عادة ما تحتل التبرعات الخيرية من باب المسؤولية الاجتماعية أو الدعاية الملمعة لصورة الشركات حيزا ضئيلا من حجم إيراداتها، لكن بعض المليارديرات اتخذوا قرارات تاريخية إما بالتبرع بثرواتهم كاملة، أو بجزء كبير جدا منها لدرجة أن بعضهم أصبح مفلسا.
ومن أبرز هؤلاء بيل غيتس وزوجته ميليندا وجيف بيزوس وزوجته السابقة ماكنزي سكوت ووارن بافيت. فماذا في التفاصيل؟
جيف بيزوس
أعلن مؤسس "أمازون" الملياردير جيف بيزوس عزمه التبرع بمعظم ثروته لجمعيات خيرية وهو على قيد الحياة، خلال مقابلة مع شبكة "سي أن أن" الأميركية بتاريخ 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2022،
وكانت هذه المرة الأولى التي يفيد بها رجل الأعمال البالغ 58 عاماً بتصريح مماثل علناً، لكنه لم يشر إلى "ذي غيفينغ بليدج" وهي مبادرة سبق وأطلقها الأميركيان وارن بافيت وبيل غيتس عام 2010 بهدف تشجيع أصحاب الملايين على التبرع بأكثر من نصف ثرواتهم للجمعيات الخيرية.
وتبلغ ثروة جيف بيزوس حالياً 124 مليار دولار، مما يجعله رابع أغنى شخص في العالم، بحسب شبكة "بلومبيرغ". وهو يحوز على صحيفة "واشنطن بوست" اليومية وشركة "بلو أوريجن" للصناعات الفضائية و"صندوق بيزوس إيرث" المخصص لكوكب الأرض والذي أطلقه عام 2020 مخصصاً له 10 مليارات دولار.
وفي 7 نوفمبر الجاري، ذكر بيان صادر عن مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن صندوق "بيزوس إيرث)" الذي أنشأه جيف تعهد بتقديم مليار دولار بحلول عام 2030 للمساعدة في حماية الغابات والتنوع البيولوجي.
وتعهد الصندوق حتى الآن بتقديم 30% من حجم رأسماله البالغ 10 مليارات دولار للحفاظ على الطبيعة ومساعدتها على التعافي، وهو يسعى إلى تشكيل تحالف مع دول أفريقية وأوروبية في قمة المناخ التي تعقدها الأمم المتحدة هذا العام لزيادة جهود إصلاح الغابات.
ماكنزي سكوت
وسبق أن تعهدت زوجة بيزوس السابقة ماكنزي سكوت التي تُقدّر ثروتها بنحو 24 مليار دولار، بالتبرع بما لا يقل عن نصف ثروتها للجمعيات الخيرية، عبر توقيعها على "ذي غيفينغ بليدج" عام 2019 بعد فترة وجيزة على طلاقها.
وفي أوائل عام 2021، تبرعت سكوت بستّة مليارات دولار لمنظمات عدة من دون فرض أي شروط تتعلق بمساهمتها هذه.
بيل وميليندا غيتس
وسبق بيزوس، في 14 يوليو/تموز 2022، تبرّع المؤسس المشارك لشركة "مايكروسوفت" الملياردير بيل غيتس بمبلغ 20 مليار دولار للمؤسسة الخيرية التي يديرها هو وزوجته السابقة ميليندا فرينش غيتس، لتعزيز أعمالها السنوية.
وقال في منشور على مدونته الشخصية إن التبرع سيساعد "مؤسسة بيل وميليندا غيتس"، إحدى أكبر المؤسسات الخيرية الخاصة في العالم، على زيادة مدفوعاتها السنوية 50% إلى 9 مليارات دولار بحلول عام 2026.
وأوضح غيتس أن آثار الأزمات التي تشمل ارتفاع التضخم زادت من الحاجة إلى زيادة الاستثمار في المجالات الأساسية التي تركز عليها المؤسسة وهي الصحة والتعليم والمساواة بين الجنسين والتخفيف من حدة الفقر.
ويرفع هذا التبرع منحة المنظمة، التي تأسست قبل 22 عاما، إلى نحو 70 مليار دولار، ومنها تبرع بمبلغ 3.1 مليارات من الملياردير الأميركي وارن بافيت قبل ذلك بشهر.
وارن بافيت
وفي 15 يونيو/حزيران 2022، أعلن بافيت تقديم أسهم في شركة "بيركشاير هاثاواي" تقدر قيمتها بنحو 4 مليارات دولار لمؤسسات خيرية، بما فيها "مؤسسة بيل وميليندا غيتس"، كجزء من الخطة السنوية التي بدأها منذ أكثر من 10 سنوات.
وتم التبرع بأكثر من 14 مليون سهم من أسهم "بيركشاير" من الفئة (ب)، لخمس مؤسسات خيرية، بما في ذلك تلك التي يديرها أبناؤه، وفقاً لشبكة "بلومبيرغ".
وأسس بافيت البالغ من العمر 91 عاماً أحد أكبر الثروات في العالم من شركته في "أوماها"، وتعهد بالتبرع بجميع أسهم "بيركشاير" التي يمتلكها للعديد من المؤسسات الخيرية بعد وفاته، وهي خطة أوضحها في خطاب 2019 السنوي للمساهمين.
وسيؤدي التبرع الأخير، إلى تقليل ثروة بافيت إلى 96.3 مليار دولار، وهو ما يكفي لخفض ترتيبه مركزاً واحداً ضمن مؤشر "بلومبيرغ" للمليارديرات.
يُشار إلى أن المؤسسات الخيرية الخمس التي حصلت على تبرعاته هي "شيروود" و"مؤسسة هوارد جي بافيت" و"مؤسسة نوفو"، إضافة إلى المؤسسة الخيرية التي سُمّيت على اسم زوجته الراحلة "مؤسسة سوزان طومسون بافيت".
تشاك فيني
وشكل تاريخ 19 سبتمبر/أيلول 2020 علامة فارقة بين أبرز المتبرّعين، حيث قرر الملياردير الأميركي الأيرلندي الأصل تشاك فيني التخلي عن ثروته البالغة 8 مليارات دولار بينما لا يزال على قيد الحياة ليرى التأثير الذي تحدثه.
صحيفة "ذا غارديان" البريطانية أوردت آنذاك أن فيني كوّن ثروته على مدار 38 عاما من إمبراطورية التسوّق المعفاة من الرسوم الجمركية، وقدّم هبات للجمعيات الخيرية والجامعات في جميع أنحاء العالم بهدف السعي لتحقيق الصفر، للتخلي عن كل شيء".
آنذاك، نقل فيني الذي كان يبلغ من العمر 89 عاما، كل ثروته إلى مؤسسة أنشأها سرا عام 1982 ونفدت كل أمواله، وأثناء توقيعه أوراق حل المؤسسة رسميا، قال وهو يعاني من حالة صحية سيئة، إنه راضٍ جدا عن إكمال ما تبقى له من وقت في شقته الصغيرة المستأجرة في سان فرانسيسكو.
ووجّه فيني رسالة لفاحشي الثراء الذين تعهدوا بالتخلي عن جزء من ثرواتهم لكن فقط بعد وفاتهم، قائلا: "لأولئك الذين يتساءلون عن العطاء أثناء العيش، حاولوا ذلك وسوف يعجبكم"، معتبرا أن "الثروة تجلب المسؤولية" لاستخدام بعض الأصول من أجل تحسين حياة أقرانهم من البشر.