استمع إلى الملخص
- وعود نتنياهو بالنصر على المقاومة الفلسطينية ودحر حماس، وكبح جماح التضخم لم تتحقق، حيث واجهت القوات الإسرائيلية صعوبات في غزة، وارتفعت معدلات التضخم والفقر.
- السياسات الاقتصادية تحت قيادة نتنياهو أدت إلى زيادة الضرائب والعجز في الموازنة، مع تزايد المخاطر الائتمانية للقطاع المصرفي، مما يهدد المستقبل الاقتصادي والسياسي لإسرائيل.
يجيد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو فن الكذب على كل المستويات، ويدعي دوما تحقيق إنجازات وهمية، ومن وقت إلى آخر، يطلق الوعود التي يعرف أكثر من غيره أنها لن تتحقق على أرض الواقع، خاصة أن الزمن قد تغير، وأن غزة فرضت كلمتها على الجميع، وأن دولة الرفاه والعدالة الاجتماعية التي وعد بها مواطنيه باتت سراباً، وأن مليارات ومشروعات واستثمارات التطبيع التي وعد بجلبها من بعض دول الخليج ذهبت أدراج الرياح.
بل وتحولت إسرائيل على يديه إلى عبء على العالم كله بما فيها الحلفاء التقليديين مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، إلى دولة منبوذة من الجميع، ومأزومة اقتصاديا وماليا، يفر منها المستثمرون الأجانب والمحليين فرادى وجماعات، ويلاحقها عار ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.
كما خسرت إسرائيل موقعها في مجال التقنية الفائقة والذكاء الاصطناعي، وهو قطاع يمثل نحو 40% من الصادرات، وأصبحت مهددة من قبل بعض الصناديق السيادية الدولية الكبرى التي قررت سحب استثماراتها من دولة الاحتلال. حتى خزائن التأمين والمعاشات الإسرائيلية باتت شبه خاوية في ظل موازنة توجه معظم مخصصاتها للدفاع والإنفاق العسكري.
وعد نتنياهو شعبه بكبح أي موجة تضخم في الأسعار خلال فترة الحرب، ومحاربة أي غلاء في كلفة المعيشة، خاصة في ملفات مثل الوقود والمياه والكهرباء والسلع الغذائية
في أكتوبر الماضي، وعد مجرم الحرب نتنياهو الإسرائيليين بالنصر على المقاومة الفلسطينية ودحر حماس للأبد وقتل كبار قادتها، فإذا بقواته تغرق في أوحال غزة وانفقاها، وتمسح المقاومة بجيشه الأرض، وتتركه ما بين قتيل وجريح وأسير، ووعد بإعادة الأسرى أحياء، فإذا بالمقاومة تأسر المزيد من جنود الاحتلال.
وأخيرا، وعد نتنياهو شعبه بكبح أي موجة تضخم في الأسعار تنتج عن الحرب الدائرة منذ نحو 8 أشهر، ومحاربة أي غلاء في كلفة المعيشة، خاصة في ملفات جماهيرية مثل الوقود والمياه والكهرباء والسلع الغذائية، فإذا بالأسواق تشهد ارتفاعا متواصلا في أسعار السلع والخدمات وايجارات السكن وكلفة التداوي، مع تآكل القدرة الشرائية، وبات التضخم والفقر يلاحقان الإسرائيليين رغم خفض الإنفاق العام لصالح الإنفاق الدفاعي الذي شهد قفزة، وإغلاق مؤسسات عامة.
وبات بنك إسرائيل المركزي في حيرة من أمره، يخفض سعر الفائدة لإعطاء دفعة للاستثمار المتهاوي ويعمل على خفض تكلفة الأموال، أم يحارب التضخم الذي بات يمثل عبئا شديدا للأسر داخل دولة الاحتلال.
ووعد مجرم الحرب أيضا بخفض الضرائب وعدم تحمل المواطن كلفة الحرب الباهظة، أو أي زيادات في عجز الموازنة العامة القياسي البالغة قيمته 117.3 مليار شيكل على مدار الأشهر الـ12 الماضية حتى مارس/آذار الماضي، وهو الأعلى في تاريخ البلاد، فإذا بالمواطن يجد نفسه أمام عشرات الضرائب الجديدة المطالب بسدادها من دخله المتراجع رغم وضعه المعيشي المتدهور، مع زيادة معدل الضرائب الحالية، مثل الضريبة العقارية وضريبة الأملاك والقيمة المضافة وغيرها.
حتى القطاع المصرفي الإسرائيلي، الذي بات يعاني من موجة تعثر جماعية ومخاطر ائتمان متزايدة، لم يسلم من ضرائب حكومة نتنياهو، إذ سيتعين عليه دفع ضرائب إضافية تصل إلى 2.5 مليار شيكل (700 مليون دولار) على مدى العامين المقبلين لسد فجوة الخزانة العامة المستنزفة بفعل نفقات الحرب.
نتنياهو بات محشورا في زاوية ضيقة، والمواطن بات محاصرا بين مستقبل غامض ودولة مهددة وتضخم جامح ومخاطر أمنية وجيوسياسية هي الأعلى في تاريخ دولة الاحتلال، وربما خسارة استثمارات وأموال الغرب كلياً في ظل ضغط طلاب الجامعات الأميركية والأوروبية، وموجات الغضب الشعبية حول العالم ضد الاحتلال، وإعلان مؤسسات عالمية كبرى سحب استثماراتها من دولة الاحتلال.
نتنياهو بات محشورا في زاوية ضيقة، والمواطن بات محاصرا بين مستقبل غامض ودولة مهددة وتضخم جامح ومخاطر أمنية وجيوسياسية هي الأعلى في تاريخ دولة الاحتلال
حكومة الاحتلال باتت في ورطة كبيرة بسبب كلفة الحرب الباهظة التي تجاوزت 60 مليار دولار، والانهيار الذي تشهده الأنشطة الاقتصادية المختلفة، وصدمات سوق العمل مع غياب العمالة الفلسطينية، والضربات المتلاحقة التي تتعرض لها التجارة الخارجية بسبب المقاطعة وهجمات الحوثي واضطرابات البحر الأحمر والمقاطعة التركية الواسعة، وأصبحت الحكومة في مواجهة مباشرة مع المواطن في ظل قفزات أسعار السلع الأساسية والتوسع في فرض الضرائب لتعويض العجز الحاد في الموازنة.
وكما أن أهالي الأسرى يضغطون بشدة على حكومة نتنياهو المتطرفة ويؤلبون الرأي العام عليها، فإن الضغط القادم سيكون من المواطن الذي كان مدللا ومرفها وينعم بدخل مرتفع وخدمات صحية وتعليمية متميزة، ثم تحول إلى شخص لا يقل تعاسة عن مواطني الدول المحيطة بدولة الاحتلال والذين يعانون من تضخم جامح وفقر مدقع وفساد وجبال من الضرائب والرسوم الحكومية.