حذر البنك المركزي الأوروبي من أن الميزانيات العمومية لبنوك منطقة اليورو تظهر "علامات مبكرة على التوتر"، بعد ارتفاع حالات التخلف والتأخر عن سداد القروض.
وحث المسؤولون في "المركزي" المقرضين على زيادة المخصصات لتغطية خسائر القروض المتزايدة، وتوقعوا أن تتضرر أرباحهم بسبب انخفاض حجم الإقراض وزيادة تكاليف التمويل.
وكان البنك المركزي الأوروبي قد رفع أسعار الفائدة عشر مرات على التوالي منذ منتصف العام الماضي لتصل إلى مستويات غير مسبوقة عند 4.5%.
وقال البنك المركزي في مراجعته للاستقرار المالي التي يجريها مرتين سنوياً، وفق تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أمس الثلاثاء: "من المرجح أن تؤدي فترة أطول من ارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة المخصصات، وهو ما سيشكل بدوره عبئاً على ربحية البنوك في المستقبل".
ورغم التحذير من تداعيات تخلف مقترضين عن سداد الديون، أشار البنك إلى أن النظام المصرفي "في وضع جيد" للتعامل مع تدهور جودة الأصول بسبب مستويات "رأس المال والسيولة القوية" وارتفاع الربحية، والتي وصلت أخيراً إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقد من الزمن.
وظل النظام صامداً خلال الاضطرابات التي شهدها القطاع في وقت سابق من هذا العام، عندما انهار العديد من البنوك الأميركية والسويسرية، بما في ذلك بنك سيليكون فالي الأميركي وكريدي سويس السويسري، أو كان لا بد من إنقاذها.
وقال نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي، لويس دي جيندوس، إنه على الرغم من أن "المخاطر التي تهدد الاستقرار المالي قد تبدو أقل حدة، إلا أنها تظل مرتفعة"، مشيراً إلى تأثير ضعف النمو الاقتصادي، وتشديد شروط التمويل، وارتفاع حالات التخلف عن سداد القروض، وتراجع أسواق العقارات.
وأضاف دي جيندوس أن "تصاعد الصراع في الشرق الأوسط يمكن أن يؤدي إلى زيادة حادة في العزوف عن المخاطرة في الأسواق المالية، مما يكشف نقاط الضعف السائدة"، من خلال تعطيل أسواق الطاقة، وتقويض الثقة، وتباطؤ النمو، ودفع التضخم إلى الارتفاع.
وقد حدد البنك المركزي الأوروبي ثلاث "رياح معاكسة" رئيسية لربحية البنوك: زيادة تكاليف التمويل مع تمرير أسعار الفائدة الأعلى إلى المودعين، وزيادة حالات التخلف عن سداد القروض مع ضعف الاقتصاد وارتفاع تكاليف خدمة الدين، و"انخفاض كبير في أحجام الإقراض".
وقال: "بدأت معدلات التخلف عن السداد في الزيادة، كما ارتفعت حصة القروض التي تجاوز تاريخ استحقاقها أقل من 90 يوماً". وحذر من أن هذا الاتجاه من المرجح أن "يترجم" إلى زيادة في القروض المتعثرة.
وانخفض مستوى القروض المتعثرة في القطاع المصرفي في منطقة اليورو بشكل مطرد إلى ما يقرب من 2% من إجمالي القروض، بعدما بلغ ذروته عند 7.5% في ذروة أزمة الديون في المنطقة قبل عقد من الزمن. لكن البنك المركزي قال إن التراجع الأخير في أسواق العقارات الأوروبية أدى إلى زيادة القروض المتعثرة، في كل من القروض المقدمة لشركات العقارات التجارية والرهون العقارية السكنية.
وأشار إلى أن "الدول ذات أسعار الفائدة المتغيرة في الغالب من المرجح أن تشهد تدهوراً أكثر وضوحًا في جودة الأصول في المستقبل إذا ضعفت سوق العمل بشكل ملحوظ، مما يزيد من الضغط على الأسر بسبب ارتفاع تكاليف خدمة ديون الرهن العقاري وارتفاع تكلفة المعيشة".