أقرت حكومة بشار الأسد برئاسة حسين عرنوس مشروع الموازنة العامة السورية الجديدة لعام 2023، وسط تشكيك الأوساط الاقتصادية في الأرقام التي تم إعلانها في ما يخص الإنفاق والإيرادات.
وفي هذا السياق، يرجّح اقتصاديون سوريون أن إقرار الموازنة العامة للدولة هو "إجراء دوري تنجزه الجهات التشريعية والتنفيذية" لكنه بعيد عن الواقع والأداء الاقتصادي ولا يعكس "بأي شكل" الإيرادات أو يعطي ملامح عن الإنفاق والاستثمار.
ويتساءل الاقتصاديون كيف يتم إقرار الموازنة العامة للعام المقبل، قبل إصدار قانون القطع لموازنة عام 2022 أو حتى عام 2021، لتتم معرفة حجم الإنفاق الحقيقي من تلك الموازنات وما هو حجم العجز.
غموض الأرقام
تلك التساؤلات وغيرها لم تدرج على جدول أعمال حكومة الأسد التي أقرت، أول من أمس، مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2023 بمبلغ 16550 مليار ليرة، بزيادة قدرها 3225 ملياراً عن موازنة عام 2022 (الدولار = نحو 4900 ليرة).
وتوزعت موازنة العام المقبل، بحسب رئيس مجلس الوزراء السوري، على 13550 مليار ليرة للإنفاق الجاري و3000 مليار للإنفاق الاستثماري، وتم إقرار الدعم الاجتماعي بمبلغ 4927 ملياراً، كما تم اعتماد كتلة الرواتب والأجور والتعويضات بحوالي 2114 مليار ليرة، بزيادة 33 بالمئة عن موازنة العام 2022.
ويقول المحلل المالي السوري نوار طالب لـ"العربي الجديد"، إن الموازنة العامة للدولة "بتراجع مستمر" إذا ما قيست بأي عملة عدا الليرة السورية المتدهورة، فموازنة عام 2010 بلغت 16.4 مليار دولار وارتفعت عام 2011 إلى 18.3 مليار دولار، في حين نرى موازنة العام الجاري تعادل حين إقرارها نحو 5.3 مليارات دولار، ويضيف: في حين بلغت موازنة عام 2021 حين إقرارها نحو 6.8 مليارات دولار، وبالتالي فنحن أمام تقليص كبير بكتلة الموازنة العامة، وليس زيادة وفق التضليل الحكومي.
ويتابع طالب أن الأهم من أين ستأتي حكومة بشار الأسد بتلك المليارات؟ وذلك بعد تراجع التحصيل الضريبي وفوائض مؤسسات القطاع الحكومي، وتحوّل النفط الذي كان أهم مورد للخزينة إلى أكبر مستنزف اليوم، بعد التحول من تصدير نحو 150 ألف برميل حتى عام 2011 إلى استيراد نحو 200 ألف برميل اليوم (تستورد سورية بنحو 3 مليارات دولار نفط سنوياً، أي أكثر من نصف قيمة الموازنة).
عجز الموازنة
وحول عجز الموازنة العامة، يضيف المحلل السوري أنه كان عام 2011 نحو 195 مليار ليرة سورية (كان الدولار = 50 ليرة)، ثم قفز عام 2012 إلى 577 مليار ليرة، وهكذا بزيادة مستمرة حتى وصل العجز بموازنة عام 2022 إلى أربعة آلاف و118 مليار ليرة سورية، لكنه لم يسد بسبب عدم وجود أموال بالمصرف المركزي، معتبراً في الوقت نفسه أن العجز يفرض تباطؤ النمو الاقتصادي وزيادة الإيرادات الضريبية وارتفاع معدلات البطالة، وهو ما نراه اليوم بعد وصول نسبة البطالة إلى 83% وتراجع الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من 17 مليار دولار.
قول المحلل المالي السوري نوار طالب لـ"العربي الجديد"، إن الموازنة العامة للدولة "بتراجع مستمر" إذا ما قيست بأي عملة عدا الليرة السورية المتدهورة،
وبالنسبة لزيادة الدعم الاجتماعي وتخصيص كتلة لزيادة الأجور، يبيّن طالب أنها "أرقام على ورق"، فوفق موازنة عام 2022 قرأنا عن زيادة الدعم والأجور، ولكن عملياً لم تحصل، بل تراجعت قيمة الأجور جراء تهاوي سعر صرف الليرة، وزاد إنفاق الأسرة السورية عن 2.5 مليون ليرة، في حين معدل الرواتب لا يزيد عن 100 ألف ليرة سورية.
وكان المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي في سورية قد وافق على الاعتمادات الأولية لمشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2023 بمبلغ 16550 مليار ليرة سورية، بزيادة قدرها 24.2 بالمئة مقارنة بموازنة العام 2022.
وتم إقرار 1500 مليار ليرة لدعم الدقيق التمويني و3000 مليار لدعم لمشتقات النفطية و300 مليار لدعم السكر والأرز و7 مليارات لصندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية و20 ملياراً لصندوق التحول إلى الري الحديث، كما تم اعتماد كتلة الرواتب والأجور والتعويضات بنحو 2114 مليار ليرة، بزيادة 33 بالمئة عن موازنة العام 2022.