استمع إلى الملخص
- أوضحت رانيا المشاط أن مصر اتخذت إجراءات لمواجهة الأزمات الاقتصادية بالتعاون مع البنك الدولي والبنك الأوروبي، مشددة على أهمية مواجهة أزمة الديون العالمية لتحقيق نمو اقتصادي مستدام.
- أكد عمرو موسى على ضرورة دور مصر في تحقيق السلام وإعادة بناء قوتها الناعمة، داعياً للمشاركة في التحالفات الدولية وربط التطبيع مع إسرائيل بالاعتراف بدولة فلسطينية. كما شدد على أهمية الشفافية والانتقال الديمقراطي.
ساد التشاؤم في نقاشات منتدى القاهرة الذي نظمه المركز المصري للدراسات الاقتصادية، لإطلاق حوار دولي للخروج من الأزمات الاقتصادية والدولية في ظل العدوان على غزة ولبنان.
وقال الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، إن الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها المنطقة العربية والشرق الأوسط، لن تنتهي ولن يكون هناك اقتصاد ناجح إلا إذا كان هناك سلم يشع وينتشر في المنطقة، مؤكدا تشاؤمه بمستقبل الإقليم، في ظل ما ترتكبه إسرائيل من مجازر وحشية في غزة وعدوان على لبنان والأراضي العربية، وبقاء رئيس الحكومة نتيناهو في السلطة ليقود إسرائيل في حرب حتى نهاية العالم.
وشارك في المؤتمر الأول من منتدى القاهرة عدد من الوزراء، وكبار المسؤولين والخبراء الدوليين من مصر والأرجنتين وفرنسا وألمانيا واليونان والهند وإيطاليا والمغرب وجنوب أفريقيا وتونس والولايات المتحدة.
وأضاف موسى في حواره مع الخبراء وجمهور منتدى القاهرة أن التشاؤم يعم العالم، بعد فشل مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، وعدم قدرة المؤسسات الدولية، التي قامت لإدارة العالم وفقا لمعاهدة برايتون وودز ونظام فرانسسكو بعد الحرب العالمية الثانية، في مواجهة التحديات العالمية المعقدة. وأكد أن الوضع الدولي يأخذ منحى خطيراً، وينذر بعواقب وخيمة، القوى العظمى الأولى في طريقها للهبوط بما قد يدفعها إلى اتخاذ قرارات تهز العالم، بينما قوى بازغة مثل الصين تنأى بنفسها عن التحدي، بما أدى إلى العودة عن العولمة، التي أنعشت تجمعاتها اقتصاديات العالم، لم تعد أميركا ملتزمة بها، وإنما تطرح للمستقبل نظاما مخيفا.
وبيّن أنه بدون سلم لن تكون هناك تنمية ذات مغزى، مشددا على أن الخطر الكامن في مجلس الأمن، الذي فشل في وقف العدوان الإسرائيلي على غزة وانتهاك سيادة لبنان، سيظل مستمرا لعدة سنوات، حيث لا توجد حلول في الأفق لأن المعايير المزدوجة هي السبب الرئيس لفشل النظام الأمني في الأمم المتحدة وشلل مجلس الأمن، بما شجع إسرائيل على قتل البشر وحتى الحيوانات أمام أعيننا، بما أفقدنا الثقة في هذه القيادة للنظام الدولي.
غزة ولبنان في "منتدى القاهرة"
وأوضح الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، أن إسرائيل تمارس عدوانية مفرطة في حق الفلسطينيين، وأصبح جليا أن هناك خطة للاستيلاء على كل الأراضي في غزة والضفة ولبنان والجولان، وإخلاء السكان ليصبح الاحتلال أمرا واقعا، في ظل الدعم غير المحدود لإسرائيل بما جعل رئيس حكومتها يقول في الأمم المتحدة ومن داخل البيت الأبيض إنه يقود نظاما جديدا لإعادة تقسيم الشرق الأوسط. ونبّه عمرو موسى إلى أن التصرفات الإسرائيلية تدفع الجميع إلى القلق على مستقبل الإقليم بأكمله، وتنبأ بأنه سيواجه صعوبات كبيرة، ستؤثر على قطاع الأعمال، والاقتصاد في المستقبل، لأن الاقتصاد لن يكون ناجحا إلا إذا كان هناك سلم يشع نورا وينشر الثقة في المستقبل.
وتوقع عمرو موسى ألا يأتي السلام أو الاستقرار الاقتصادي في ظل وجود نتنياهو بالحكم، ولن يكون هناك حل إلا بقيام دولة فلسطينية، وضمانات مكتوبة بأن تكون ذات سيادة كاملة على أرضها وشعبها، وبضمانة الأمم المتحدة ورقابة مجلس الأمن، مشيرا إلى أن خروج مصر من الأزمة الاقتصادية لن يتم إلا عبر وضع مسار للمستقبل يتطلب دورا فعالا لإحداث السلام في المنطقة، وإعادة بناء القوى الناعمة في مصر اقتصاديا وثقافيا لتحقيق السلام في المنطقة، وإنهاء الازدواجية التي تمارس عند مناقشة الخلافات بين الدول الأفريقية، خاصة التي تتعلق بمخاطر المياه، والمشاركة في التحالفات التي تشكل النظام العالمي الجديد كــ"البريكس" لبناء اقتصاد قوي مستقل بعيد عن الهيمنة، ودعم الحوارات العربية التي تضمن رهن التطبيع مع إسرائيل بالاعتراف بدولة فلسطينية كاملة السيادة، وقابلة للاستمرار والاستدامة.
وذكر عمر مهنا رئيس مجلس إدارة المركز المصري للدراسات الاقتصادية "أننا نواجه حاليا عددا كبيرا من التحديات والأزمات العالمية، وهناك نشاط ملحوظ في دول الجنوب العالمي، بما يتطلب مناقشة التحديات، على المستوى المحلي والمشاركة في الحوار الدولي حول أهم القضايا العالمية، ومشاركة الرؤى والأفكار".
وأشارت مها عبد الناصر عضو مجلس النواب إلى عدم التزام الحكومة بالشفافية وتداول المعلومات، بما يعرقل الإصلاحات الاقتصادية، داعية إلى أهمية ربط برامج الإصلاح الاقتصادي بمسار الانتقال الديمقراطي في نفس الوقت، ومشاركة الشعب في الرقابة على الخطط والمصروفات العامة.
وتوقع الخبراء أن يسيطر الدولار على سوق العملات في العالم لفترة زمنية طويلة، رغم وجود بدائل أخرى مطروحة في الأسواق العربية والدولية كاليوان الصيني ومبادرات التبادل السلعي بالعملات المحلية، بين دول مجموعة "بريكس" والمبادلات التي تجري بين الإمارات والسعودية وإيران على بيع النفط للصين مقابل اليوان.
مواجهة الأزمات
وفي إطار منتدى القاهرة اليوم، قالت رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إن مصر طبقت العديد من الإجراءات لمواجهة الأزمة الاقتصادية، بداية من أزمة كوفيد 19، ثم الحرب الروسية الأوكرانية فحرب غزة، مؤكدة أن الهدف الرئيسي من خطة الإصلاح الاقتصادي هو استقرار الاقتصاد الكلي، حيث قام البنك المركزي بتخطي مشكلات العملة الصعبة، مع تنفيذ إصلاحات هيكلية وموازنة السياسات المالية والنقدية، وهو الدرس المستفاد من التجربة اليونانية، وهو ما تعمل عليه الحكومة المصرية بالفعل لاستعادة ثقة المستثمرين.
وأكدت أن الإصلاحات عملية مستمرة حيث تعمل الحكومة على عدد من إجراءات الإصلاح مع البنك الدولي والبنك الأوروبي، للوصول إلى تمويل مستقر في المستقبل، وضمان تدفقات الاستثمار من القطاع الخاص لاستمرار النمو وهو أحد الموضوعات التي تعمل عليها مجموعة الدول متوسطة الدخل
وأشار الخبراء في منتدى القاهرة إلى خطورة الدائرة المفرغة للديون التي أصبحت تمثل أزمة عالمية، تتفاقم بشكل كبير في الدول الأفريقية والنامية، منها مصر، التي ترجع بالأساس إلى حاجة هذه الدول الكبيرة للنمو بسرعة أكبر تدفعنا إلى طلب التمويل والاستثمارات من الخارج، وفي ظل فجوة الاستثمارات تلجأ الدول للاقتراض ولا تتمكن من تحقيق النمو المطلوب فتتفاقم مشكلة الدين وخدمة الدين.
وأضاف وزير الاستثمار الأسبق والمدير التنفيذي بصندوق النقد، محمود محيي الدين أن العالم يمر الآن بالموجة الرابعة من أزمة الديون التي تمثل إنذارا مبكرا حيث وصلت لمستويات مفزعة، مما يتطلب الحاجة إلى إعادة الهيكلة والحوكمة، مقترحا تأسيس نادي القاهرة الذي يتعامل مع كافة العناصر المحلية، على غرار نادي باريس لوضع بعض الحلول التي يجب تبنيها لمواجهة مخاطر الديون، وطالب أيضا بالتوصل لنموذج للنمو يتم تبنيه.
وأوضح وزير المالية المصري السابق أحمد كوجك أن مؤشرات صندوق النقد الدولي عن وضع الدين في مصر تبين ارتفاعه من 51% عام 2010 إلى 100% عام 2023، مشيرا إلى أن معدلات نمو الدين تسير بسرعة كبيرة تزيد عن سرعة معدلات النمو الاقتصادي، حيث تزيد سرعة نمو الدين بصورة تفوق نمو الناتج القومي خاصة في دول أفريقيا.
وفي الحالة المصرية، أشار الوزير إلى أن التعامل مع مشكلة الديون لن يتم إلا من خلال تحقيق النمو الاقتصادي المستهدف وأن يكون هذا النمو أكثر استدامة، وأن يكون لدينا التزام ببرامج وتحديد الأولويات، فعلينا إجراء إصلاحات ضريبية لبناء الثقة مما يجذب المزيد من الاستثمارات، واستغلال الموارد المالية بصورة أفضل، وزيادة دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، ونشر بيئة تنافسية تتسم بالشفافية.