استمع إلى الملخص
- يهدف التعيين إلى تحقيق الاستقرار في القطاع المصرفي السوري وتطوير آليات العمل لمواجهة التحديات الاقتصادية، مع التركيز على الشفافية والرقابة، رغم الجدل حول استمرار السياسات السابقة.
- يعتبر بعض الخبراء التعيين خطوة مؤقتة لإرضاء النساء، مؤكدين أن نجاح القيادة يعتمد على الكفاءة وليس الجنس، مع ضرورة دراسة التعيينات بعناية.
أصبح للنساء دور واضح في إدارة السياسة النقدية السورية مع تكليف ميساء صابرين بشغل منصب النائب الأول لحاكم مصرف سورية المركزي سابقاً، بتسيير أعمال المصرف حاكمة له للفترة الانتقالية. ويأتي قرار التكليف، أمس الاثنين، في ظل التطورات الأخيرة التي تشهدها البلاد بعد سقوط نظام الأسد، حيث بدأت القيادة العامة القائمة على تسيير العمل في القطاعات والمؤسسات بإصدار تعليمات باستبدال المدراء العامين والقياديين الذين شغلوا مناصبهم بقرارات من السلطة السابقة.
وبحسب مصادر مقربة من مواقع صنع القرار الحالية، فإن تعيين صابرين جاء لما تتمتع به من خبرة واسعة في القطاع المصرفي تمتد لأكثر من عقد من الزمان. وأشارت المصادر إلى أن هذا التكليف مؤقت ريثما تستقر الأوضاع وتُقر القوانين والأنظمة النافذة بعد انتخاب إدارة جديدة، وفق قوانين ودستور متوافق عليهما على المستوى الوطني.
والمكلفة ميساء صابرين خريجة اقتصاد مصرفي وحاصلة على درجة الماجستير في المحاسبة، وشغلت خلال مسيرتها المهنية العديد من المناصب القيادية في مصرف سورية المركزي في عهد الأسد، كان آخرها منصب النائب الأول لمحافظ البنك منذ العام 2018 حتى اليوم. كما يحفل سجلها بتوليها العديد من المسؤوليات في القطاع المصرفي في سورية، حيث شغلت منصب مديرة مديرية مفوضية الحكومة في مصرف سورية المركزي، ورئيسة قسم الرقابة المكتبية لدى المصرف، وكانت عضواً في مجالس إدارة عدة مؤسسات مالية حكومية، منها سوق دمشق للأوراق المالية، ومجلس المحاسبة والتدقيق، وهيئة الإشراف على التمويل العقاري، ومجلس النقد والتسليف.
مبروك تكليف السيدة ميساء صابرين بتيسير أعمال حاكم مصرف سورية المركزي كأول إمرأة تصل لهذا المنصب، وهو ما يجعلنا جميعا نحتفي بذلك كرد على كل الذين يشككون بعدم أهلية المرأة السورية في تبوأ أعلى المناصب القيادية بما فيها الرئيس، لكن التحدي الأكبر الذي يواجه السيدة صابرين اليوم هو… pic.twitter.com/HudyT0nAnH
— Radwan Ziadeh رضوان زيادة (@radwanziadeh) December 30, 2024
وتتطلع الحكومة الحالية إلى أن يساهم تكليف صابرين بتسيير أعمال المصرف في تحقيق المزيد من الاستقرار للقطاع المصرفي السوري، وتطوير آليات العمل المصرفي بما يتناسب مع التحديات الاقتصادية خلال الفترة المنوطة بها، والعمل على تكريس مبدأ الشفافية والرقابة على القطاع المصرفي، وتشجيع الاستثمار والنمو الاقتصادي.
لكن هذا التكليف أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية، حيث أعرب بعض المهتمين في الشأن الاقتصادي عن مخاوفهم من استمرار السياسات الاقتصادية الحالية، على اعتبار أن ميساء صابرين من مرحلة الأسد ومن المرضي عنهم في تلك المرحلة، معتبرين أن تعيينها هو "إعادة تجريب المجرب". وفي هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي رمزي حرب لـ"العربي الجديد"، إن "التعيينات التي تتم بالمرحلة الحالية تعتمد على العمل على إعادة تعويم بعض الشخصيات المحسوبة على النظام السابق، وإن ذلك يعتبر مؤشراً خطيراً، حيث إن صابرين من منظومة ساهمت بتراجع الاقتصاد السوري كغيرها من كادر المصرف السابق".
ويضيف حرب: "إذا ما جئنا لمسألة التعيين والعزل بحد ذاتها، فذلك خطأ ترتكبه إدارة الأمر الواقع، لأنها لا تحمل صفة رسمية منتخبة من الشعب، كما أنها لا تتمتع بسلطة دستورية تخولها التعيين والأمر، ولتصريف الأعمال كان يجب أن تبقى المنظومة السابقة والوضع على ما هو عليه في عهد الأسد، لأن مثل هذه القرارات مصيرية، ولو نظرنا إلى ما حدث من انهيار معيشي خلال المرحلة الأخيرة لعرفنا مدى الخطأ في ما يحصل".
ويتابع: "ليس لي أي موقف شخصي ضد الدكتورة ميساء صابرين، لكني أرى أن الشهادات والمناصب السابقة ليست شفيعاً لها لتكون قائدة جيدة للمصرف المركزي السوري، وإني أعتبر ما يحصل هو قرارات اعتباطية ولا تتمخض عن دراسات صحيحة للوضع".
أما الخبير الاقتصادي كمال العزام فيرى أن التعيين مؤقت، وهو إرضاء بطريقة ما للنساء السوريات بعد تصريحات مسؤولة مكتب المرأة التي تركت انطباعات متباينة، وخلفت هجوماً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي. ويشير العزام إلى أن جنس الموظف ليس مقياساً للنجاح، وسورية بحاجة لكل أبنائها، ولكن التعيين بهذه المناصب الإدارية الحساسة يجب أن يكون مدروساً بشكل جيد.