موازنة بريطانية ضد التضخم مع دعم الأسر والشركات بمئات المليارات

23 سبتمبر 2022
الوزير كوارتنغ متأبطاً مشروع موازنة الحكومة في 11 داونينغ ستريت (Getty)
+ الخط -

فيما يلوح شبح الركود في الأفق، كشفت الحكومة البريطانية الجديدة، اليوم الجمعة، عن مشروع موازنتها التي تتضمن إجراءات بعشرات مليارات الجنيهات الإسترلينية، هدفها دعم الأسر والشركات المتضررة من الغلاء مع بلوغ معدل التضخم مستويات لم يشهدها منذ عقود، فيما قدّر "بنك باركليز" سابقا أن تصل تكلفة الحزمة الحكومية الإجمالية إلى 235 مليار جنيه إسترليني (267 مليار دولار)، أي أكثر بكثير من خطة حماية الوظائف أثناء وباء كورونا.

وقال وزير المالية كواسي كوارتنغ، اليوم، إن الحكومة ستنشر خطة لخفض الديون كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، حيث طرح حزمة باهظة الثمن لدعم الناس بفواتير الطاقة والتخفيضات الضريبية.

وقال مكتب إدارة الديون في المملكة المتحدة إنه رفع خطط إصدار سندات الديون للسنة المالية الحالية بمقدار 72.4 مليار جنيه إسترليني (81 مليار دولار) إلى 234.1 مليار جنيه إسترليني استجابة لذلك. (1 جنيه= 1.1184 دولار)

كوارتنغ خاطب البرلمان في بيان مالي قائلاً إنه "في الوقت المناسب، سننشر خطة مالية متوسطة الأجل، تحدد نهجنا المالي المسؤول بشكل كامل، بما في ذلك كيف نخطط لخفض الدين كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط".

وقال كوارتنغ إن حزمة دعم الطاقة ستتكلف 60 مليار جنيه إسترليني (67.22 مليار دولار) على مدى الأشهر الستة المقبلة، بينما تقدر التخفيضات الضريبية المعلنة بنحو 45 مليار جنيه إسترليني.

كما أوضح أن مكتب مسؤولية الميزانية سينشر توقعات اقتصادية ومالية كاملة قبل نهاية العام، متضمنة تكاليف الإجراءات المعلن عنها اليوم الجمعة.

وفي مارس/آذار الماضي، توقع مكتب الميزانية العمومية المستقل اقتراض 99.1 مليار جنيه للسنة المالية 2022/ 23 و50.2 مليار جنيه لعام 2023/ 24، بما يعادل 3.9% و1.9% من الناتج المحلي الإجمالي على التوالي.

الاقتراض والتخفيضات الضريبية التاريخية ترسم ملامح الأجندة البريطانية الجديدة

بذلك أطلق وزير المالية العنان لتخفيضات ضريبية تاريخية وزيادات ضخمة في الاقتراض، في هذه الأجندة التي فاجأت الأسواق المالية، مع السقوط الحر للسندات الحكومية البريطانية.
وألغى كوارتنغ أعلى معدل لضريبة الدخل في البلاد، كما حدد للمرة الأولى تكلفة خطط الإنفاق الخاصة برئيسة الوزراء ليز تراس، التي تريد مضاعفة معدل النمو الاقتصادي في بريطانيا.

وباع المستثمرون السندات الحكومية قصيرة الأجل بأسرع ما يمكن، مع اقتراب السندات لأجل عامين من تسجيل أكبر انخفاض في يوم واحد منذ عام 2009 على الأقل.

وقال كوارتنغ إن دعم فواتير الطاقة المنزلية الذي أعلنته تراس ستبلغ تكلفته 60 مليار جنيه للأشهر الستة المقبلة. كما قال إن تكلفة التخفيضات الضريبية ستبلغ 45 مليار جنيه إسترليني أخرى.

أدنى مستوى للجنيه الإسترليني في 37 عاماً

وانخفض الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى جديد له في 37 عاما مقابل الدولار عند 1.1148 دولار مع التحديث الذي أعلنه كوارتنغ في البرلمان.

وقال الوزير: "خطتنا هي توسيع جانب العرض بالاقتصاد من خلال الحوافز الضريبية والإصلاح". وأضاف أن "هذه هي الطريقة التي سنتنافس بها بنجاح مع الاقتصادات الديناميكية حول العالم. هذه هي الطريقة التي سنحول بها حلقة الركود المفرغة إلى دورة نمو محمودة".

ووصف حزب العمال المعارض الخطط بأنها "مقامرة يائسة"، فيما قال معهد الدراسات المالية إن التخفيضات الضريبية هي الأكبر منذ ميزانية عام 1972، والتي يُذكر على نطاق واسع أنها انتهت بكارثة بسبب تأثيرها التضخمي.

ويصعب أن تكون الأوضاع بالسوق مناوئة أكثر بالنسبة لكوارتنغ، إذ جاء أداء الجنيه الإسترليني أسوأ مقابل الدولار من أي عملة رئيسية أخرى تقريبا.

ويأتي معظم انخفاض الجنيه الإسترليني انعكاسا للرفع السريع في أسعار الفائدة الذي أقره مجلس الاحتياطي الاتحادي (المركزي الأميركي) لترويض التضخم الذي أدى إلى اضطراب الأسواق، لكن بعض المستثمرين قلقون أيضا إزاء استعداد تراس للاقتراض بشكل كبير لتمويل النمو.

تحديد فواتير الطاقة

وسبق أن أعلنت بريطانيا يوم الأربعاء الماضي، عن خطة مدتها 6 أشهر لدفع حوالي نصف فواتير الطاقة للشركات.
وكانت رئيسة الوزراء ليز تراس قد أطلقت بالفعل تجميدا لأسعار الطاقة المنزلية لمدة عامين. ومع ذلك، لن يجري التطبيق حتى يواجه البريطانيون ارتفاعا كبيرا آخر في فواتير الغاز والكهرباء في بداية أكتوبر/تشرين الأول القادم.

وسيكون متوسط فاتورة الطاقة السنوية للأسرة المعيشية بحد أقصى 2500 جنيه إسترليني حتى عام 2024، لكن من المتوقع أن ينفق الكثيرون أكثر من ذلك للحفاظ على دفء المنازل خلال فصل الشتاء.

وستُحدد أسعار الكهرباء والغاز بالجملة للشركات -وكذلك المؤسسات الخيرية والمستشفيات والمدارس- بنصف التكلفة المتوقعة في السوق المفتوحة.

ولن تستفيد شركات الطاقة البريطانية، بما في ذلك شركة "بريتيش بتروليوم" وشركة "شل" من الحد الأقصى، لأنها تتمتع بأرباح عالية بعد غزو أوكرانيا من قبل منتج النفط والغاز الرئيسي روسيا.

وطالب حزب العمال المعارض، الرئيسي في بريطانيا، الحكومة بتمديد ضريبة غير متوقعة على شركات الطاقة، أطلقها سوناك في وقت سابق من هذا العام. لكن تراس استبعدت مثل هذه الخطوة، بحجة أن الضرائب الإضافية تعوق الانتعاش الاقتصادي والجهود التي تبذلها مجموعات الطاقة للانتقال إلى شركات صديقة للبيئة.

ويعتبر النمو في صميم سياسة الحكومة الجديدة، حيث حدد كوارتنغ يوم الأربعاء خططا لتغيير نظام الرعاية الاجتماعية.

إضرابات وارتفاع في الأسعار

ومع ارتفاع الأسعار بشكل صاروخي، تتآكل قيم الأجور، مما أدى إلى أكبر إضراب شهدته بريطانيا منذ أكثر من 30 عاما. فمن قطاع السكك الحديدية إلى الخدمات البريدية وحتى المحامين، ينفذ عشرات الآلاف من العمال نشاطا صناعيا يهدف إلى تأمين رواتب أكبر.

وفي الوقت نفسه، تؤدي أسعار الفائدة المرتفعة التي تهدف إلى تهدئة التضخم المرتفع إلى الإضرار بالمستهلكين والشركات، فضلا عن زيادة تكلفة الاقتراض الحكومي.

وقد رفع بنك إنكلترا المركزي، أمس الخميس، سعر الفائدة الرئيسي نصف نقطة مئوية أخرى إلى 2.25%، محذراً من أن المملكة المتحدة ستنزلق إلى الركود في الربع الثالث الحالي.

المساهمون