مهمة بايدن الصعبة لاستعادة الوظائف الأميركية

09 ابريل 2021
ارتفاع البطالة في نيويورك بين المهاجرين الجدد (Getty)
+ الخط -

رغم أنها جاءت أفضل كثيراً من التوقعات، وساهمت في إشاعة الشعور باستعادة الاقتصاد لنشاطه أقرب مما كان منتظراً، مازالت أرقام الوظائف والبطالة في الولايات المتحدة، بعد أكثر من عام من بدء انتشار الوباء، وصدور أوامر الإغلاق التي استهدفت الحد من انتشاره، تشير إلى أن مهمة استعادة الوظائف التي فُقدت، وتقع الآن على عاتق الرئيس جوزيف بايدن، لن تكون بالمهمة السهلة، وأن الفشل في إنجازها على الوجه الأمثل قد يؤدي إلى نتائج كارثية في صناديق انتخابات الكونغرس المقررة في العام القادم.

وأظهرت بيانات وزارة العمل الأميركية، التي تم الإعلان عنها يوم الجمعة الماضي، أن الشركات أضافت نحو 916 ألف وظيفة خلال مارس / آذار المنتهي، وهي أكبر إضافة للوظائف منذ أغسطس / آب 2020.

واعتبر محللون اقتصاديون أن الإضافة الكبيرة ربما تمثل دفعة قوية لاستعادة الملايين لوظائفهم التي فقدوها العام الماضي، وبصفة خاصة في الصناعات والمناطق والأقليات التي أصابها أكبر الضرر خلال فترة احتدام أزمة الوباء.

الشركات الأميركية أضافت نحو 916 ألف وظيفة خلال مارس / آذار المنتهي، وهي أكبر إضافة للوظائف منذ أغسطس / آب 2020

ومع ذلك، فإن نظرة متعمقة في الأرقام تشير إلى أن الاقتصاد الأكبر في العالم مازال بعيداً عن معدل البطالة 3.5% الذي تم تحقيقه في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب قبل ظهور الوباء، والذي مثل أقل مستوى له في ما يقرب من خمسة عقود.

وبعد عامٍ تقريباً من تحقيق المعدل، وبعد كل ما تمت إضافته من وظائف خلال الفترة الماضية، مازال معدل البطالة في الولايات المتحدة فوق 6%، بعدد وظائف يقل بنحو 10 ملايين وظيفة عما كان عليه مطلع العام الماضي، وهو ما يعني أن استمرار إضافة الوظائف بنفس المعدل (القوي) الذي تحقق الشهر الماضي، لن يصل بمعدل البطالة إلى المستوى الذي اعتبره البعض قريباً من مستوى التوظيف الكامل قبل مرور أربعة عشر شهراً.

وفور إعلان بيانات وزارة العمل، نشر معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، أحد أهم مراكز الأبحاث الاقتصادية في العالم، دراسة أشارت إلى المعدل البطئ الذي يتم به استعادة الوظائف في سوق العمل الأميركية، مستعيناً بمفهوم "نسبة التوظيف للسكان"، الذي يقيس نسبة عدد العاملين من المدنيين البالغين إلى تعداد السكان، والذي ظهر أنه رغم ارتفاعه في مارس/ آذار إلى 57.8%، مازال أقل مما كان عليه في شهر فبراير/ شباط 2020 والبالغ 61.1%، الذي بدأت بعده موجة التسريحات من الشركات .

وقال جيسون فورمان، كبير الباحثين بالمعهد وأستاذ السياسة الاقتصادية بجامعة هارفارد، وويلسون باول الثالث، الباحث بمعهد بيترسون، اللذان اشتركا في إعداد الدراسة، إن "التغير في نسبة التوظيف للسكان يعكس التغير في أعداد المتعطلين كما التغيير في معدل مساهمة القوى العاملة، ليعكس التغير الحقيقي في أرقام التوظيف". وأكد الباحثان أن الأرقام تعكس العدد الضخم من الأميركيين الذين توقفوا عن البحث عن وظيفة خلال الفترة الأخيرة.

وتسببت إعانات البطالة الضخمة الاستثنائية التي أقرها الكونغرس منذ منتصف 2020 في تفضيل الكثيرين البطالة عن البحث عن عمل، حيث تمكن بعضهم من الحصول في بعض الأحيان على تأمينات بطالة تتجاوز ثلاثة آلاف دولار في الشهر، وهو ما يقترب من ضعف ما يتحصل عليه من يعملون عند الحد الأدنى للأجر.

وخلال الربع الأخير من العام الماضي، ولتجنب تشجيع الأميركيين على التعطل، تم تخفيض إعانات البطالة خلال حزم التحفيز التالية، والتي يستمر العمل بها حتى سبتمبر/ ايلول، إلا أن البعض مازال يعتمد عليها، لعدم وجود فرص عمل بأجر مرتفع يكفي جميع المتعطلين.

وأشار الباحثان إلى أن سوق العمل الأميركية فقدت منذ فبراير/ شباط 2020 نحو 8 ملايين وظيفة، بالإضافة إلى 2 مليون وظيفة كان يفترض إضافتها خلال نفس الفترة، وبالتالي يكون إجمالي ما تم فقده 10 ملايين وظيفة، لتكون الوظائف الحالية أقل مما ينبغي أن تكون عليه بنسبة 7%، مضيفين: "هذا يتجاوز نسبة تراجع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد خلال الفترة، والذي لم يتجاوز 4% مع نهاية الربع الأول من العام الحالي".

وأرجع الباحثان الاختلاف إلى أن الفئات الأقل إنتاجية كان لها النصيب الأكبر من فقدان الوظائف خلال العام الماضي.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وأكدت الدراسة أن أرقام الوظائف في مارس/ آذار كانت "رائعة بالمقاييس العادية، إلا أنها لن تؤدي إلى عودة التوظيف لمعدله الطبيعي قبل مايو/ آيار من 2021".

لكن يبدو أن الصورة ليست قاتمة كما يتصور المعهد، حيث شهدت حركة الطيران خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، التي كانت أطول من المعتاد بسبب عطلة يوم الجمعة العظيمة، اقتراب معدلات السفر مما كانت عليه قبل ظهور الوباء.

شركات الطيران تستدعي كل طياريها الذين تم تسريحهم مؤقتاً والذين كانوا في إجازة اختيارية

ويوم الاثنين، قالت شركة دلتا للطيران إنها استدعت كل طياريها الذين تم تسريحهم مؤقتاً، والبالغ عددهم 1713، بعد أن تسبب انخفاض عدد الطيارين المتاحين في إلغاء ما يقرب من مائة رحلة يوم الأحد الماضي. 
وفي إشارة أخرى إلى استعداد شركات الطيران لما قد يكون موسماً ساخناً، خاصة مع تزايد عدد المواطنين الحاصلين على المصل المضاد لفيروس كوفيد-19، أعلنت شركة طيران ساوث وست استدعاء 209 من طياريها الذي كانوا في إجازة اختيارية، ليعودوا إلى أعمالهم مع بداية شهر يونيو/ حزيران القادم، وقالت شركة طيران يونايتد إنها ستُعَيِّن 300 طيار جديد، بعد تزايد الطلب على السفر خلال الأسبوع الأخير.

ويوم الأحد، عبر الحواجز الأمنية في المطارات الأميركية ما يقرب من 1.5 مليون مسافر، مقارنة بنحو 122 ألفاً عبروها في نفس المناسبة من العام الماضي.
 

المساهمون