتية، ويمتلك حصصاً بنسبة 50% من رأسمال الشركة الأساسي.

أما بالنسبة للشركة الثانية وهي "ملكة نجد"، فسوف يكون مقرها الرئيسي في العاصمة السورية دمشق، وتعود ملكيتها لمستثمرين اثنين أحدهما أميرة سعودية وتمتلك 99.9% من حصص الشركة، وستعمل في مجال تجارة الموالح وتوزيعها ودخول المناقصات والمزايدات.

وتعد "شركة ملكة نجد" الشركة الثالثة التي ساهم في تأسيسها مستثمرين سعوديين منذ 11 عاماً في سورية، حيث أنهت شركة "نهلة الرياض" أواخر العام الماضي مرحلة التأسيس، وأما الثانية فهي "شركة نقليات روابط النورس" التي صادقت الوزارة مؤخراً على تأسيسها.

وكان رئيس النظام السوري، بشار الأسد قد أصدر في 19 من أيار العام الماضي، قانون الاستثمار الجديد رقم "18" لعام 2021، بهدف إيجاد بيئة استثمارية تنافسية لجذب رؤوس الأموال، والاستفادة من الخبرات والتخصصات المختلفة، وتوسيع قاعدة الإنتاج وزيادة فرص العمل ورفع معدلات النمو الاقتصادي، بما ينعكس إيجابًا على زيادة الدخل القومي وصولًا إلى تنمية شاملة ومستدامة.

المساهمون