قال رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي إن نواب حاكم المصرف المركزي قدّموا مشروع خطة متكاملة جاءت متوافقة لا بل مطابقة لخطة الحكومة ولكن المشكلة في استحالة تطبيقها قبل 1/ 8/ 2023، ما يستدعي وضع خطة طوارئ للحفاظ على الاستقرار النقدي وتأمين صرف الرواتب وفقاً لسعر منصة صيرفة.
جاء حديث ميقاتي في مستهل جلسة مجلس الوزراء التي عقدت، بعد ظهر اليوم الاثنين، وتطرق فيها إلى أجواء اجتماعه مع نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة، الذين من المرتقب أن يحسموا قرارهم في الأيام القليلة المقبلة، بعدما طلبوا ضمانات من الحكومة بتوفير الغطاء القانوني لهم، مع الإشارة إلى أن اللقاء حضره وزير المال يوسف الخليل، ونائب رئيس الحكومة سعادة الشامي.
وطلب نواب الحاكم، بحسب ميقاتي، من الحكومة توفير الغطاء القانوني الذي يسمح لهم بإقراض الحكومة من مصرف لبنان في سبيل التمكّن من الإنفاق الحكومي الضروري والملّح (رواتب، أدوية..) كما والتدخل في سوق القطع لاستقرار سعر الصرف، ولذا قرر مجلس الوزراء، استطلاع رأي الجهات القضائية المختصة ليصار في ضوئه الاجتماع مجدداً مع نواب الحاكم لتقييم الوضع.
واعتبر ميقاتي أنّ "الخيار الأمثل هو تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان متى نضجت الظروف التي تسمح بذلك، وهو أمرٌ نسعى إلى تحقيقه من خلال مشاورات مكثفة بما يسمح بتمرير المرحلة بأقلّ الأضرار ولا سيما أنّه من حق الحكومة لا بل من واجبها تأمين استمرار سير المرفق العام".
وقال وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري، لدى تلاوته مقررات الجلسة، إنه ممكن أن يكون هناك جلسة وزارية في هذا الأسبوع، وستكون مخصصة لحاكمية مصرف لبنان، فهناك حوالي 48 ساعة، سنرى ماذا سيحصل في موضوع حاكم مصرف لبنان وكيف ستسير الأمور.
وقال مكاري إنّ هناك جدلاً حول من يقبل استقالة نواب حاكم مصرف لبنان في حال تقدموا بها، ولهذا طلبنا استطلاع رأي الجهات القضائية بهذا الشأن، مشيراً إلى أن نواب الحاكم يقولون إنهم يريدون غطاءً قانونياً ليتحمّلوا المسؤولية وأرى أن هذا أمرٌ طبيعيٌّ، لافتاً كذلك، إلى أنّ الحديث موجود دائماً عن تعيين حاكم جديد لكن تلزمه أجواء ملائمة، ومناخ سياسي مؤاتٍ، وأنا شخصياً أرى أن عملية التعيين ليست سهلة.
وأكد مكاري ألا تمديد لحاكم البنك المركزي رياض سلامة الذي تنتهي ولايته في 31 يوليو/ تموز الجاري، مكرراً في معرض رده على أسئلة الصحافيين، أنّ هناك 48 إلى 72 ساعة، سيصار فيها إلى اجتماعات بين الرئيس ميقاتي ونواب الحاكم ولم يطرح موضوع التمديد أبداً.
وقال مكاري إنّ السيناريو المنطقي في خصوص حاكمية مصرف لبنان، الذي مفترض أن يحصل هو أن يتحمّل نواب الحاكم مسؤوليتهم، وأن يكملوا عملهم وأن يستلموا بعد مغادرة سلامة.
من جهته، قال وزير المال يوسف الخليل، قبيل الجلسة، إنّ قرار استقالة نواب الحاكم "شخصي، لكن لا مجال أمامهم للذهاب إلى المنزل، وإذا كانت هناك حاجة لتكليفهم تصريف الأعمال، فإن هذا الأمر سيتمّ، وعليهم تحمّل المسؤولية إما بقرار شخصي أو بتكليفهم تصريف الأعمال".
وقبل أيام على انتهاء ولاية سلامة، من دون حسم مصير الحاكمية، ولا سيما في ظل الشغور الرئاسي، وعلى وقع التلويح بالاستقالة إن لم يعين حاكم جديد لمصرف لبنان، اقترح نواب سلامة، الخميس الماضي، تحويل العملة المحلية من نظام الربط إلى التعويم بحلول نهاية شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، وذلك ضمن خطة نقدية مالية بجداول زمنية محددة تنتهي في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وتقوم كذلك على إعادة النظر بمشروع الموازنة، إقرار قوانين الكابيتال كونترول، إعادة هيكلة المصارف، معالجة الفجوة المالية، وحماية الودائع.
كما تضمّنت الخطة التعاون بين مصرف لبنان ومجلس النواب والحكومة لضبط سوق الدولار، وتحديد سعر الصرف بطريقة "مدارة" على منصة تبادل معترف بها دولياً، بحيث تعكس القيمة الحقيقية لليرة اللبنانية، كما والتنسيق بين مصرف لبنان والبرلمان والحكومة لتحسين عمق سوق الصرف الأجنبي.
وتدعو الخطة إلى إصلاحات مالية كبرى، إصدار عدد من القوانين التشريعية المالية الإصلاحية التي تتطلبها هذه المرحلة التي تمرّ بها البلاد، واعتماد معايير محددة من شأنها أن تساعد في خلق طلب على الليرة اللبنانية، على أن تلتزم الحكومة والبرلمان إقرار هذه القوانين وتنفيذها لإعادة بناء الثقة وتأمين إيرادات إضافية من إطار ميزانيتها لسداد القرض المستحق حديثاً.
وأشار نواب الحاكم إلى أنّ سلامة كان يعمل خلافاً لرأي المجلس المركزي، مشددين على أنهم ضدّ منصة صيرفة، وسياسات الحاكم التي كانت معتمدة، ولا سيما لناحية الدعم الذي كان يذهب إلى التهريب والتزوير، كما عارضوا سياسة الصرف من الاحتياطي، وغيرها من القرارات التي اتخذها سلامة، وينوون تغييرها في حال إن استمرّوا في مهامهم.