موازنة لإرضاء الجزائريين: لا ضرائب جديدة على المواطنين... وارتفاع العجز

09 أكتوبر 2020
الحكومة تسعى إلى تخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين (رياض كرامدي/فرانس برس)
+ الخط -

لم تحمل المسودة الأولى من موازنة الجزائر لسنة 2021، ضرائب مباشرة جديدة قد تثقل كاهل جيوب الجزائريين المنهكة بغلاء المعيشة وتراجع القدرة الشرائية، باستثناء الضريبة على جمع النفايات المنزلية، وكان المواطنون قد تعودوا على الضغط الضريبي المفروض عليهم طيلة السنوات الخمس الماضية، أي منذ بداية أزمة تهاوي عائدات النفط.
وقررت الحكومة في الوثيقة التي تحوز "العربي الجديد" على نسخة منها، في المادة 12 "إعفاء المداخيل التي لا تتعدى 30 ألف دينار (238 دولارا) من الضريبة على الدخل الإجمالي"، وذلك ترجمة لوعد انتخابي كان في برنامج الرئيس عبد المجيد تبون.
وفي المقابل، أسست المادة 25 من مشروع الموازنة للسنة القادمة، "رسما سنويا على رفع القمامات المنزلية يحدده رئيس البلدية بناء على مداولة وبعد استطلاع رأي السلطة الوصية."

وقصد دعم الخزينة العمومية، قررت الحكومة رفع الرسوم المطبقة على استصدار التأشيرة الجزائرية واجتياز امتحان السياقة، وفق المادتين 34 و35.
وبهدف رفع الضغط على ميزانية الدعم، كشفت المادة 45 عن توجه الحكومة لرفع الدعم عن السكر الموجه المستعمل في إنتاج المشروبات الغازية والعصائر والمواد الموجهة للتصدير. فيما ألغت المادة 76 "الرسم السنوي المطبق على السيارات والآليات المتحركة المتعلق بحماية البيئة"، وذلك بعد تضرر شركات التأمين المكلفة بتحصيل هذه الضريبة في عقود التأمين، بعد أقل من سنة على إقرارها.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وفي قراءة للخطوط العريضة لموازنة 2021، يرى الخبير الاقتصادي، جمال نور الدين، أن "الرئيس الجزائري ومن ورائه الحكومة وضعا موازنة سياسية أكثر منها اقتصادية ومالية، بدليل إعطائه تعليمات بعدم وضع ضرائب جديدة، بعد سنوات من وضع المواطن تحت ضغط ضريبي كبير أنهك القدرة الشرائية للمواطن، كرفع رسوم الكهرباء والوقود لأربع مرات بالإضافة لرفع الرسم على القيمة المضافة من 17 إلى 19 في المائة سنة 2018، وفي الحقيقة تعد الموازنة ترجمة لوعوده الانتخابية التي تعهد فيها بتخفيف الثقل الضريبي على الجزائريين". 
وأضاف نور الدين لـ "العربي الجديد" أن "تسريب مشروع الموازنة العامة في هذا التوقيت الذي يسبق الاستفتاء الشعبي حول الدستور، يُراد منه إرسال ضمانات للشعب وشراء السلم الاجتماعي، تحت عنوان أن الجزائر الجديدة لا تضحي بالمواطن وليس هو من يدفع ثمن أخطاء الحكومات كما كان عليه الحال في السنوات الماضية".
وفي سعيها لدعم صادرات البلاد خارج النفط، ورفعها من ملياري دولار إلى 7 مليارات دولار السنة القادمة، أعفت المادة الرابعة من موازنة 2021، عمليات تصدير السلع وتلك التي تتضمن الخدمات المدرة للعملة الصعبة، من الرسوم الضريبية، ويُمنح هذا الإعفاء تناسبيا مع رقم الأعمال المحقق بالعملة الصعبة.
ويهدف هذا التدبير حسب الحكومة، إلى إعفاء عمليات التصدير من الضريبة على الدخل الإجمالي، إذ يتعلق الأمر بالعمليات المحققة من طرف أشخاص طبيعيين ومعنويين، لتشجيع عمليات التصدير مهما كان الشكل القانوني للمتعامل الاقتصادي، دون تمييز طالما أن الهدف هو الحد من اعتماد اقتصاد الجزائر على عائدات تصدير النفط.
وفي ما يتعلق بالتوازنات المالية للبلاد، توقعت الحكومة أن تستقر إيرادات البلاد عند 5328 مليار دينار (42 مليار دولار)، على أن يبلغ الإنفاق العام 8112 مليار دينار (64 مليار دولار)، ما يرفع العجز في الموازنة من 20 مليار دولار السنة الحالية إلى 22 مليار دولار السنة القادمة.

وفي السياق، يقول وزير المالية الأسبق والمبعوث الخاص للاتحاد الأفريقي، عبد الرحمان بن خالفة، إن "تراجع الإيرادات شيء متوقع في ظل تواصل تهاوي عائدات النفط وعجز الحكومة عن رفع التحصيل الضريبي الذي بلغ 45 في المائة، أما الملاحظ فهو ارتفاع الإنفاق وذلك رغم تقليص ميزانية التسيير بين 20 و30 في المائة، ما يعني وظائف حكومية أقل السنة القادمة، وتقليص عمال الشركات العمومية الكبرى كما سيحدث مع الجوية الجزائرية وسوناطراك المدعوتين لمراجعة سياسة التوظيف بهما".
وأضاف بن خالفة لـ "العربي الجديد" أن "الحكومة ستكون أمام حلول ضئيلة لمواجهة العجز في الموازنة، فاحتياطي الصرف به الآن 57 مليار دولار، ومن المرتقب أن ينخفض إلى 52 مليار دولار عند نهاية السنة، وتحتاجه الجزائر للاستيراد أكثر منه لتسيير الشأن الداخلي".
وتابع أن "امتحان شد حزام وإرشاد للإنفاق عجزت الحكومات السابقة عن تجاوزه، وكل هذا وسط إصرار الرئيس تبون على عدم التوجه نحو الاستدانة الخارجية". 
ومن المنتظر أن تصادق الحكومة على مشروع الموازنة العامة الأسبوع القادم، قبل عرضها على الرئيس الجزائري، ثم على البرلمان بغرفتيه، لمناقشتها والمصادقة عليها، شهر نوفمبر/ تشرين الثاني القادم.

المساهمون