أكدت مصادر برلمانية مصرية أن مناقشة مشروع تعديل قانون الإيجارات القديم لغرض السكنى تأتي ضمن أولويات أجندة جلسات مجلس النواب خلال الدورة المقبلة، والتي ينتظر أن تبدأ في أول أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، فيما يرى محللون للأوضاع الاقتصادية والسياسية أنه من الصعوبة إقرار التعديل خلال المرحلة المقبلة، نتيجة عدم استعداد الدولة اقتصاديًا وسياسيًا لتبعات التطبيق.
الحل المرحلي
وأضاف: "المشروع المقترح سيقسم الوحدات المؤجرة إلى 3 فئات، الأولى عقارات مغلقة تمامًا، والثانية عقارات مؤجرة ومستأجروها يمتلكون عقارات أخرى، وهاتان الفئتان سيتم سحب الوحدات المؤجرة منهما وتسليمها لأصحابها، أما الفئة الثالثة، فهي التي ما زالت في حاجة للوحدة المؤجرة ولا تمتلك بديلا".
وأشار إلى أن الفئة الأخيرة، كأصحاب المعاشات مثلًا، سيتم دفع الفرق بين الإيجار الجديد والقديم من صندوق سيتم تخصيصه لهذا الغرض، أو تعويضه بسكن آخر يتم دعمه من هذا الصندوق.
ولفت إلى أنه من ضمن المواد المقترحة سيكون هناك التزام كامل بعمل الصيانات الدورية عبر شركات متخصصة، حماية لأرواح الساكنين.
3.2 ملايين وحدة عقارية تحت مظلة قانون الإيجار القديم
هزة مجتمعية
ويعتقد عبدالنبي عبدالمطلب، الباحث في الشؤون الاقتصادية، أنه من شبه المستحيل إقرار قانون الإيجارات القديم خلال الدورة المقبلة، لأنه عند التطبيق ستحدث معارضات وقضايا تتعلق بالسلام الاجتماعي، في الوقت الذي تمر به الدولة بأزمة اقتصادية خانقة.
وتابع: "حتى في حال تمكن الدولة من الإعلان عن تعويض المتضررين، فلن يتقبل السكان هذا الأمر بالسهولة، وخاصة أن الحكومة لها تجارب سابقة في تهجير الأهالي من بعض المناطق وعدم تعويضهم، بالشكل المناسب لظروفهم، فالإقدام على إقرار القانون في مثل هذه الظروف غير محمود العواقب".
وأشار أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء بالغرفة التجارية، إلى أنه "على المشرع أن يتوصل إلى إيجاد حلول وسطية بين المالك والمستأجر، بشرط عدم تعرض أي من الطرفين لأضرار يصعب تلافيها، حتى لا تحدث هزة مجتمعية عند تطبيق القانون".
1.7 مليون وحدة مؤجرة أغلقها أصحابها
واقترح آخرون إنشاء صندوق من قبل الدولة لتعويض المتضررين، فيما ترى فئة أخرى أن يتم تقييم العقار، على أن يحصل المستأجر على 40 في المائة من القيمة مقابل خروجه، أو يدفع 60 في المائة لصاحب العقار حال تملكه.
ظلم القانون
ويشكو منير عريان، أحد المتضررين من قانون الإيجارات القديم، إذ إنه وإخوته يمتلكون عقارًا في إحدى المناطق الشعبية بالقليوبية (شمال القاهرة) على مساحة 120 مترًا، ومكون من 3 طوابق، ويتعدى سعره الآن 1.2 مليون جنيه، ويتقاضون شهريًا 86 جنيهًا (إيجار شقتين)، أما الثالثة فقد دفعوا للمستأجر 25 ألف جنيه وتم إخلاؤها.
ويعلق ساخرًا: "إحدى المستأجرات تتقاضى معاشًا يفوق 8 آلاف جنيه، وعندما خلت العمارة من السكان وشعرت بالوحدة، أغلقت شقتها، واستأجرت أخرى بألف جنيه".
الحكومة تتجه للحل المرحلي لحين وجود بدائل للمستأجرين
ويقترح عمل بحث حالة عن المستأجرين، فمن يتخطى دخله حدا معينا يتم تحديده من قبل الخبراء، عليه ترك العين المؤجرة لأصحابها، أو إعادة تأجيرها بالنظام الجديد، أما المستأجرون من محدودي الدخل، فيتم منحهم فرصة انتقالية تصل لخمس سنوات من إقرار تعديل القانون القديم، شريطة أن توفر لهم الدولة وحدات في الإسكان الشعبي.
تخوف حكومي
وأوضح أحد نشطاء المجتمع المدني المشاركين في مناقشة مشروع القانون الجديد داخل مجلس النواب أنهم تقدموا بمقترح لحل مشكلة الإيجارات القديمة، ينص على أن العقار الصادر له قرار إزالة يتم إخلاؤه فورًا وتسليمه لصاحبه في مدة لا تتجاوز 6 أشهر حفاظًا على حياة ساكنيه، ويعطى المستأجرون المستفيدون من القانون القديم فترة انتقالية لمدة 3 سنوات، على أن يتم احتساب إيجار جديد خلال تلك الفترة يبدأ من 450 جنيهًا لشقة حجرتين وصالة، تزيد 10 في المائة كل عام من الفترة الانتقالية، أما السكن الإداري أو التجاري فيعطى مهلة عامًا واحدًا على أن يرتفع الإيجار إلى 5 أمثال قيمته الحالية.
ويرى أن أحد أسباب تأجيل تعديل قانون الإيجارات القديم لغرض السكنى يرجع لتخوف الحكومة من عدم وجود موارد كافية لتعويض الفئات المتضررة، حيث إنه وفقًا للدستور فإن الدولة مسؤولة عن توفير مسكن لكل مواطن.
ويتابع: "طبقًا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء، فإن هناك حوالي 3.2 ملايين وحدة سكنية مؤجرة وفقًا للقانون القديم، منها أكثر من 1.3 مليون وحدة مغلقة، أما المشغولة فمعظمها لقادرين وفقًا للحد الأدني للأجور الذى أقرته الدولة، وفي ظل وجود فائض في وحدات الإسكان الاجتماعي، مع التسهيلات الممنوحة من الدولة في مسألة التمويل العقاري بفائدة متناقصة 3 في المائة، وعلى فترة سداد 30 سنة، تصبح المسألة محلولة".
وكان مجلس النواب قد وافق في وقت سابق على تعديلات قانون الإيجار القديم للشخصيات الاعتبارية لغير السكني، والتي تمنح الأشخاص الاعتبارية مهلة لا تجاوز 5 سنوات، مع زيادة القيمة الإيجارية 5 أمثال القيمة السارية حاليًا، وترتفع سنويًا بنسبة 15% خلال السنوات الأربع التالية.
ونظمت التعديلات الإجراءات القضائية والقانونية المتعلقة بإخلاء المكان المؤجر في اليوم التالي لانتهاء الحد الأقصى للمدة المبينة بالقانون (5 سنوات) في حالة امتناع المستأجر عن ذلك، فيما أوضح المستشار حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، أن "من حصل على حكم قضائي نهائي فيما يخص الإخلاء لا يخضع لهذا القانون"، وهو ما يعني عدم تطبيق القانون بأثر رجعي.