استمع إلى الملخص
- خسارة قناة السويس لنحو 60% من إيراداتها في أول شهرين من العام الجاري، بما يعادل 745 مليون دولار، بسبب التوترات في البحر الأحمر والسياسات التقييدية العالمية.
- توقعات بتعمق خسائر قناة السويس مع استمرار الحرب على غزة والتوترات الجيوسياسية، مما يدفع السفن لاختيار مسارات بديلة ويضع مصر أمام تحديات اقتصادية كبيرة.
قناة السويس التي تُعد أهم ممر ملاحي في العالم وواحدة من أهم موارد مصر من النقد الأجنبي، تعرضت لهزات عنيفة منذ اندلاع حرب غزة قبل ما يقرب من تسعة شهور، وتنامي اضطرابات البحر الأحمر بسبب استهداف جماعة الحوثي لسفن الشحن الإسرائيلية، ومهاجمة الجماعة اليمنية السفن التي ترفع علم الدول الداعمة للاحتلال في حربه الإجرامية على غزة وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا.
ووفقا لأرقام الحكومة المصرية وبيانات صندوق النقد الدولي، فقد خسرت قناة السويس نحو 60% من إيراداتها في أول شهرين من العام الجاري، وبما يعادل 745 مليون دولار، في حين تراجعت أعداد السفن المارة إلى 2.3 ألف سفينة مقابل نحو 3.9 آلاف خلال الفترة نفسها من العام 2023.
وعلى الرغم من حجب الحكومة أرقام إيرادات القناة عن الخمسة شهور الأولى من عام 2024، وعدم الكشف عنها حتى الآن، إلا أن وزير المالية محمد معيط قال في 20 مايو/أيار الماضي إن تقديرات بلاده تشير إلى تراجع الإيرادات بنسبة 60%، بسبب توترات البحر الأحمر القائمة. واعتبر أن أزمة البحر الأحمر، إلى جانب تباطؤ النشاط الاقتصادي وتراجع حركة التجارة والسياسات التقييدية المتبعة من قبل البنوك المركزية للتعامل مع الآثار التضخمية للأزمات العالمية، تؤثر سلبا على إيرادات مصر.
من المتوقع أن تتعمق خسائر قناة السويس في الفترة المقبلة وحتى نهاية الحرب على غزة، مع استمرار زيادة التوترات والمخاطر الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط
هذا في حين توقع رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع، بداية مارس/آذار الماضي، انخفاض إيرادات مصر من القناة خلال العام 2024 إلى نحو 5 مليارات دولار مقابل نحو 10.249 مليارات دولار بالعام 2023 ونحو 7.9 مليارات دولار في 2022، وذلك في حال استمرار توترات البحر الأحمر وتهديدات الحوثيين للملاحة عند باب المندب.
ويوم 28 إبريل/نيسان الماضي خرجت علينا وزيرة التخطيط المصرية، هالة السعيد، قائلة إن إيرادات قناة السويس انخفضت 50% بسبب اضطراب حركة الشحن في البحر الأحمر، ولم تحدد فترة زمنية. لكن الأرقام الرسمية أشارت إلى تراجع الإيرادات إلى نحو 575.1 مليون دولار خلال إبريل/نيسان الماضي بانخفاض 36.5%، عن إبريل عام 2023 والتي سجلت خلاله عائدات بنحو 904.5 ملايين دولار.
وعلى مستوى عدد السفن المارة عبر قناة السويس، فقد تراجعت بنسبة حادة بلغت 85% في الأشهر الستة الماضية، في حين زاد عدد السفن المارة عبر مسار رأس الرجاء الصالح أكثر من الضعف، وفقا لبيانات مارين ترافيك.
رغم حجب الحكومة أرقام إيرادات القناة عن الخمسة شهور الأولى من عام 2024، وعدم الكشف عنها حتى الآن، إلا أن وزير المالية محمد معيط قال في 20 مايو/أيار الماضي إن تقديرات بلاده تشير إلى تراجع الإيرادات بنسبة 60%
ومن المتوقع أن تتعمق خسائر قناة السويس في الفترة المقبلة وحتى نهاية الحرب على غزة، مع استمرار زيادة التوترات والمخاطر الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، حيث أدت هجمات الحوثيين على السفن التجارية المتوجهة لإسرائيل إلى تحويل مسار إبحارها إلى طرق أخرى وبعيدا عن القناة المصرية، أهم القنوات والمضائق حول العالم، وذلك لصالح رأس الرجاء الصالح، وقرار هيئة قناة السويس تمديد العمل بعدد من قرارات تخفيض رسوم عبور السفن والناقلات والتي تتراوح بين 15% و75% حتى نهاية 2024.
هذه الخسائر ستحرم مصر من مليارات الدولارات هذا العام، حيث إن قناة السويس تعد مصدرا رئيسيا للنقد الأجنبي الذي تعاني البلاد ندرة منه. كما تراهن الدولة على زيادة وتعظيم تلك الإيرادات مع شق تفريعة جديدة بلغت كلفتها 8 مليارات دولار في أغسطس/آب 2015. من يعوّض مصر عن خسائر قناة السويس التي تقدر بمليارات الدولارات؟
إسرائيل التي تصر على إشعال منطقة الشرق الأوسط وحرق قطاع غزة وقتل من فيه؟ أم الحوثيون الذين يربطون بين تبريد البحر الأحمر ووقف العدوان على غزة، أم الولايات المتحدة التي فشلت ضمن تحالف دولي في وقف هجمات الحوثيين وقمع ضرباتهم المتزايدة، أم دول إقليمية تعودت على سداد فاتورة دولة الاحتلال من وقت لآخر ودون مبرر واضح؟