استمع إلى الملخص
- تتضمن موازنة 2025 زيادة كبيرة في الإنفاق العسكري، مع تخصيص 117 مليار شيكل للحرب وزيادة دعم جنود الاحتياط، رغم الخسائر الاقتصادية.
- لمواجهة العجز، تسعى وزارة المالية لفرض ضرائب جديدة وخفض الإنفاق العام، مما يضع ضغوطاً على المواطنين ويهدد بتفاقم الأوضاع الاقتصادية.
لا صوت يعلو فوق صوت الحرب داخل إسرائيل، كل إمكانيات دولة الاحتلال موجهة إلى دعم حرب طويلة وإبادة جماعية تخوضها إسرائيل في غزة ثم لبنان منذ أكثر من عام. فالجزء الأكبر من موازنة إسرائيل والإيرادات العامة للدولة مخصص لشراء مزيد من الأسلحة الفتاكة لخوض تلك الحرب الطويلة وعلى جبهات عدة بما فيها جبهة إيران، وتمويل استدعاء مزيد من جنود الاحتياط ونشر آلاف الجنود في مناطق القتال، والإنفاق عليهم لكسب ولائهم.
حكومة نتنياهو المتطرفة باتت توجه إيرادات الدولة وناتج أنشطة الاقتصاد إلى دعم المجهود الحربي الذي بات يحتل البند الأكبر في المخصصات المالية، وزيادة الإنفاق العسكري بمعدلات قياسية، وتخصيص أموال باهظة لاستيراد أحدث الأسلحة رغم الخسائر الفادحة في صفوف جيش الاحتلال والقطاعات الاقتصادية ومالية الدولة.
موازنة إسرائيل لعام 2025 ترجمة دقيقة لذلك، فبعد تأجيلات وخلافات استمرت شهوراً مررت حكومة الاحتلال يوم الجمعة الماضية، الميزانية الجديدة التي يتجاوز حجمها 607.4 مليارات شيكل (162 مليار دولار).
نظرة تفصيلية لموازنة العام الجديد نلحظ أن الجزء الأكبر منها مخصص للمجهود الحربي، فقد تضمنت بنودها زيادة باهظة في الإنفاق على الحرب الطويلة
ولأنها ميزانية عسكرية بامتياز، فقد عبر عنها وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش قائلاً إن "الهدف الرئيسي لميزانية 2025 هو الحفاظ على أمن إسرائيل وتحقيق النصر على جميع الجبهات، مع حماية مرونة الاقتصاد الإسرائيلي والمحافظة على صموده"، وتأكيده أيضاً أن "الميزانية ستساعد وتدعم احتياجات الحرب حتى تؤدي إلى نصر يسمح للاقتصاد الإسرائيلي القوي بالنمو والازدهار لسنوات عديدة".
وفي نظرة تفصيلية تجاه موازنة إسرائيل للعام الجديد نلحظ أن الجزء الأكبر منها مخصص للمجهود الحربي، فقد تضمنت بنودها زيادة باهظة في الإنفاق على الحرب الطويلة والتي سيتم تمويل جزء منها عبر فرض أعباء ضريبية جديدة على المواطن، وخفض الإنفاق العام، وتقليص مخصصات الوزارات الخدمية.
وبحسب الموازنة 2025، سيكون الإنفاق على الحرب هو البند الأكبر في مخصصات دولة الاحتلال، حيث يبلغ إجماليه 117 مليار شيكل، وهو أعلى بنسبة 80% من خطة ما قبل الحرب لعام 2024. كما تم تخصيص حزمة إضافية بقيمة تسعة مليارات شيكل لدعم جنود الاحتياط.
ولأن هدف تلك الخطوة هو رفع مستوى الاستعدادات لحرب طويلة في غزة ولبنان ورفع الروح المعنوية عند جنود الاحتلال، خاطب سموتريتش جيش الاحتلال عقب تمرير الموازنة قائلاً إن "هذه الموازنة هي بشرى سارة لجنود الاحتياط الذين تركوا كل شيء وخرجوا للدفاع عن الوطن".
وبالأرقام أيضاً بات الإنفاق على الحرب في إسرائيل يبلغ نحو 6% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أعلى بكثير من نسبة 4.2% التي أُنفقت في عام 2022 وأزيد من متوسط الإنفاق في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية البالغ 1.7%.
الإنفاق على الحرب هو البند الأكبر في مخصصات دولة الاحتلال، حيث يبلغ إجماليه 117 مليار شيكل، وهو أعلى بنسبة 80% من خطة ما قبل الحرب لعام 2024
وبسبب ضخامة الإنفاق العسكري ووجود عجز كبير في موازنة إسرائيل الجديدة تبحث وزارة المالية كيفية تدبير هذا المبلغ في ظل تراجع الإيرادات من الضرائب والأنشطة المختلفة، كما تفاوض شعبة الميزانيات لدى الوزارة الوزارات المختلفة للاتفاق على خطوات محددة لخفض الإنفاق العام، وتوفير السيولة النقدية والأموال التي سيتم تحويلها إلى الإنفاق العسكري. ومن بين الوزارات الجاري التفاوض لخفض مخصصاتها: الصحة، والتعليم، والرفاه والشؤون الاجتماعية، والداخلية.
ليس هذا هو الملمح الرئيس في موازنة دولة الاحتلال الجديدة، فقد تضمنت موازنة 2025 حزمة من الزيادات الضريبية التي يتحملها المواطن الذي يعاني أصلاً تضخم المعيشة وغلاءها، مع خفض الإنفاق العام للدولة بقيمة 40 مليار شيكل تقريباً، في محاولة لكبح جماح العجز في الميزانية الذي بلغ الآن 8.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
ورغم إقرار حكومة الاحتلال موازنة 2025 بوجود عجز كبير، لكن هذا العجز مرشح لقفزات مع استمرار الحرب على غزة وفي لبنان، وتزايد القلاقل مع إيران التي هددت مجدداً بمهاجمة إسرائيل، وضعف أداء الاقتصاد والمالية الإسرائيلية وهروب الأموال والاستثمارات المباشرة.
المواطن الإسرائيلي داخل دولة الاحتلال هو من يتحمل وحده كلفة الحرب التي يخوضها نتنياهو وعصابته لهدف لن يتحقق وهو إقامة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، وفي المقدمة الطبقة المتوسطة التي تعاني ضغوطاً مالية شديدة.