تعتزم السلطات الألمانية، إقامة محطات عائمة لاستقبال الغاز الطبيعي المسال، كحل مؤقت للاستيراد في إطار تحركاتها السريعة لتقليص الاعتماد على الغاز الروسي، بينما كانت قد أعلنت قبل أسابيع عن توجهها نحو إقامة منصات على الأرض، غير أنّها أدركت أنّ هذا الأمر قد يستغرق سنوات.
وذكرت صحيفة دي فيلت الألمانية، أنه وفقاً لخطة وزارة الاقتصاد يجب أن تصبح ألمانيا مستقلة عن إمدادات الغاز الطبيعي الروسي بشكل أسرع قبل الانتهاء من المحطات العادية على الأرض.
وبعد إعلان ميناءي هامبورغ وفيلهيلمسهافن، بناء منصة عائمة للغاز المسال، ينوي ميناء شليسفيغ هولشتاين القيام بخطوة مماثلة.
عمدت وزارة الاقتصاد إلى تكليف شركتي الطاقة "يونيبر" و"آر دبليو ايه" لاستئجار ثلاث محطات عائمة للغاز الطبيعي المسال، مشيرة إلى إمكانية تشغيلها في الشتاء القادم
وتستقبل المحطات العائمة الغاز المسال من الناقلة الموردة. وبحسب صحيفة دي فيلت، يمكن تخزين الغاز المبرد على 160 درجة تحت الصفر، وبالتالي تقليل حجمه بشكل كبير، وقد يسخَّن على المنصة إذا لزم الأمر وتحويله مرة أخرى إلى حالة غازية ثم ضخه إلى اليابسة عبر خطوط الأنابيب.
وفي الإطار، عمدت وزارة الاقتصاد إلى تكليف شركتي الطاقة "يونيبر" و"آر دبليو ايه" لاستئجار ثلاث محطات عائمة للغاز الطبيعي المسال، مشيرة إلى إمكانية تشغيلها في الشتاء القادم.
ووفقاً لوزير البيئة والطاقة في ولاية سكسونيا السفلى أولاف لييس، يمكن لمحطة واحدة معالجة ثمانية إلى تسعة مليارات متر مكعب من الغاز سنوياً، وبذلك يمكن لثلاث محطات أن تحقق ما يصل إلى 27 مليار متر مكعب.
وبالمقارنة مع العام 2020 تلقت ألمانيا حوالي 56 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من روسيا، أي أنّ ثلاث محطات عائمة من الغاز الطبيعي المسال كافية وحدها لاستبدال حوالي نصف إمدادات الغاز الطبيعي من موسكو.
ولتسريع العمل بهذا النوع من المحطات قال رئيس وزراء ولاية سكسونيا السفلى، شتيفان فايل، إنّ الولاية تريد أن تصبح موقعاً لاثنين من المنصات العائمة لاستقبال الغاز المسال المخطط لها.
وأشار فايل في مقابلة مع "دي فيلت" إلى أنّ إحدى المحطتين يمكن أن تدخل حيز التشغيل في الربع الأول من العام المقبل على أبعد تقدير، ويمكن أن تدخل الثانية التشغيل منتصف العام المقبل 2023.
في حين أعلنت ولاية هامبورغ أنها تعتزم دراسة الاستخدام قصير المدى لمحطة غاز عائمة في ميناء المدينة، قال العضو في مجلس الولاية المنتمي إلى الخضر ميشائيل بولمان في بيان صحافي، إن البحث عن الموقع يجري بالتزام كبير.
رئيس وزراء ولاية سكسونيا السفلى، شتيفان فايل: الولاية تريد أن تصبح موقعاً لاثنين من المنصات العائمة لاستقبال الغاز المسال المخطط لها
وفيما يتعلق بالجهات الأكثر تضرراً في حال توقفت إمدادات الغاز الروسي، نقلت شبكة "ايه آر دي" الإخبارية، عن الجمعية الفيدرالية لإدارة الطاقة والمياه، أن الصناعة تستهلك نحو ثلث إمدادات الغاز الطبيعي في ألمانيا، وتستخدمه الشركات بشكل أساسي لتوليد الحرارة للعمليات الصناعية.
وفي السياق، أشار هانز فيلهلم شيفر، المدير في مجموعة الطاقة من أجل ألمانيا التابعة لمجلس برلين العالمي للطاقة، في تصريحات لشبكة "ايه آر دي" إلى أن صناعات الزجاج والسيراميك والورق ومعالجة المعادن والكيميائيات الأساسية والأغذية والأسمدة من أكثر الصناعات استهلاكاً للغاز الطبيعي، إذ تتطلب كميات هائلة من هذه المادة.
وأضاف أنّ هذه القطاعات مجتمعة بحاجة لحوالي ثلثي الغاز الطبيعي في الصناعة الألمانية، لذا يجب تقدير الآثار الاقتصادية بجدية في حال توقف الإمدادات الروسية، سيما أن العديد من الصناعات تستخدم منذ سنوات الغاز الطبيعي لأسباب تتعلق بحماية المناخ.
وفي الإطار، اعتبر أستاذ اقتصاديات البيئة والموارد المستدامة في جامعة الرور في بوخوم الألمانية أندرياس لوشيل، أنّ "التغيير والبحث عن بدائل لا يبدو سهلا بالنسبة للشركات، وستكون هناك مشكلات كبيرة عند تعرض إمدادات الغاز الروسية لتهديدات جدية".
وتعتمد ألمانيا على الغاز الروسي بنسبة 49% لتدبير احتياجاتها. ونهاية مارس/آذار الماضي، فعّلت ألمانيا المستوى الأول من خطة طارئة لضمان توفير احتياجاتها من الغاز الطبيعي.
تعتمد ألمانيا على الغاز الروسي بنسبة 49% لتدبير احتياجاتها. ونهاية مارس، فعّلت ألمانيا المستوى الأول من خطة طارئة لضمان توفير احتياجاتها من الغاز الطبيعي
وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك للصحافيين، إنّ هذه الخطة الطارئة تشمل ثلاثة مستويات إنذار، وفي هذه المرحلة إن "أمن الإمدادات" بالغاز مضمون في ألمانيا والخزانات ممتلئة حالياً بنسبة 25%.
وتابع أنّ "الغاز والنفط يصلان حالياً وفقاً للطلبيات" و"الإجراء المتخذ مسألة وقائية"، مشيراً إلى أنّ وقف التسليم ستكون له "تداعيات خطيرة" لكنّ ألمانيا "ستتمكن من مواجهتها".